حذر خبراء ومختصون وممثلون عن وزارة التجارة والأحزاب واتحاد التجار من استمرار انهيار القدرة الشرائية للجزائريين بسبب تراجع قيمة الدينار وارتفاع الأسعار ناهيك عن الزيادات التي يلوح بها قانون المالية لسنة 2018، وانتقد ضيوف الشروق تبخر الزيادات في الأجور التي لن تضمن مستقبلا حسبهم سوى المطعم والمشرب في ظل الارتفاع الفاحش والعشوائي للمواد الغذائية والنقل وتعريفات الماء والكهرباء ناهيك عن الأجهزة الكهرو منزلية والسيارات التي باتت حلما صعب المنال. مقراني أحمد نائب مدير متابعة تموين الأسواق بوزارة التجارة التحايل والسمسرة وراء ارتفاع الأسعار أكّد أحمد مقراني نائب مدير متابعة تموين الأسواق بوزارة التجارة أنّ ارتفاع الأسعار واقع لا يمكن إنكاره ولكنها ليست زيادات رهيبة ولا ضخمة، لاسيما ما تعلّق بالمنتوج المحلي. ويتخفى المتعاملون الاقتصاديون، حسب ما أكّده مقراني، وراء ارتفاع تكاليف توطين حاوياتهم، سواء أكانت مواد مستوردة أو مواد أوّلية، بحجة تأثير انهيار الدينار الجزائري على السعر المرجعي. واعتبر مقراني أنّ رخص الاستيراد هي سياسة الحكومة والسلطات في البلاد، حيث حدّدت قائمة المنتجات على غرار الاسمنت والسيارات والخشب التي كانت تتطلب سيولة كبيرة وذلك طبعا في إطار ترشيد الاستهلاك من دون المساس بالمواد الإستراتيجية، وأغلب المنتجات الخاضعة لرخص الاستيراد، حسب ممثل وزارة التجارة، ليست ذات استهلاك واسع ماعدا اثنين أو ثلاث فقط وتدخل في إطار تشجيع المنتجات الوطنية. وأعرب المتحدث أنّ مثل هذه الإجراءات تتيح الفرصة لبروز المنتج المحلي وهو ما جعلنا اليوم نفتخر بعديد الصناعات الوطنية، مذكرا بأن "الجزائر وإلى وقت قريب جدا كانت تستورد الماء والملح والآن الحمد لله حققت اكتفاءها" وبخصوص الزيادات التي تفرضها بعض القطاعات أكّد ممثل وزارة التجارة أنّ الجميع يختفي وراء ارتفاع أسعار الكهرباء والمواد الطاقوية التي ترفع بدورها كلفة المنتوج، وبالتالي ينعكس الأمر على السعر العام للمنتج ويدفع المستهلك ثمنه في الأخير. وصرّح مقراني أنّ الجزائر التي اختارت تبني نظام السوق الحرّة الخاضعة أسعارها لقانون العرض والطلب لا يمكن أبدا بأي حال من الأحوال تحديد هامش الربح ولم يحدث في تاريخها القيام بمثل هذا الإجراء ماعدا بالنسبة لمادة الإسمنت عندما تدخّلت الدولة لتحديد هامش الربح. وتطرّق "ضيف الشروق" إلى الإجراءات التي تبذلها الجزائر إزاء سكان الجنوب لكي تحافظ بعض الأسعار على نفس المستوى في العاصمة ومنها صندوق تعويض تكاليف النقل البري منذ 1996 الموجه لتموين 10 ولايات في الجنوب والذي استنزف في السنوات الثلاث الأخيرة ما يناهز 6 ملايير دج. ونظرا لشساعة بعض الولايات الجنوبية فإن الصندوق يضمن تكاليف نقل المنتوجات إلى المقر الرئيسي للولاية وكذا النقل الداخلي لبعض المناطق البعيدة. ويتعلّق الأمر، حسب المتحدث، ب 28 منتجا غذائيا من بينها السكر والزيت والسميد والفرينة، وتم حذف الاسمنت من القائمة بعد التلاعبات والتحايلات الكثيرة المضبوطة من قبل مصالح التجارة، كما أنّ 80 بالمائة من الميزانية الموجهة لدعم سكان الجنوب تحوّل إلى غير مستحقيها وتهرّب عبر المناطق الحدودية بعد استغلال المتعاملين مسألة حساب الكلفة من خلال الطن الكلمتري، فأصبحوا يفضّلون نقل الاسمنت الذي لا يصل إلى مصدره في أغلب الأحيان. ومن التلاعبات أيضا ما سجل بالنسبة لمادة الحليب التي تؤكد عدم احترام المعايير وسرقة المادة الدسمة. وبعد إيلاء مهمة التموين الاسمنت والحليب للجهات المختصة وضبط احتياجات المنطقة بصفة دقيقة تقلّصت النفقات من 600 مليار سنتيم إلى 160 مليار سنتيم.
