خليل يُستدعى إلى "مهام أخرى"!!! زرهوني في منصب " الحارس الأمين " ، وزراء لحقائب الخبرة وسلطاني لم يعد في تعديل حكومي يعتبره البعض مفاجئا ومباغتا وأكثر سرعة مقارنة بالتعديلات السابقة، سرّح الرئيس بوتفليقة كلا من شكيب خليل، الهاشمي جعبوب، عز الدين ميهوبي، حميد بصالح، وجرّدهم على التوالي من حقائب: الطاقة، التجارة، الإتصال، البريد والإتصالات، فيما جدّد رئيس الجمهورية الثقة في وزراء كان يعتقد البعض أن سيف الحجاج سيقطف رقابهم في أول تعديل حكومي، بينهم عمار غول، حميد تمار، جمال ولد عباس وأبو بكر بن بوزيد وسعيد بركات . في قراءة أوّلية للتعديل الحكومي، يتبيّن أن هذا التغيير هو أعمق عملية جراحية يخضع لها الجهاز التنفيذي، ومع تجديد الثقة في أحمد أويحيى، وزيرا أوّل، وتعيين يزيد زرهوني نائبا له، حافظ عبد العزيز بلخادم على حقيبته كوزير دولة ممثلا شخصيا لرئيس الجمهورية، فيما هذا التعديل الذي بدأ الحديث عنه منذ نحو الأسبوع تقريبا، لم يسمح بعودة أبو جرة سلطاني، الذي كان قد أعلن إستعداده للعودة إلى الحكومة، بعد ما ضيّع حقيبته في التعديل الأخير، وقال أنذلك أنه لم يُقل ولم يستقيل وإنما طلب "إعفاءه مؤقتا". أصحاب المعالي الذين عزلهم بوتفليقة وتعرّضوا إلى "التسريح"، كلّ منهم إقترنت وزارته وقطاعه، بملفات ثقيلة وبعضها خطير، فوزارة الطاقة والمناجم، لاحقتها لعنة الفضائح في سوناطراك، ورغم تبرّأ شكيب خليل منها وقوله بعد سجن مديرها العام، أنه ليس مسؤلا عن "البقرة الحلوب" للجزائر، فإن المقصلة قطعت إستمراره على رأس الوزارة ولم تشفع له حتى بالبقاء داخل التشكيلة الحكومية، التي عاد إليها يوسف يوسفي ك "طوق نجاة" لقطاع بدأ "يحتضر" نتيجة العشوائية وسوء التسيير والفوضى المنظمة. الهاشمي جعبوب، لم يصمد هو الآخر أمام "تسونامي" التعديل، الذي أزاحه دون سابق إنذار من وزارة التجارة، القطاع الذي عرف هزات إرتدادية لزلزال أسعار فوضوية وأسواق عشوائية لم تتحكم فيها القوانين، وقد عرف القطاع هو الآخر ضربات رهنت القدرة الشرائية للمواطنين، بما حتّم في وقت سابق عقد إجتماع لمجلس الوزراء من أجل قضية البطاطا ! حميد بصالح، غادر الحكومة، بعد أول تجربة له داخل التشكيلات الحكومية، فملف أراسكوم وتحديدا حق الشفعة التي تمنع بيع جيزي، وتورّط هذه الأخيرة في تهرّب ضريبي بملايير الدولارات، وكذا ما جرى داخل إتصالات الجزائر، هي أهم جزء من مبرّر "العقوبة" التي أنهت مهمة بصالح على رأس وزارة، إختير لتسييرها موسى بن حمادي، كمسيّر وخبير في قطاع ظاهره تقني وباطنه سياسي إستراتيجي . عزّ الدين ميهوبي، ضيّع منصبه الرمزي ككاتب دولة لدى الوزير الأول المكلف بالإتصال، وقد خرج من الباب الضيّق، بعد تعيين ناصر مهل، مدير وكالة الأنباء الجزائري، خلفا له، لكن وزيرا للإتصال وليس كاتبا مكلفا بالإتصال، وجاء عزل ميهوبي من الحكومة، بعد تسجيل إخفاق وإفلاس وعجز عن التوفيق في لمّ شمل قطاع الإعلام، وقد كان ميهوبي بمثابة لسان الحكومة الذي لا يتكلّم . بالمقابل، جدّد الرئيس الثقة في وزراء، تنبّأ لهم بعض عرّافي السياسة، بالعزل والعقاب، فعمار غول حافظ على حقيبة الأشغال العمومية، ك "براءة" سياسية له عن ما عُرف بفضحية الطريق السيار، فيما إستمرّ أبو بكر بن بوزيد في وزارة التربية، لينجو بذلك من "سيروكو" الإضرابات التي شلّت القطاع وهددته بسنة بيضاء، كما حافظ جمال ولد عباس على كرسيه ضمن الحكومة، لكنه إستبدل حقيبته مع سعيد بركات الذي غادر من الصحة إلى التضامن . حميد تمار الذي تنبّأ له المراقبون خروجا من مولد الحكومة فارغ اليدين، إكتفى الرئيس بمعاقبته على الملفات المعطلة على مستوى وزارة الصناعة وترقية الإستثمار، وفوّضه حقيبة جديدة مكلفة بالإستشراف والإحصائيات، ولعل تعطّل المشاريع العربية بالخصوص، و"شكاوى" المستثمرين الإماراتيين وغيرهم من العرب، كانت وراء إبعاد تمار من هذا القطاع إلى قطاع آخر أقلّ نفوذا وتأثيرا . ومن بين أهمّ نتائج العملية الجراحية، تعيين يزيد زرهوني، نائبا للوزير الأول، أحمد أويحيى، وهو المنصب الأول من نوعه، في التغييرات الحكومية، حيث لم يسبق أن تولت أيّ شخصية حقيبة نائب رئيس الحكومة قبل تعديل الدستور الذي أقرّ أيضا منصب أو مناصب نائب الرئيس. كما ينبغي الإشارة إلى أن هذا التعديل جاء أياما قليلة فقط بعد إجتماع مجلس الوزراء الذي أطلق برنامج الخماسية المقبلة بما قيمته 286 مليار دولار، وقد أبقى الرئيس على أغلب الوزراء المكلفين بهذه المهمة الجديدة القديمة، المتعلقة بإتمام البرنامج الرئاسي، بينهم قطاعات السكن والمالية والفلاحة والعمل، حيث سيواصل كلا من نور الدين موسى وكريم جودي ورشيد بن عيسى والطيب لوح، مهمة إنجاز وتسليم المشاريع الشعبية والوفاء لعهود ووعود الرئيس الذي ظلّ يبحث عن رجال دولة وليس كوكبة نجوم السينما.