تجاوزت حفلات أعياد الميلاد المعقول، حيث لم تعد بعض العائلات تكتفي بكعكة بسيطة وبضعة شموع للاحتفال، بل صار للبذخ والإسراف وحب التظاهر نصيبا كبيرا منها والسمة الغالبة عليها، لتتحول لمناسبات يستقدم فيها المهرجون وممارسو ألعاب الخفة وتؤجر من أجلها قاعات الحفلات والفنادق وتقتنى ملابس خاصة بها تتلاءم مع الزينة والديكور. يمثل الاحتفال بعيد الميلاد مناسبة مميزة لدى بعض العائلات التي باتت تحييه بطريقة احتفالية أقرب منها للزفاف، وتحرص على إحيائها العائلات المتوسطة والثرية على حد سواء، ويتعلق الأمر بتلك التي تملك أطفالا في دور الحضانة، وشاهدوا تلك الأجواء وأعجبوا بها فيطالبون أهاليهم بحفلات أخرى مشابهة. ونظرا للأهمية التي باتت تحظى بها مثل هذه الحفلات أصبحت بعض العائلات توكل هذه المهام لوكالات مختصة في تنظيم الأعراس وأعياد الميلاد، فهي من تتولى مسؤولية ترتيب القاعة وتزيينها بالديكور المناسب لموضوع الحفلة، فلو كانت فتاة فستكون الألوان الفاتحة كالوردي والبنفسجي والأحمر هي الغالبة والبالونات بنفس اللون، وإذا كان ولدا فسيكون الأزرق والأخضر اللونان السائدان. وتوفر هذه الوكالات الديكور الخاص بالطاولات، قبعات الأطفال، الكؤوس، المناديل الورقية، ملابس الطفل أو الطفلة صاحبة عيد الميلاد وهذا كله حسب الشخصية الكارتونية التي يرغبون فيها. وكالات مختصة في تنظيم حفلات عيد الميلاد بالملايين وكشفت لنا إحدى الوكالات أن الأطفال يفضلون في الغالب صور "بان تان"،"ميكي ماوس"، "بوب الإسفنج"، "باتمان"، "سبيدر مان"، أما الفتيات فتشكل شخصية "ملكة الثلج فروزن"، "إليسا وأنا"، "هلو كيتي"، "دورا"، "ميني ماوس"، "ملكة الثلج" الشخصية المفضلة لهن، وتختلف تكاليف هذه الخدمات حسب الفضاء الذي سيتم الاحتفال فيه وعدد المدعوين، حيث تقول العاملة في الوكالة بعض العائلات تصنع بطاقات دعوة تحمل نفس الرسوم المتحركة بالبالونات، القبعات فيرتفع بهذا السعر ليصل إلى 6 ملايين سنتيم، إذا كان الحفل في المنزل وعدد المدعوين في حدود 20 طفلا. واستطردت محدثتنا بأن ثمن الملابس وحدها بإكسسواراتها يتجاوز 5000 دج، فمثلا ثوب "إليسا" عبارة عن فستان أزرق وعصا وعلى الفستان مثبتة ضفيرة شعر طويلة. وهناك أنواع مختلفة من الملابس حسب رغبة صاحب عيد الميلاد. أمهات يقترضن لتنظيم حفلات في الحضانة تحكي لنا إحدى السيدات والتي فضلت أن يكون الاحتفال ببلوغ حفيدها الأول عمر السنة مميزا جدا، فتوجهت لإحدى الوكالات الخاصة والتي رتبت الأمور وأعدت كل شيء في حديقة المنزل، فاستقدمت الطاولات والخيم المتنقلة وصنعت ديكورا مميزا وبلغت تكلفة الحفلة بمشروباتها والمهرج 20 مليون سنتيم، لكنها بقيت راسخة في الأذهان. واعترفت إحدى السيدات وهي موظفة بسيطة في القطاع العمومي، راتبها الشهري لا يتجاوز 35 ألف دينار جزائري، بأنها اضطرت للاستدانة