عبَّر وكيل وزارة التنمية الاجتماعية الفلسطينية محمد أبو حميد عن اعتزازه بالعلاقة الأخوية بين الشعبين والجزائري، وأبدى تقديره لمهنية صحيفة الشروق الجزائرية وما تقدِّمه للقارئ العربي، وعرض الواقع الاجتماعي في الأراضي الفلسطينية وخاصة قطاع غزة، الذي تسلم مهام وزارته فيه بشكل ودي مؤخرا، وشدد على أن سيطرة الاحتلال على الموارد الفلسطينية هو السبب الرئيس للفقر. وزارة التنمية الاجتماعية تشهد سياسات جديدة بالتوازي مع تسلم مهامها في غزة بعد اتفاق المصالحة الأخير.. ما أهمية ما تقدمونه؟ الوزارة تحولت من وزارة الشؤون الاجتماعية إلى وزارة التنمية الاجتماعية بهدف الانتقال إلى التنمية بدلا من الإغاثة عبر مشاريع صغيرة للنهوض بالمستوى المعيشي للأسر الفقيرة وتوفير فرص عمل لها. وأهمُّ برامجنا تتمثل في تقديم مساعدات نقدية لنحو 120 ألف أسرة منها 74 ألفا في قطاع غزة والباقي في الضفة الغربية، وقيمة المساعدة النقدية كل 3 أشهر تبدأ من 200 دولار إلى 550 دولار لكل أسرة، بما مجموعه 35 مليون دولار كل 3 أشهر من أجل تحسين الظروف المعيشة لهذه الأسر ولكن البرنامج لا يترك الأثر الكامل بما ينسجم مع سياسة التنمية لذلك يتم حاليا التحول إلى برنامج التمكين الاقتصادي عبر مشاريع صغيرة للأسر التي لديها مؤهلات.
وهل انتقلت تجربة التمكين إلى أرض الواقع؟ لدينا في الضفة الغربية 12 ألف أسرة استفادت من برنامج التمكين الاقتصادي ورصدنا مؤخرا 18 مليون دولار من أجل تمكين أسر في قطاع غزة، والأمر يحتاج إلى وقت لتجهيز طواقم فنية قادرة على القيام بدور فني ومهني ونجاح البرنامج لبناء حياة كريمة في إطار تعزيز صمود الفلسطيني على أرضه والحفاظ على النسيج الاجتماعي الوطني.
بدأتم العمل في غزة بعد اتفاق المصالحة، هل واجهتكم مشاكل أو عقبات بعد 11 عاما من الانقسام المؤسساتي؟ لم نواجه أي صعوبات وتسلمنا الوزارة بشكل أخوي وننتظر قرارات اللجنة القانونية والإدارية من أجل إعادة هيكلة الوزارة وتوزيع الموظفين كل حسب اختصاصه وحسب النظم والقوانين المعمول بها في ديوان الموظفين العام. بدورنا، قمنا بإعداد دراسة لاحتياجاتنا في قطاع غزة مديرياته الخمس مع إعداد تقرير كامل حول الوضع، والأمور تسير بسلاسة من أجل دمج الوزارة في غزة والضفة.
هل تتلقى وزارتكم تمويلا خارجيا لدعم جهودها للحدِّ من الفقر؟ برنامج المساعدات الاجتماعية سالف الذكر مدعوم بقيمة 40% من الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي، و60% من موازنة الحكومة الفلسطينية، وقطاع غزة بحاجة لخطة شاملة لضمان القضاء على الفقر والبطالة وهذا يتطلب دعما من الأقطار العربية، لإعادة الوضع الاجتماعي في غزة للاستقرار، خاصة مع وجود 250 ألف عاطل عن العمل في حاجة لفرص عمل، وعدم توفير ذلك يزيد من حدة الفقر بين 2 مليون يعيشون على أصغر رقعة جغرافية في العالم، مما أدى إلى انتشار الفقر بشكل مهول ونحن بحاجة لخطة طوارئ عاجلة لتخفيف حدة الفقر الذي يؤدي إلى انتشار الجريمة وكثير من المشكلات الاجتماعية.
