هل تنتهي حكاية الاحتيال بمجرد أن سلّم المتهم نفسه إلى العدالة؟ .. سؤال من المقرر أن تجيب عنه محكمة قسم الجنح بڤالمة صبيحة اليوم الأحد في واحدة من أكبر قضايا النصب والإحتيال تعرض لها 160 مواطن من طرف مرقي عقاري يقيم بولاية عنابة وقدم إلى ولاية ڤالمة تحت ستار الاستثمار وإنجاز حصة من السكنات التساهمية المندرجة ضمن برنامج رئيس الجمهورية. القصة بدأت عندما استفاد المرقي العقاري صاحب مؤسسة "نيوهاوس" أو البيت الجديد من وعاء عقاري عن طريق الامتياز وتحصل على صفقة إنجاز مشروع بناء حصة 160 مسكن تساهمي بضاحية وادي المعيز جنوب مدينة ڤالمة، حيث فتح مكتبا لمؤسسته بحي حسن الاستقبال بوسط المدينة وشرع في حملة إعلامية واسعة من خلال نشر الإعلانات في العديد من الجرائد والصحف الوطنية، قصد جلب أكبر عدد من المواطنين الذين توافدوا عليه بقوة ودفعوا ملفاتهم الإدارية قصد الاستفادة من المزايا المغرية التي عرضها عليهم المرقي العقاري في إعلاناته، وتحقيق حلم الاستفادة من سكنات تساهمية بقيمة 160 مليون سنتيم للشقة الواحدة من أربعة غرف، و145 مليون سنتيم للشقة من ثلاثة غرف.. وبعد استيفاء جميع الإجراءات الإدارية شرع المرقي العقاري في جمع المبالغ المالية المطلوبة من عند المواطنين الذين لم يترددوا في دفع مبالغ مالية متفاوتة، فمنهم من دفع نصف مبلغ الشقة ومنهم من دفع كامل قيمة السكن، وبالموازاة مع ذلك انطلقت أشغال المشروع بوتيرة سريعة سنة 2005 بجزء من المبالغ المالية التي تحصل عليها المرقي العقاري "نيوهاوس" من مساهمات المستفيدين، والمقدرة بأكثر من ثمانية ملايير سنتيم، إضافة إلى مساهمة الصندوق الوطني للسكن CNL والذي ضخٌ في حساب هذا المرقي أكثر من 2 مليار سنتيم حصة الإعانات لأربعين مستفيدا.. وما هي إلا فترة قصيرة حتى توقفت الأشغال بالمشروع، وبدأت المشاكل والألغاز عندما تهرب المرقي العقاري من تسديد المبالغ المالية لصندوق ضمان المشروع، وكذا اتهامه لأحد موظفي الصندوق الوطني للسكن بتزوير وثيقة الضمان، وهي القضية التي وصلت إلى أروقة العدالة سنة 2007 كان خلالها المرقي العقاري قد تخلى نهائيا عن إنجاز المشروع الذي لم تتجاوز نسبة الأشغال به 5 بالمائة، مما جعل المستفيدين الذين دفعوا كل ما لديهم من مبالغ مالية لحسابه البنكي، يتحركون في كل الاتجاهات لإبلاغ السلطات المحلية بتوقف المشروع، وظلوا يطالبون بلجان تحقيق من مختلف المستويات، خاصة في ظل اختفاء المرقي العقاري نهائيا عن الأنظار، بعدما قام بغلق مكتبه المتواجد بحي حسن الاستقبال، وتغيير رقم شريحة هاتفه، وقد جاء تدخل السلطات العمومية متأخرا، حيث لم يكن سوى في شهر جوان من السنة الماضية عندما أقدمت مديرية أملاك الدولة على رفع دعوى قضائية أمام الغرفة الإدارية بمجلس قضاء ڤالمة تلتمس فيها استرجاع الوعاء العقاري، قصد منح المشروع لمرقي عقاري عمومي آخر لإتمام هذا المشروع الوهمي، فيما حرّك وكيل الجمهورية لدى محكمة ڤالمة الدعوى العمومية بفتح تحقيق في هذه القضية التي أحيلت على قاضي التحقيق، الذي استمع إلى كل الضحايا من المستفيدين في حين لم يمتثل المرقي العقاري صاحب مؤسسة نيوهاوس إلى مختلف الإستدعاءات الموجهة إليه من طرف العدالة، وظلّ في حالة فرار، وبعد إحالة ملف القضية التي تأسّس فيها المستفيدون كأطراف مدنية على محكمة الجنح التي ارتأت تأجيل القضية من جلسة 5 ماي إلى 30 ماي الجاري، أقدم المرقي العقاري "ب،ف" على تسليم نفسه إلى مصالح أمن ولاية ڤالمة يوم الخميس الماضي، والتي قامت بتقديمه أمام وكيل الجمهورية لدى محكمة ڤالمة، والذي أمر بإيداعه رهن الحبس المؤقت في انتظار الشروع في محاكمته اليوم.. وإن تضاربت أرقام المبالغ المالية التي تحصل عليها هذا المرقي العقاري من المواطنين وصندوق دعم السكن والتي تفوق بالتأكيد 10 ملايير سنتيم فإن الأكيد أن عدد الضحايا لا يقل عن 160 مواطن إضافة إلى الصندوق الوطني للسكن، ويبقى مصير أموالهم مجهولا في انتظار ما ستكشف عنه تفاصيل المحاكمة الساخنة لواحد من أكبر بارونات النصب والإحتيال.