رئيس جمعية حماية المستهلك مصطفى زبدي: انهيار القدرة الشرائية يهدد صحة الجزائريين أكد رئيس جمعية حماية المستهلك، مصطفى زبدي، أن أسعار المنتجات والخدمات في ارتفاع متزايد من سنة لأخرى، فحتى حقوق المستهلك في الحصول على إشباع من حاجياته والخدمات ليس بإمكانه الحصول عليها، ففي مجال المنتجات المستوردة هناك زيادة وقد زاد العمل برخص الاستيراد الطين بلة، وكانت عاملا رئيسيا في ذلك. واستطرد زبدي لسنا ضد هذه الرخص لكن الضوابط غير متوافرة ومفقودة، وضرب المتحدث مثلا بالموز وهو مادة غير أساسية فرخص استيراده كانت في السابق حكرا على 5 مستوردين وسعره مابين 300 و350 دج، أما حاليا فالموز لديه 19 مستوردا وأصبح سعره في سوق الجملة يصل ل 220 دج، بالرغم من أن رسومه تصل إلى 106 بالمائة ويظل في متناول الجميع، في الوقت الذي وصلت فيه الفواكه الموسمية لأسعار خيالية. وأضاف زبدي لا يقتصر الأمر على هذا بل حتى الخدمات كالفحص الطبي وصل إلى 2500 دج، النقل أيضا.. هناك زيادات في كل المجالات، وهو ما جعل القدرة الشرائية في الحضيض فلو استمر الأمر على هذا المنوال فالقدرة الشرائية ستكون في الحضيض وستكون له عواقب وخيمة، وخير دليل على ذلك عودة دفاتر القرض "كارنيات لكريدي". وشدد رئيس جمعية حماية المستهلك على ضرورة إيجاد ضوابط في تطبيق الزيادات قبل قانون المالية 2018 ، لاسيما بالنسبة للوقود واستغرب المتحدث توجيه الدولة لقسط كبير من الأموال لدعم النقل، ولا يستفيد منها سكان الجنوب، أين تعرف ولاياتهم زيادات ب 25 و30 بالمائة عما هو متداول ومعمول به. وكشف رئيس جمعية حماية المستهلك أن نسبة تدني الدينار لا تضاهي إطلاقا نسبة الزيادات في المواد المحلية والمستوردة، معترفا بأن تدني القدرة الشرائية يمس أصحاب الدخل الثابت فقط، وما يعيشه المواطن اليوم سينسف كل مكتسباته التي أحرزها من خلال الزيادات في الأجور ف1000 دج التي كان يقتني بها حاجياته لم تعد تكفيه لشراء شيء، ففي ظل غياب ضوابط واستبعاد أي زيادات جديدة في الأجور ستكون القدرة الشرائية في 2018 أضعف مما هي عليه الآن. مواصلا بأن ما تحضر له الحكومة الآن من استدانة داخلية من تمويل غير تقليدي يستعد له آخرون زيادات في الأسعار، فالقرارات السياسية أصبحت واجهة للباحثين عن الربح السريع. واقترح زبدي لمواجهة هذه الأزمة تسقيف هامش الربح بالنسبة للمنتجات كثيرة الاستهلاك كالخضر والفواكه ووسائل النقل والمنتجات الغذائية والخدمات، فلا يكون ثمن البيع أو الخدمة إلا عن طريق صاحب المنتج أو الفلاح ويكونا هما المقياس الذي يحدد السعر المبدئي، وعليه يتم تحديد هامش الربح وهذا للحد من نزيف القدرة الشرائية وإلا فستتبخر كل الزيادات التي حصل عليها العمال.
