يبدو أن السلطات المحلية ترفض الاعتبار من كل الكوارث التي ضربت مختلف ولايات ومدن الوطن من فيضانات وزلازل، بسبب عدم احترام مقاييس البناء أو إنجاز بعضها على أراض غير صالحة تماما، والدليل أن عديد المشاريع لا تزال تجسّد على مستوى الأودية، رغم تحذيرات الخبراء ومكاتب الدراسات، ما يجعل شبح الموت يتربص بآلاف الجزائريين. بالعاصمة تشيّد عديد المشاريع من قبل الخواص فوق أودية أو على ضفافها، بل هناك أحياء عتيقة منجزة فوق أودية على غرار حي طرابلس، حيث تتواجد عشرات المباني فوق وادي أوشايح الذي يصب في وادي الحراش، حيث يتسبب في كل مرة في ارتفاع منسوب المياه، كما قام عديد المرقين الخواص بإنجاز أحياء فوق أودية ما يتسبب في كل مرة في انهيارات كان آخرها انهيار بحيدرة وآخر ببئرمرادرايس أوديا بهلاك أشخاص، كما أنه توجد عمارات ترقوية أنجزها مرقون خواص في حي الرياح الكبرى بشراقة على ضفاف واد ما ينذر بكارثة كبرى في حال تساقط كثيف للمطر أو زلزال عنيف. ولم تجد السلطات المحلية ببلدية أوقاس في بجاية من حل لإنجاز مشروع 120 سكن ترقوي سوى ب"غرسها" على ضفاف وادي تابلوط الذي يقطع المدينة باتجاه البحر، وسط استياء شديد لدى سكان هذه المدينة السياحية التي تفتقر إلى أدنى الفضاءات المخصصة للراحة، ورغم حجة غياب العقار التي يختبئ وراءها في كل مرة المسؤولون لتفسير قراراتهم "الارتجالية"، إلا أن آراء المواطنين ليست كذلك، حيث عبر العديد منهم في حديثهم مع "الشروق" أن ضفاف الوادي تعد من جهة خطرا على مثل هذه المشاريع، ومن جهة أخرى تمنى المواطنون تحويل حواف الوديان إلى فضاءات للراحة بعد تنظيفها من مختلف أنواع الفضلات التي تغرق فيها حاليا وكذا تهيئتها ما سيسمح للمواطنين بنسيان هموم الحياة ولو للحظة بالقرب من هذه الوديان. من جهة أخرى لا يزال نحو 3000 نسمة من سكان قرية تالة خالد بذات البلدية، ينتظرون بشغف كبير مشروع حماية قريتهم من خطر وادي زيتونة بالمدخل الغربي لبلدية أوقاس، حيث أشار السكان في هذا الصدد أنهم يقضون فصل الشتاء على أعصابهم بسبب خطر الوادي الذي باغتهم في عديد المرات بعد فيضانه.
الطريق السيار على أنقاض الوادي بالبويرة وأصحاب المركبات تحت رحمة الكوارث لا يزال الطريق السيار شرق غرب في بعض أجزائه بولاية البويرة يعرف عملية إعادة تهيئة مستمرة منذ وضعه حيز الخدمة، وذلك جراء الانزلاقات الترابية التي يشهدها لاسيما المحاذية لوادي يسر على مستوى بلديتي الأخضرية والقادرية، حيث تمتاز المنطقة بتشبعها بمياه الوادي وهو ما أثر سلبا على المشروع الذي تحوّل إلى كابوس بالنسبة لمستعمليه نتيجة الأشغال المستمرة لحد الساعة وإعادة تهيئته من جديد، وما خلف ذلك من حوادث كثيرة، كما أن خطر الانزلاقات الترابية وفيضان الوادي وغلق جزء منه لا يزال قائما، كما يتهدد نفس الخطر سكنات حي 50 سكنا اجتماعيا بعمر محطة التي شيّدت عماراته بمحاذاة نقطة التقاء وادي يسر بوادي جمعة القادم من أعالي البويرة، حيث يتميز الحي بانخفاضه مقارنة بمستوى الوادي إضافة إلى تضييق مجرى الأخير بسبب الرمي العشوائي لمخلفات البنايات والأتربة.
