تعرف بعض الأدوية في السوق الوطنية ارتفاعا غير مبرر في الأسعار يندهش له المرضى وتستنكره منظمات حماية المستهلك، رغم سلسلة الرقابة الشديدة على مجال الدواء ورغم تقنين أسعاره من قبل وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات. وفي السياق كشفت المنظمة الوطنية لحماية المستهلك عن تجاوزات في تحديد سعر الدواء التي ارتفعت بالنسبة لبعض الأدوية دون قرار رسمي مبرر، وسرعان ما أثبتت التحقيقات المباشرة من قبل مصالحها أن الأمر يتعلّق بخطأ مطبعي لتقرّر الجهة المنتجة سحبه من السوق وتصحيح الخطأ. وفي السياق اشتكى عديد المواطنين من عشوائية بعض الأسعار من صيدلية لأخرى لنفس المنتج رغم أن الأسعار مضبوطة وتخضع لرقابة صارمة من قبل أطراف عديدة سواء التجارة أو الضمان الاجتماعي وحتى مفتشيات الصحة والمالية. ومن بين أكثر الأمثلة التي أطفت المشكل على السطح هي دواء "ريفاميسين شيبري" الذي كان يباع ب 223 دج وانتقل إلى 388 دج أي ارتفاع بنسبة 70 من المائة تقريبا وكذا "إيفوتراكس" وبعض العلامات الأخرى، وعلى إثر شكاوى المواطنين تقدمت الجهة المنتجة للدواء الأول باعتذارها للزبائن بحجة أن الأمر لا يعدو كونه خطأ مطبعيا وسيتم سحب الكميات المتبقية من السوق، دون توضيح مصير الكميات التي بيعت سابقا بسعر مضاعف. وفي السياق أوضح مسعود بلعمبري رئيس نقابة الصيادلة في حديثه للشروق أن أسعار الدواء إجبارية التسجيل سواء بالنسبة للدواء المصنع أو المستورد ولا يباع أو يشترى إلا برخصة الوضع في السوق بعد موافقة الوزارة. واستدل المتحدث بالأزمة التي عرفتها السوق في مجال بعض الأدوية عام 2015 بسبب إجبار الوزارة المتعاملين في مجال الصيدلة على خفض الأسعار ولم يتم الإفراج عن الرخص إلا بعد مراجعة الأسعار، مذكّرا بأن قرار التسجيل يتجدد كل 5 سنوات ولا يتغير خلال تلك المدة إلا في ظروف قاهرة برخصة استثنائية من وزارة الصحة مودعة ومسجلة ومنشورة. وأضاف المتحدث أنه لا يوجد مجال يخضع للرقابة المشددة مثل الدواء التي يراقب من قبل وزارة المالية والتجارة والعمل والضمان الاجتماعي والصحة. بلعمبري قال إن الدواء لطالما كان محل خفض في الأسعار من قبل الوزارة الوصية التي تدعو في كثير من المرات المصنعين إلى مراجعة سعره حتى أن التكاليف باتت أكثر من الربح للبعض ومنهم صيدال التي تخلت عن إنتاج بعض الأدوية بسبب ارتفاع تكاليفها وحتى بعض المخابر الأجنبية والمحلية الأخرى. وفي سؤال عن عدم تفطن الصيادلة للأمر إلا بعد شكاوى المرضى قال بلعمبري إن الصيدلي لديه ما لا يقل عن 2600 علامة دواء ولا يمكن أبدا أن يتذكرها جميعا، سيما بعد التغييرات المتتالية في السعر في المدة الأخيرة. من جهتها المنظمة الوطنية لحماية المستهلك أكدت على لسان ممثلها زبدي مصطفى أن المنظمة وفور تلقيها الأخبار بخصوص هذه التجاوزات باشرت تحرياتها ليثبت في الأخير أن الأمر لا يعدو كونه خطأ تعهد المتسببون فيه باستدراكه، لكن هذا الحادث يطرح حسب المتحدث عديد الأسئلة حول واقع مراقبة الدواء في بلادنا وعن حماية حقوق المستهلك سيما فيما يخص وضعيته مع مصالح الضمان الاجتماعي.