عندما تمكنتم من العمل في غزة، هل واجهتكم أرقامٌ صادمة؟ للفقر أثارٌ خطيرة ويستدعي وضع خطة نهوض بغزة للقضاء على الفقر توافقا مع الخطة الأممية 2030، وللعلم فإن موارد الرزق الفلسطيني هي الأرض التي يسيطر عليها الاحتلال، و75% من سكان قطاع غزة هم لاجئون وتعرَّضوا لحروب مدمرة وحصار شديد، لذلك لا بد من فتح آفاق من خلال رفع الحصار وبناء المطار والميناء وتوفير فرص عمل خارجية في الأقطار العربية، فنحن لدينا الكوادر المؤهلة من الجامعيين، ولا يكفي تقديم مساعدات، ومن الضروري توفير فرص عمل حتى يعتمد المواطن على نفسه وان يشعر بأنه منتِج ويؤدي دورا. المساعدات وحدها لا تؤدي لتنمية مما يتطلب تدخلا عربيا عاجلا من اجل إقامة مشاريع كبرى ومناطق صناعية في قطاع غزة، ونأمل أن يكون للعرب شراكة حقيقية لإنجاح المصالحة ولا يكفي توحيد الوزارات، هنا استحقاقات هامة لقطاع منكوب.
هل لدى وزارتكم دور في المناطق (C) في مواجهة المستوطنين بالضفة الغربية؟ أكثر من 70% من أراضي الضفة هي مناطق مصنفة (C) لا تسيطر عليها الحكومة الفلسطينية ويسيطر عليها الاحتلال عبر المستوطنات وعمليات تهجير السكان الفلسطينيين، نحن شعبٌ غير فقير، ولكن الاحتلال يسيطر على الموارد الفلسطينية وأبرزها الأرض عبر سياسة إسرائيلية ممنهجة من اجل القضاء على مقوِّمات الدولة الفلسطينية ودفع الفلسطيني للهجرة من خلال سياسات إسرائيلية متعددة. ورغم ذلك، نحاول العمل والبناء في تلك المناطق قدر المستطاع ونحن نحتاج موقفا عربيا ودوليا شجاعا ووضع حد للسياسات الإسرائيلية المعززة من قبل الطرف الأمريكي من أجل إقامة الدولة الفلسطينية على كافة الأراضي الفلسطينية. إسرائيل في هذه المرحلة لا تريد السلام ولا إقامة الدولة الفلسطينية، وتستغلُّ الخلافات الفلسطينية وهشاشة الموقف العربي لتواصل سياساتها العدوانية على الشعب الفلسطيني.
هل لكم علاقات مباشرة مع الجزائر للإطلاع على تجربتها في المجال الاجتماعي؟ نحن نتمنى توحيد السياسات الاجتماعية مع الجزائر والاستفادة من تجربتها، ونحن نلتقي مع الجزائريين في كثير من المؤتمرات الدولية، وخاصة في جامعة الدول العربية من خلال اجتماعات المجلس الاجتماعي والاقتصادي العربي، ونأمل بعلاقات ثنائية تؤدي إلى دعم الجانب الاجتماعي والإنساني في فلسطين من حيث وضع سياسات عملية تنموية مشتركة، علما أن الجزائر لم تنسَ فلسطين.
هل تستطيع طمأنة الجزائريين على أنَّ جهود المصالحة لن تعود للخلف؟ من طرفنا نستطيع القول إن الانقسام الفلسطيني بات خلف ظهورنا ومصرُّون تماما على الاستمرار في المصالحة وتوحيد الشعب الفلسطيني وخلق وحدة حقيقية بين الضفة وغزة من أجل النهوض بمشروعنا الوطني وإقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين إن شاء الله.