الخبير الإقتصادي كمال ديب للشروق: توقعوا هلع مالي ونفاد للسلع الضرورية أكد الخبير الاقتصادي، كمال ديب، في تصريح للشروق، أن تنقيد الاقتصاد كحل، يؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم وانخفاض القدرة الشرائية، لأن النقود حسبه، موجودة أصلا كوسيلة لتسهيل المبادلات التجارية أي شراء السلع والخدمات، مشيرا إلى أن مفهوم التنقيد ظهر للواجهة في الجزائر، ويتمثل في طبع الأوراق النقدية لمواجهة الأزمة. وأوضح ديب، أن الكتلة النقدية في البلاد تقابلها سلع وخدمات عملية وتقييد الاقتصاد عن طريق الإجراءات الحكومية الأخيرة من خلال تمويل غير تقليدي بضخ قيمة إضافية من النقود سوف يؤدي إلى افتقاد النقود لقيمتها نظرا لتوفرها بكثرة في الاقتصاد الجزائري، متعدية ما يقابلها من السلع والخدمات المعروضة في نفس الاقتصاد. ويرى كمال ديب، أن القدرة الشرائية الضعيفة ستبح نتيجة حتمية لذلك، نظرا لأن السوق يقوم تلقائيا بالتوازن عن طريق ارتفاع أسعار السلع والخدمات لكي تتساوى مع قيمة الكتلة النقدية الموجودة في السوق الاقتصادي. وتوقع حدوث اضطرابات على مستوى المؤسسات الإنتاجية خاصة بالنسبة للمنتجات غير مدعمة، مما سيخلف فوضى في آليات دعم أسعار المنتجات المدعمة، بوضوح. وقال إن الشركات التي تستعمل هذه المواد المدعمة كالسكر والحليب في إنتاج المشروبات والحلويات، الزبادي وما شابهها وبأسعار مدعمة ويضيف" بطبيعة الحال مع انخفاض الواردات من الخارج سيؤدي ذلك إلى قلة العروض من المنتجات في الداخل"، وتخوف الدكتور ديب، من ما اسماه ب "الهلع المالي لدى المواطنين"، والذي سيحدث في ظروف الأزمة، حيث ترتفع حسبه، بالمقابل أسعار المنتجات خوفا من نفاذها في السوق. واقترح الخبير الاقتصادي، كمال ديب، اللجوء إلى طرق الدبلوماسية الاقتصادية كحل تدريجي للأزمة وذلك من خلال لعب الحكومة الجزائرية دورها في الأسواق الدولية وخاصة مع منظمة "الاوبيك".
القيادي في حزب التجمع الوطني الدِّيمقراطي، محمد قيجي: القدرة الشرائية للجزائريين مرهونة بأسعار النفط استغرب القيادي في حزب التّجمع الوطني الديمقراطي، محمد قيجي، التخوف من مشروع قانون المالية لسنة 2018، رغم أنه لا يزال مشروعا فقط، ولم يره النواب ولم يٌعرض بعد على لجنة للمالية لمناقشته، ومع ذلك اعترف المتحدث بصعوبة الأوضاع الإقتصادية التي تمرّ بها الجزائر، والتي وصفها حسب تعبيره ب "الصعبة جدا حسب اقرار الوزير الأول أحمد أويحيى". وهذه ألأوضاع تعيشها جميع الدول المصدرة والمنتجة للنفط، يقول قيجي وليست حكرا على الجزائر فقط، والضائقة المالية جعلت ميزانيات هذه الدول المصدرة تعاني، "وعندنا في الجزائر، وحسب بيان مجلس الوزراء الأخير فقد سجلنا عجزا في الميزانية يقدر ب 11 بالمائة، بعد انخفاض المداخيل التي نزلت الى 6 آلاف مليار دينار، ومع ذلك فنسبة العجز قد انخفضت مقارنة بالسنة الماضية أين وصلت نسبة الى 11 بالمائة". وبخصوص مصادقة النواب أمسن على قانون النقد والقرض والذي سيمتد ل 5 سنوات كاملة، وما ينجرٌّ عن ذلك من حدوث تضخم، حسب تخوف الخبراء الإقتصاديين، أوضح قيجي "التخوٌّفات موجودة، ولكن اللجوء الى التمويل غير التقليدي حتمية لا مفرّ منها، ومع ذلك علينا تفادي التهويل والتخويف". ويأمل قيادي الأرندي، أن تتحسن مداخيل الجزائر، "ولربما استطعنا في ظرف سنة أو سنتين توقيف الإقتراض من بنك الجزائر (المركزي)" يقول المتحدث.
