في ظل موجة الثلج، التي اجتاحت الولايات الجزائرية، وما صحبها من انخفاض في درجات الحرارة، أصبح الجميع يبحث عن الدفء ويهرب إلى ما يبعث في جسده حرارة يتغلب بها على حالة برد شديد لم تعد تتحمله الأبدان حتى في المناطق الساحلية.. وأكثر ما يصحب البرد، هو الزيادة في حدة الشعور بالجوع وتهيج المعدة لتلتهم كل ما هو ساخن وحار. هروب جماعي من عمال وموظفين و"زوافرة" وسياح، إلى مطاعم الأطباق التقليدية، والأكلات الساخنة، هي الحالة التي عرفتها العاصمة خلال اليومين الأخيرين، بعد أن انخفضت الحرارة بها، نهارا، إلى 10 درجات مئوية. مطاعم عصرية وتقليدية تتنافس جميعها بعرض الأكل الساخن، وما يدفئ البطن، تجلب زبائن من مختلف الشرائح والأعمار، فلم تعد محلات "الفاست فود"، ورائحة وجباتها السريعة تشد الأنوف. الزفيطي، والشخشوخة، والدوبارة، واللوبيا والعدس والبوزلوف والدوارة والحريرة والشوربة، أطباق تقليدية جزائرية ساخنة وحارة في الكثير من الأحيان، ارتفع عليها الطلب مع موجة البرد، فاضطر حتى أصحاب المطاعم العصرية إلى الاستنجاد بنساء طباخات، نزولا عند رغبة زبائنهم.
محلات الوجبات الساخنة تنافس "الفاست فود" "البرد لا يطاق.. حينما تمشي هذه الأيام في الشارع تقودك معدتك طوعا إلى أقرب مطعم تفوح منه روائح اللوبيا والعدس، وتسيل لعابك وأنت جالس إلى موائدها، أكلات يتصاعد بخار مرقها "الحار".. هكذا عبر أحد زبائن مطعم بحسين داي، يقع بالقرب من محطة القطار، حيث يقصده المسافرون وعمال الورشات لتذوق اللوبيا والعدس الحار. في جولة استطلاعية ل"الشروق"، عبر مطاعم الأكل التقليدي ومطاعم عصرية مختصة في تحضير مختلف الأطباق حتى الأجنبية منها، تقع في الغالب في ضواحي حسين داي، كشف لنا مسيرو هذه المطاعم عن مدى الإقبال على الأكلات الساخنة التقليدية وشغف بعضهم إلى اكتشاف الجديد من الأطباق. وقال مسير مطعم "نيو داي"، سيد علي، إن الأكلات الساخنة لقيت طلبا منقطع النظير مع أيام البرد في العاصمة، ما جعلهم يضعون قائمة لمختلف الأطباق التقليدية، خاصة أن المطعم يشهد إقبال موظفين في شركات مختلفة وعمال الورشات بالنظر إلى موقعه. ومن بين هذه الأطباق التي أدرجها في القائمة مع انخفاض شديد في درجات الحرارة، الحريرة وشوربة العدس واللوبيا، وشوربة الخضار، والدوارة والبوزلوف، ويرافقها في الغالب الفلفل الحار والهريسة. وتتراوح حسب ذات المسير، أسعار الأكلات المحتوية للحوم، ما بين 400 دج إلى 600 دج للطبق، بينما لا يتعدى سعر شوربة العدس واللوبيا 250 دج. وأكد سيد علي أن المطاعم لجأت إلى شراء كميات كبيرة من العدس واللوبيا والحمص، وهي حبوب يابسة ارتفع سعرها في السوق مع زيادة الطلب عليها، حيث بلغ سعر الكيلوغرام من اللوبيا 420 دج، والحمص 320 دج.
نساء في المطاعم العصرية لتحضير الأكل التقليدي الأكلات الساخنة والحارة، فرضت نفسها حتى في مطاعم تخصصت في تقديم العصري والأجنبي، حيث قال رئيس الطباخين، في مطعم "أوبريو"، إن موجة البرد التي عرفتها العاصمة، تتسبب في عزوف زبائن المطاعم عن الكثير من الأطباق المدرجة ضمن قائمة الأكلات، ورغم أن مطعمه لا يقدم أطباقا تقليدية، إلا أنه وجد نفسه مرغما حتى لا يفقد زبائنه، على تحضير الأكل التقليدي الساخن مؤقتا. وتشرف حسبه، نساء طباخات على طهي هذه الأكلات الساخنة حسب ما يتناسب مع ذوق الزبائن، حيث أكد أن الأكلات الساخنة المغربية ضمن القائمة وهي مطلوبة بالنظر إلى ذوقها الحار وتزودها بالتوابل النافعة لمقاومة البرد.
"خيم الأكل التقليدي" تزاحم بين الرجال والنساء والأجانب مطاعم ما يعرف بالخيم التي تلجأ إلى ديكور تقليدي يسحر الزبائن، توافد عليها خلال هذه الأيام، الفقراء والأغنياء والنساء والرجال وحتى الأجانب، هربا من البرد القارس، وباتت تجارة مزدهرة في العاصمة، وتلائم أسعار أطباقها التقليدية، جميع الشرائح. في خيمة القلعة بحسين داي، اكتظ حول موائد المطعم الزبائن وهم أشد لهفة إلى تذوق الزفيطي والشخشوخة والدوبارة الحارة، حيث هيجت رائحة هذه الأطباق الأمعاء، وفتحت الشهية للأكل بشراهة.. عمال وموظفون وسائحون ونساء ورجال، هربوا من البرد في الشارع ولجؤوا إلى هذه المطعم بحثا عن الدفء وسط وسائدها وأفرشتها التقليدية المصنوعة من الصوف ورغبة في تذوق الأكل التقليدي الحار. قال مسير المطعم، الشاب سامي، إن خيمته تعرف إقبالا منقطع النظير في هذه الفترة الباردة، وقد فكر في توسيع قائمة الأطباق نزولا عند رغبة الزبائن، وأضاف أن الأسعار المعقولة زادت في استقطاب متذوقي الأكل التقليدي.