... مبانٍ إدارية وسكنات عدل تشيّد بمحاذاة أودية في غرب البلاد؟! وفي ولاية سيدي بلعباس لم تجد الجهات المسؤولة على قطاع السكن، إلا ضفاف وادي المالح الذي يعبر مدينة سيدي بلعباس، لتشييد الآلاف من سكنات عدل 2، رغم أن المنطقة تمثل خطرا كبيرا على القاطنين بها، الذين سبق وأن صرحوا أن حاجتهم للسكن في الوقت الراهن، تمنعهم من معارضة المشروع، أو رفض الاستفادة من السكنات، وإن اختبأت الجهات التي كلفت باختيار الأرضية، وراء جفاف مجراه، معتبرة أنه لم يعرف امتلاء منذ عقود طويلة، بعدما سبق وأن استغلت السلطات المحلية ضفافه، لتشييد حديقة التسلية، وتناست ما وقع سنة 2007 بدائرة مولاي سليسن جنوب الولاية، حيث شهدت فيضان وادي القور بعد قرابة القرن من جفاف مجراه، وتسبب ذلك في هلاك 5 أشخاص من بينهم رئيس الدائرة آنذاك، كما وجدت أطراف مسؤولة، أن خطر الفيضان الذي ظل يهدد سكان المدينة لسنوات طويلة، قد حلّ نهائيا، بعدما صرفت مبالغ ضخمة لإنشاء تفرعات عديدة، سمحت بالقضاء نهائيا على الخطر. وفي البيّض، مازالت معاناة ساكنة عين "المهبولة" و"وادي الفران" و"بارك أفوراج" مستمرة مع خطر فيضان وادي الدفة المحاذي لسكناتهم، حيث يتمركز ما يقارب 40 من المائة من ساكنة مدينة البيض على حافتي الوادي الذي يقسم مدينة البيض إلى قسمين. الغريب في الأمر أن مقر المديرية الفرعية للأعمال التقنية لسونلغاز يقع على بعد أمتار من مجرى الوادي، الذي تسبّب أيضا فيضانه في الفاتح أكتوبر 2011 في انهيار كلي للمتحف الواقع بعين المهبولة.
أحياء كاملة فوق أودية.. والسيول تهدّد 30 ألف نسمة بالغرق بورقلة شيّدت السلطات المحلية بورقلة قبل 25 سنة مدينة جديدة تضم حاليا أزيد من 30 ألف وحدة سكنية، يطلق عليها حي النصر الواقع 10 كلم عن عاصمة الولاية، لكن أغلب المرافق العمومية التي أنجزت بذات الجهة لم تكن مدروسة بدقة على غرار المسرح الجهوي الذي صرفت عليه الملايير، ومقر الأمن الحضري الخامس، ومؤسسات تربوية وإقامات جامعية، ثبت بعد ربع قرن أنها شيّدت على ضفاف مجاري نائمة تصب في وادي نساء الخطير. يستقبل وادي نساء بورقلة تدفق مياه وادي مزاب بغرداية، ثم وادي مائة الرهيب القادم من السودان الملقب بمساح المنطقة في حال امتلائه حيث يجمع 100 واد، إذ لا يتحرك إلا مرة كل مائة سنة حسب المؤرخين العارفين بخبايا المنطقة. تشير تقارير مكاتب دراسات أن منطقة حي النصر "الخفجي" ورغم أنها تقع في مرتفع بعيد عن المدينة الأم، إلا أنها تعد من أكثر المواقع خطرا، بسبب وجود عشرات المجارى والمصبات ومشاعب فرعية للأودية، خاصة مجارى وادي ميزاب القادم من غرداية نحو ورقلة. ومعلوم أن السلطات المحلية لم تعر أي اهتمام في وقت سابق بتحذيرات مكاتب الدراسات بل قامت بإنجاز أزيد من 11 ألف وحدة سكنية إضافية ومئات المرافق العمومية من بينها أقطاب جامعية على ضفاف مجاري الأودية، بحجة أن الأمطار لا تتساقط على المنطقة بكميات كبيرة، علما أن وسط ورقلة، يقع في مصب كبير للمياه على شكل صحن عميق.
القطب الحضري الجديد وهياكل منجزة على ضفاف أودية مهدّدة بالدمار بالمسيلة! لا تختلف ولاية المسيلة، عن باقي المدن، حيث تسود الفوضى العمرانية بسبب إنجاز هياكل ومساكن سواءً فردية أو جماعية في أماكن مهدّدة بالزوال نظرا للخطر الذي يتربص بها، على وجه التحديد الفيضانات لعدة اعتبارات كإنجازها بالقرب من الوديان والمجاري المائية المتوسطة، رغم طبيعة الأرض المستوية ماعدا في بعض المناطق الجبلية، إلا أن غرس عديد المشاريع خلال سنوات سابقة على ضفاف الوديان أضحى مع مرور الوقت يشكل تهديدا حقيقيا، على غرار منطقة النشاطات الصناعية بالقرب من وادي القصب، وصولا إلى القطب الحضري الجديد بالمخرج الشمالي الغربي لعاصمة الولاية حيث تجري حاليا أشغال إنجاز عديد الهياكل والمرافق العمومية، كما احتضنت المنطقة خلال العشرية الأخيرة مئات الوحدات السكنية فوق أرضية ما يصطلح على تسميته "الوادي الجايح" الذي يعتبره عارفون بشأن البناء والهندسة مصدر خطر حقيقي. وهو الأمر ذاته في مدينة بوسعادة، حيث تم إنجاز سوق للخضر والفواكه بالقرب من أحد الأودية والذي لا يزال مهجورا إلى غاية كتابة هذه الأسطر، إضافة إلى روضة أطفال بمدينة حمام الضلعة استنزفت غلافا ماليا ولا تزال موصدة الأبواب تقع على بعد أمتار قليلة من الوادي الذي يشق مركز المدينة، وهو الأمر ذاته في مدينة عين الخضراء.
