صورة من الارشيف شهدت عاصمة السهوب في الأيام القليلة الماضية موجة زوابع رملية كبيرة كتلك التي عرفتها المنطقة في بداية الألفية الجارية، الأمر الذي ساهم في تفشي مظاهر التصحر وانتشاره بداية من مدخل الولاية في الجهة الشمالية إلى غاية حدودها الجنوبية، وهو ما من شأنه أن يهدد الثروة الحيوانية والفلاحية بالمنطقة التي تشكو من جفاف أعاد إلى الأذهان حالة الولاية في سنوات التسعينيات من القرن الماضي * هذه الأسباب وأخرى، كانتشار الرعي اللاشرعي في المراعي والمناطق السهبية واقتلاع الحلفاء وغيرها من النباتات الرعوية، إضافة إلى الحرث الفوضوي الذي تغذيه النزعات العروشية عبر مختلف بلديات الولاية، الشيء الذي ساهم في تراجع الغطاء النباتي وتضرر الأراضي الفلاحية التي تكسوها الرمال مما يقلل من جودتها رغم محاولات أصحابها حمايتها من التصحر وتسرب الرمال إليها. وفي هذا الإطار، فقد كشفت الأرقام عن تحول أكثر من 10 آلاف هكتار إلى مناطق رملية على طول الوديان، خصوصا واد مزي ومحيط المخرق وقلتة سيدي سعد وسيدي مخلوف. كما أكد بعض الفلاحين للشروق بمنطقة تاونزة، أن الزوابع الرملية تسببت في جفاف مجرى وادي مزي ثم انتقلت إلى محيطاتهم الفلاحية مما تسبب في تراجع وانجراف تربتها، رغم غرس الأشجار ومصدات الرياح للوقوف في وجه زحف التصحر الذي يستدعي حسبهم تدخل مصالح الغابات من خلال تسطير برنامج كبير للعمل على حماية المساحات القليلة المتبقية، خصوصا وأنها مصدر رزق آلاف العائلات، إضافة إلى أنها تساهم في توفير الكلأ لمواشيهم في ظل شح السماء وغلاء الأعلاف المرشحة أسعارها للارتفاع في الأيام والشهور القادمة. موازاة مع ذلك، سطرت مديرية الغابات برنامجا مكثفا من أجل التقليل من حدة التصحر وحماية المحيطات الفلاحية من انتشار الرمال، من خلال برنامج التجديد الريفي الجواري الذي يهدف إلى تثبيت الكثبان وتحفيز التشجير، لاسيما مصدات الرياح وبعض الأنواع من الأشجار، إضافة إلى تثبيت حواف الأودية من الانجراف والأراضي الفلاحية من هذه العوامل السلبية، هذا فضلا عن برنامج المحافظة السامية لتطوير السهوب التي ساهمت في تجسيد البرنامج في جنوب الولاية، خصوصا بعد تحديد الأروقة التي تسمح بتنقل حبيبات الرمل وتشكيل الكثبان عند هبوب رياح قوية وكذا وجود مناطق حساسة وهشة للتصحر، الأمر الذي استدعى تبني برنامج لإنجاز محميات على مساحة 6 آلاف هكتار أنجز منه 2000 هكتار، إلى جانب اعتماد التشجير ومشاريع السد الأخضر لحماية الولاية من التصحر بمعدل 20 ألف هكتار سنويا العام الماضي في انتظار استكمال برنامج هذا العام.