المكان جنوبتلمسان.. الزمان الثلاثاء 6 فيفري.. درجة الحرارة لا تكاد تعلو فوق الصفر إلا بدرجة واحدة.. كل شيء هنا يغطيه الثلج في قرية غار بومعزة، دروب هذه الدشرة خاوية على عروشها، طرقنا أحد الأبواب فلا أحد خرج من تلك الدار من شدة صفير الرياح التي كانت تحرك الزنك الممدود على سطحها. انتظرنا لمدة زمنية طويلة حتى لبث أحدهم في سيارة محملة عربتها بأكياس كبيرة فتوقف عندنا وسألنا "ماذا تفعلون هنا في هذا البرد" فكان ردنا أننا ننجز عملا صحفيا حول المنطقة ومعاناتها بعد الثلوج التي تساقطت عليها مؤخرا، نزع غطاء عربته وارانا "الرافيتايما" وهي كل ما يأكله ويقتات منه أهل تلك المنطقة خلال شهرين أو أكثر فهم يقومون بتخزين كل ما يمكن تخزينه تحسبا لأي طارئ قال لنا السيد محمد وهو رب عائلة من قرية غار بومعزة بأن أهل الدشرة وباقي القرى المجاورة يعيشون من دون غاز المدينة في منازل أسقفها من القش والزنك كما اخبرنا أن والي تلمسان زارهم أمس ووقف على هذه المعاناة، اشتكوا له من قساوة العيش، فهم يضطرون لتوقيف ابناهم عن الدراسة كلما تهاطلت الثلوج، حيث يقبع كل واحد في بيته أمام موقد لغاز البوتان تارة أو من الحطب تارة أخرى تعد نسوتهم الأكل صباحا ومساء، وقد يحرمون في الكثير المرات من مشاهدة التلفاز بسبب الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي، يخرج الرجال بين الفينة والأخرى لتفقد ماشيتهم وتقديم الأكل لها وإخراج المواشي التي نفقت من شدة البرد، أما غير ذلك فكل شيء معطل إلى غاية ذوبان الثلوج، أما أصحاب الأراضي الفلاحية فهذا الموسم يعد موسم بطالة بالنسبة إليهم اين لا زرع وبذر ولا حرث في هذا البرد القارص. قرى مرشيش، دار معمر، السهب، سيدي عفيف، وغار بومعزة كلها تعيش نفس الظروف يقول السيد محمد، فكلهم يواجهون قساوة هذا المناخ ويضطرون لاقتناء العولة أو الرفيتايما، قال بان السلطات المحلية في بلدية تيرني لا تتحرك لمساعدة السكان في مواجهة هكذا ظروف ما عدا زيارة والي تلمسان، وارد فان أفراد الجيش والدرك الوطني هم الوحيدون الذين تجدهم في هذه المحن إذ يفتحون الطرقات بالشاحنات والجرافات لتسهيل المرور ويقدمون الأغطية في بعض الأحيان للمواطنين لمواجهة البرد أما الباقي فلا حياة لمن تنادي.