ملاعب ومؤسسات تربوية وسكنات في أودية بالجلفة لجأت هيئات عمومية كثيرة بالجلفة لوضع منشآت عمومية داخل أودية، رغم أن تلك الأودية صغيرة لكنها نشطة على غرار بعض الملاعب البلدية ومؤسسات تربوية وحتى سكنات عمومية أنجزتها الإدارات العمومية في مواقع خطرة جدا، وفي عاصمة الولاية وفي حي 100 دار لجأت الجهات الوصية لبناء وترميم ملعب بلدي متواجد بمجرى واد، حيث يتحوّل هذا الملعب لتجمع كبير للمياه، إضافة تهديم جدرانه في كل مرة، خصوصا عقب تساقط الأمطار وفي آخر مرة سقط الجدار الرئيسي بسبب قوة الوادي ما جعل الملعب يتحوّل لبركة مائية في ظرف وجيز، وبجانب هذا الملعب اضطرت السلطات الولائية لتشييد متوسطة جديدة لم تفتح بعد وهي متواجدة داخل مجرى الوادي ما جعل الكثير من المواطنين، خصوصا جيران المتوسطة، يطرحون الكثير من التساؤلات حول اختيار هذه الأرضية غير الصالحة حسبهم لتشييد هذه المؤسسة التربوية والتي ستصبح خطرا كبيرا على أبناء الحي، كما قامت السلطات المحلية بتشييد عديد المنشآت العمومية في أماكن خطرة على غرار السكنات الاجتماعية ومقرات إدارية أخرى. وفي نفس الحي تم وضع سوق الجملة للخضر والفواكه في مجرى واد، حيث يتحوّل هذا السوق إلى برك من المياه مع تساقط ولو كميات قليلة من الأمطار، ما جعل الكثير من التجار يطالبون الجهات الوصية بضرورة إيجاد حلّ عاجل لهذه المشكلة.
مشاريع غير مدروسة وأخرى عشوائية بقسنطينة رغم وضع جهاز لمكافحة الفيضانات لا تزال عديد أحياء قسنطينة عرضة للفيضانات مثلما حدث خلال مطلع شهر سبتمبر المنصرم لاسيما بحي بن تليس بالقرب من المدخل الرئيسي لحي بوالصوف، إضافة إلى حي زواغي، حيث غمرت مياه الأمطار سكة الترامواي. ويرجع مسؤولون بمؤسسة "سياكو" العمومية هذا الأمر إلى "بعض البالوعات التي لا تستجيب للمعايير التقنية المطلوبة" والتي تتطلب عملية إعادة تأهيل من أجل إصلاح "العيوب" المتسببة في انسدادها. وأردفوا بأن هذه العيوب المسجلة على مستوى بعض البالوعات، ظهرت أثناء إنجاز أحد المشاريع ولا يمكن "إصلاحها" سوى عن طريق عملية إصلاح الجزء المعيب من الشبكة. وبالتالي في حال لم تؤد البالوعات دورها خلال التهاطل الكبير للأمطار يمكن للنتائج أن تكون سيئة من خلال تسجيل خسائر مادية وحتى بشرية في بعض الأحيان مثلما حدث في شهر أوت من سنة 2015، حيث تسببت الأمطار الغزيرة في حدوث فيضان بالمدينة الجديدة علي منجلي تسببت في هلاك 3 أشخاص. ومنذ ذلك الحادث الأليم تم وضع "مخطط استعجالي" من أجل تفادي فيضانات جديدة مماثلة، وذلك من خلال إنجاز رواق تحت الأرض وجامع لمياه الأمطار بعلي منجلي موجهين لمكافحة الفيضانات وحماية سكان هذه المنطقة العمرانية من الفيضانات. وسيستلم هذا المشروع، المندرج في إطار الإستراتيجية الوطنية لتحسين ظروف ومعيشة السكان والذي سخّر له غلاف مالي ب 700 مليون دينار حسب مسؤولين بمديرية الموارد المائية، مطلع سنة 2018.
أحياء كاملة تتوسط أودية وعشرات العائلات تواجه "شبح" التشرّد بالبليدة تتواجد بولاية البليدة عديد النقاط السوداء المهدّدة بخطر الفيضانات، أغلبيتها تتمثل في سكنات مشيّدة على حواف الوديان، على غرار تلك الواقعة بحي دريوش ببوعرفة وأولاد يعيش وبقرية بني شقران بموزاية، إلى جانب أخرى تقع بمركز تحويل الكهرباء بمنطقة البور مفتاح ومدخل مدينة بوعينان ومنطقتي بن صاري وبن رمضان ببلدية الشبلي نتيجة عدم وجود قنوات صرف مياه الأمطار وكذا منطقة النشاط ببوفاريك. كما أحصت ذات المصالح، نقاطا سوداء أخرى متواجدة على مستوى الطريق السيار والطرق الوطنية والولائية، نتيجة تجمّع وتراكم مياه الأمطار بسبب انسداد القنوات، على غرار الطريق الولائي رقم 61 الرابط بين بوقرة وحمام ملوان بالمكان المسمى الماقرونات والطريق الوطني رقم واحد، منعرجات الشفة المهدّدة بسقوط الصخور وارتفاع منسوب مياه وادي الشفة.