الوزير الجديد يوسف يوسفي ذهب شكيب خليل الذي تربع على عرش الطاقة والمناجم منذ 1999، حيث حاول خلال عشرية من الزمن إعادة هيكلة قطاع الطاقة والمناجم بالتركيز على إعطاء المزيد من التحرير للقطاع والرفع من إنتاج الجزائر من النفط والغاز، قبل أن يتبين للجميع خطأ هذه الإستراتيجية بالنظر إلى محدودية احتياطات الجزائر من النفط والغاز والفشل الذريع في اكتشاف احتياطات هامة خلال العقد الأول من القرن الجاري، قبل أن يتم اكتشاف فضائح فساد مرتبطة بطريقة إدارته الشخصية للقطاع. وتقرر رحيل شكيب بعد ما أصبح شخصا يستحيل الدفاع عنه من أي كان بسبب قضايا الفساد التي هزت القطاع ووصلت إلى درجة فرار أحد المقربين من شكيب خليل، وهو رضا هامش إلى سويسرا، وفي حال لم يعين شكيب في منصب ديبلوماسي في الخارج أو منصب مرموق بالجزائر، فإنه لن يجد أمامه من طريق سوى الوقوف في المحاكم للدفاع عن نفسه بخصوص قضايا الفساد التي هزت »سوناطراك« خلال توليه المسؤولية المباشرة على الشركة بالإضافة إلى إشرافه على وزارة الطاقة والمناجم وتأكيد الكثير من الذين تم التحقيق معهم في القضية أنهم كانوا يتلقون أوامر شفوية مباشرة من الوزير. وهي القنابل العنقودية التي لا يمكن سوى لشخص بوزن يوسف يوسفي تفكيكها وإبطال مفعولها، بفضل العلاقة الجيدة جدا التي تجمعه بالرئيس بوتفليقة منذ فترة ليست بالقصيرة، حيث تعود تلك العلاقة إلى زمن تواجد يوسفي بدولة الإمارات العربية المتحدة، أين كان يشغل منصب مستشار لوزير النفط الإماراتي، وهو المنصب الذي شغله لسنوات قبل استدعائه من طرف الرئيس السابق اليامين زروال الذي عينه مديرا لمكتبه برئاسة الجمهورية، ثم وزيرا للطاقة والمناجم سنة 1997، ومنها وزارة الخارجية. ويعرف يوسف يوسفي جيدا دواليب قطاع الطاقة والمناجم بحكم إشرافه على منصب مدير شؤون البترول في وزارة الصناعة والطاقة إلى غاية 1985 تاريخ تعيينه على رأس شركة »سوناطراك« التي كان يشغل منصب نائب لرئيسها مكلف بالتسويق. من جهته كان متوقعا أيضا أن يتحمل وزير التجارة الهاشمي جعبوب وزر المضاربين وبارونات شبكة الاقتصاد الموازي وشبكات الاستيراد، حيث حاول مرارا وتكرارا الدخول في مواجهتم من خلال إدراج تعديلات متعددة على قانون مزاولة الأعمال وتشديده الرقابة على عمليات الاستيراد، وهو ما دفع بلوبيات عديدة بتنسيق جهودها للإطاحة بخطط الحكومة في المجال التجاري حتى أصبح ظاهرا للعيان بأن الدولة غائبة تماما في مجال التجارة، وهو ما لم يتقبله الرئيس الذي انتقد أداء القائمين على القطاع الذي لم يبل بلاء حسنا، على غرار قطاع البريد وتكنولوجيا الاتصال، الذي بقي يراوح مكانه منذ ذهاب بوجمعة هيشور، بالإضافة إلى الإدارة السلبية لملف المتعامل الأجنبي في مجال الهاتف النقال "أوراسكوم تلكوم الجزائر". تعيين تمار على رأس وزارة الاستشراف والإحصائيات لا يعتبر إنجازا بالنظر إلى حصيلته الكارثية بخصوص ملف الخوصصة والصناعة، ليأتي تعيينه على رأس دائرة وزارية ستكون بالنسبة إليه فرصة للتفرغ لجانب التنظير الذي يفقهه كثيرا أفضل من العمل الميداني الذي سيتكفل به سيد علي بوكرامي.