صحيح أننا مؤمنون بالله وبوحدانيته وبكل صفاته، وذلك وحده لب الإيمان، وسر التوحيد، ولكن ألا نحتاج مرة بعد أخرى إلى ما يقوي إيماننا، ويملأ فراغ نفوسنا بذكر الله؟ * ألا يحتاج أحدنا ولو مرة في الشهر أن يقف في الليل، يتأمل السماوات، حيث تنشر النجوم على مدّ البصر في الآفاق المظلمة، ليشعر بعظمة الله وقدرته؟ أو يقف على شاطئ البحر الخضم، يرسل الطرف بعيدا، حيث الفلك الجاري على أديم الماء الممهد بإذن الله، ليشعر برأفة الله المحيطة بأخطار البحر اللجي؟ أو يمسك زهرة متفتقة، يتأمل ألوانها المتناسقة، وجمالها الذي تطمئن إليه النفس وترتاح؟ * ألا نحتاج إلى مثل هذا التأمل، كلما أبعدتنا وقائع الحياة وأحداثنا، وأعمال الناس وتصرفاتهم عن ذكر الله، لنقوي إيماننا به، ونبنيه على المعرفة الصحيحة لذاته العليا، وأسمائه الحسنى وصفاته العظمى »الذي خلق فسوّى، والذي قدر فهدى«؟ * أليس مثل هذا التأمل، وبهذا المعنى، جزءا متمما للإيمان بالله، وعنصرا من حقيقته الواضحة المشرقة؟ * إنه بهذا المعنى، يستغرق الأمكنة على تعدادها، والأزمنة على تطاولها، وهو أكثر ما يوجب لله نعوت الكمال، وصفات الجلال، ودواعي الحمد والتمجيد، فلماذا نحرم أنفسنا من هذه العبادة الجليلة ونغضّ من قيمتها؟