رئيس كتلة تحالف حركة "حمس"، ناصر حمدادوش: الوضعية الاقتصادية تبعث على الرعب والقدرة الشرائية منهارة أصلا حمّل النائب ناصر حمدادوش، الحكومة مسؤولية تخويف الشعب، وذلك حسبه " من أجل تمرير مشاريعها، وفرض سلطة الأمر الواق، ومؤكدا أن الواقع المُعاش للمواطن أسوأ من مجرد خطابات التخويف، والأصل أنّ الحكومة مطالبة يقول "بارسال رسائل الطمأنة للرأي العام الخائف أصلا". ويتأسف كون ما آلت إليها الوضعية الاقتصادية والمالية والنقدية للبلاد تبعث على الرّعب، " فانهيار قيمة الدينار وعدم التحكّم في الأسعار وشبح السوق الموازية والزيادات التي وردت في قوانين المالية 2016 ، 2017، مع الفشل في بناء اقتصاد وطني منتج وخالق للثروة وموفّر لمناصب الشغل، والاعتماد شبه الكلّي على الاستيراد.. " كلّ ذلك يبعث على المزيد من الخوف والقلق. كما أن واقع القدرة الشرائية "منهار أصلا"، والتوجهات الجديدة بالإصدار النقدي عن طريق التمويل غير التقليدي وتأثيراته على قيمة الدينار ونسبة التضخّم.
ممثل الاتحادية الوطنية لأسواق الجملة للخضر والفواكه جمال جعدون لابد من مراجعة "السميغ" لإنقاذ المواطن من القدرة الشرائية المحدودة أرجع ممثل الاتحادية الوطنية لأسواق الجملة للخضر والفواكه، جمال جعدون، ارتفاع أسعار الخضر والفواكه للفترة الانتقالية بين الموسمين الصيفي والشتوي، وكذا تأثر الفلاحين بعد فصل الصيف والخسارة التي لحقت بهم فاضطروا خلالها لرمي محاصيلهم الزراعية كالطماطم، والحرائق التي أتلفت مساحات من الأراضي الزراعية فغالبية من تأثروا هم من الفلاحين الصغار ليسوا مؤمنين وهم من يمولون السوق. وقد تأثروا بداية الموسم الحالي بعد تأخرهم في الحرث والزراعة وقلة الأمطار الخريفية لذا المنتج سيكون قليلا فإذا سقطت الأمطار ستنخفض الأسعار آليا.
النّائب عن حزب جبهة التحرير الوطني عبد الباقي طواهرية: الزيادات في الأسعار "رمزيّة" ولن تٌؤثِّر على المواطن تأسّف النائب لما وصفه ب "التهويلات والتخويفات" التي تٌصاحب مشاريع قوانين المالية كل مرة، ومؤكدا حسب تعبيره أن "نفس الأشخاص والجهات، تقوم كل سنة بحملة لتخويف الجزائرييّن مع كل مشروع جديد، لإثارة البلبلة والفوضى فقط". ويؤكد طواهرية ل"الشروق"، أنه لا وجود لزيادات أو ضرائب قد تؤثر على القدرة الشرائية للمواطن، باستثناء الزيادة الرمزية في أسعار البنزين والمازوت، والتي لن يشعر بها المواطنون". واعتبر المتحدث، أن الحكومة ستواصل سياسة الدعم الاجتماعي، من خلال إنجاز السكنات، وإكمال مشاريع متعلقة بقطاعي الصحة والتربية، ومواصلة دعم المواد الغذائية الأكثر استهلاكا على غرار السكر والحليب والزيت والخبز والفرينة. ومٌناشدا، ما وصفهم ب"المٌهوِّلين السياسييّن ومثيري البلبلة" بالكف عن التأويلات والتهويلات، داعيا اياهم الى فتح نقاش "يكون بطريقة علمية وتقنية، يتم فيها الاستماع لجميع الآراء على اختلافها ".