من شقيقتها حتى تحتفل بعيد ميلاد ابنها في دار الحضانة، فثمن المهرج فقط والكعكة كلفاها مرتبها بالكامل، زد على ذلك الزينة والأكواب والملابس، غير أنها وجدت نفسها مضطرة حتى لا يشعر فلذة كبدها بالنقص أمام بقية زملائه. فالاحتفالات في جميع دور الحضانة باتت تتم بهذه الطريقة. كعكات ميلاد تتجاوز المليون و"الكاب كيك" ب100 دج وبعيدا عن الوكالات المختصة في تنظيم الحفلات، تتولى بعض العائلات الاستعداد لهذه المناسبة بمفردها باقتناء المستلزمات وهي متواجدة في الأسواق لدى محلات بيع مستلزمات الحلويات والأفراح، وتتوافر فيها مختلف الرسوم المتحركة والأشكال والأنواع، فالقبعات أسعارها تتراوح ما بين 70 و100 دج حسب الحجم، والزينة "الغيرلوند" بين 200 و300 دج. بعدها يحين دور الكعكة والتي باتت تصنع بأشكال مختلفة حسب سن صاحب عيد الميلاد، فبالنسبة للأطفال الصغار تعد كعكات الرسوم المتحركة الأكثر طلبا، وتليها تلك المزينة بصورة صاحب أو صاحبة العيد ميلاد، أما المراهقون فيميلون للأقمصة والنوادي الرياضية المحلية والأجنبية، تحكي لنا سيدة من عين النعجة، مختصة في صناعة هذا النوع من الحلويات، يختلف شكل الكعكة باختلاف عدد المدعوين وهناك من طابق واحد أو من طابقين والأسعار تتراوح ما بين 5500 دج إلى 1100، وقد يتضاعف الثمن أحيانا إذا كان حجمه كبيرا وبه الكثير من الزينة. وتضيف محدثتنا في الغالب أتلقى في كل مرة طلبيات "كاب كيك" إلى جانب طلبيات الكعكة ويشترطون أن تكون بنفس الشكل والرسومات وأسعاره 100 دج للقطعة الواحدة، وهناك من يفضل "الصابلي" بنفس الرسوم بسعر 60 دج، حيث تعتمد فيه على عجينة السكر الملونة لصناعة الرسوم المتحركة والدمى. مهرجون يتقاضون 15 ألف دج لتنشيط الحفل لساعتين ويعد المهرج أو كما ينادونه بالعامية "الكلون" أهم عنصر في احتفال عيد ميلاد الأطفال فهو يخلق أجواء احتفالية، وهناك من يفضل إضافة الساحر "ألعاب الخفة" أو الموسيقى "الديسك جوكي"، وتختلف التكاليف مع كل خدمة إضافية، فالمهرج مع "الديسك جوكي " تصل تكلفتهما 25000 دج، أما المهرج فقط فما بين مليون سنتيم و18 ألف دينار. وأكد لنا المهرج "فلفول" من القبة تلقيه العديد من الطلبات تتراوح ما بين 6 إلى 7 شهريا لعائلات ترغب في تنشيط حفل عيد ميلاد أبنائها، بعضهم يقيمونها في المنازل وآخرون في دور الحضانة وحتى قاعات الحفلات والفنادق. وعن الأسعار، أوضح محدثنا أنها تختلف من 12 إلى 15 ألف دينار، وتدوم مدتها من ساعة ونصف إلى ساعتين. وذكر المهرج فلفول بعض النشاطات التي يقوم بها كالغناء، الرقص، عروض للدمى المتحركة "الماريونيت"، ألعاب الخفة، وهناك عائلات تفضل استقدام مختصين في الرسم على وجوه الأطفال، فأحيانا يستعين بفتاة للعمل معه على حسب طلب الزبون ويتراوح سعر خدماتها ما بين 3000 و5000 دج حسب عدد الأطفال المدعوين في الحفلة.