تعتبر "الطاكسي" وسيلة النقل المفضلة عند الكثير من المسافرين، الذين يقطعون مسافات طويلة بين الولايات، حيث يلجأ إليها هؤلاء لربح الوقت باعتبارها أسرع من القطار والحافلات، إلا أن هذه الوسيلة باتت، في ظل ارتفاع درجات الحرارة خلال هذا الصيف، تؤرق ركابها وتحول سفرهم إلى جحيم. تخيل رحلة بمسافة 400كلم، في شهر جويلية أو أوت، عبر "طاكسي" دون مكيف هوائي!.. وما بالك عندما يكون المسافر شخصا مريضا أو طاعنا في السن؟! "لا نستعمل مكيف سياراتنا.. إلا لمن يريد السفر بمفرده ويدفع ثمن بقية المقاعد..." جملة يرددها أغلب سائقي سيارات الأجرة في محطة الخروبة بالعاصمة، واعتبروها قاعدة اتفقوا عليها، ومبررهم في ذلك هو "الخوف على محركات سياراتنا، فهي غير قادرة على حمولة المسافرين وعمل المكيف معا".
سيارات مهترئة لمسافات طويلة.. والمسافرون في رحلة عذاب! كان جليا من خلال الجولة الاستطلاعية التي قادتنا إلى محطة سيارات الأجرة بالخروبة، أن السفر في الصيف عبر الطاكسي، معاناة مع الحر وانبعاث الروائح الكريهة التي تتقدمها رائحة البنزين، وهو ما عبرت عنه السيدة سعيدة، التي كانت تتأهب لركوب"الطاكسي" المتوجه إلى ولاية تيارت. عندما سألناها عن اشتراطها المكيف الهوائي في سيارة الأجرة، قالت ضاحكة: "الوقت لا يسعفنا للبحث عن سيارة تتوفر على هذه الميزة، ما علينا إلا الصّمت.. ما نتمناه هو الوصول إلى أهلنا بخير". سيارات الطاكسي أغلبها قديم ولا يتوفر على مكيفات هوائية، ولا حتى واقيات شمس، وتنقل المسافرين لرحلات تصل إلى 500كلم تحت درجات حرارة تتغير بين ما بين 35 درجة و43 درجة. يؤكد أحد سائقي "الطاكسي" الخاص بنقل المسافرين من العاصمة إلى ولاية سطيف، أن سيارته قديمة ولكن تتوفر على مكيف، وفي ظل ارتفاع درجة الحرارة، ألح عليه مسافران اثنان وهو في منتصف الطريق، أن يشغل المكيف وبعد أن فعل ذلك توقف محرك السيارة عن العمل. ويدخل الكثير من المسافرين، حسب ما وقفنا عليه، في مناوشات خفيفة، بسبب افتقار الطاكسي إلى المكيف، بل يرفض البعض الركوب ويعطل رحلته والعلة "المكيف الهوائي".
...لا مكيف إلا ب"الكورسة"!! وبات أمرا عاديا، أن يرفض حتى أصحاب السيارات الجديدة، تشغيل المكيف للتهوية على المسافرين، حيث حولوه إلى قانون اتفق عليه الجميع، فعلى راكب الطاكسي، أن يدفع سعر بقية المسافرين ويذهب وحده "كورسة" إلى الولاية المقصودة. وأكد سائقو سيارات الأجرة الذين تحدثنا معهم حول الموضوع، أن المسافرين وأمتعتهم يشكلون حمولة لا يستوعبها المحرك في حال تشغيل المكيف!.. وأن الطرق المهترئة والملتوية وصعود المرتفعات تضاعف المشكل. ويرى بعض السائقين الشباب، أن سيارات جديدة من طراز معين تتحمل حمولة المسافرين وعمل المكيف في آن واحد، مثل سيارة "بيجو إكسبار"، و قالوا إنهم أودعوا ملفات لدى "لونساج"، لشراء "طاكسي" جديد، ولكن طلباتهم رفضت، لأنهم لا يملكون شهادة سائق أجرة رغم خبرتهم الطويلة في الميدان.
زرناجي: سائقو "الطاكسي" يبخلون ب "المكيفات" على المسافرين وفي السياق، ندد رئيس الاتحاد الوطني لسائقي سيارات الأجرة، محمد زرناجي، بما سماه "بخل" سائقي "الطاكسي" على المسافرين بالمكيف، حيث استنكر بشدة هذا التصرف قائلا: "هل المكيف أفضل من عجوز مسن أو مريض أو طفل ضعيف؟!". واستغرب كيف لسيارة صنعت ب6 كراسي ومكيف ولا يتحمل محركها بعد أن يركبها المسافرون، واعتبر ذلك مجرد "بخل" من طرف بعض سائقي سيارات الأجرة، داعيا إلى قانون يلزم أصحاب "الطاكسي" استعمال المكيف ووضعه تحت طلب المسافرين، موضحا أن هذا القانون غير موجود حاليا لأنه يتم العمل بالقوانين القديمة حينما كانت السيارات لا تتوفر على مكيف، ولم ينتبه المشرع إلى ذلك. وأكد زرناجي أنه كسائق "طاكسي" يحترم المسافر ويجعل "المكيف" من بين أولوياته، خاصة في ظل ارتفاع درجات الحرارة.