حسين عبدي أبيانه.. تتعرض إيران منذ سنوات لأشرس حملة غربية بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية في إطار مشروع كسر عظام من يريد الاستقواء في منطقة لا قوي فيها إلا إسرائيل. واتُّخذت ذريعة الأسلحة النووية حصان طروادة لضرب إيران وإضعافها، مما يُذكر بما تعرّض له العراق بالأمس القريب من أجل نزع مخالبه هو الآخر، مما يعني أن الولاياتالمتحدة لا تفرق بين المسلمين سنة كانوا أو شيعة.. حيث تتخذ معهم الأساليب نفسها اعتقادا بأن ما ينجح مع هذا ينجح مع ذاك. غير أن إيران لم تتداعى ولم تسقط إلى اليوم، فالمحنة التي تعيشها الجمهورية الإسلامية هناك لم تشلّها عن الحركة ولم تُحيّدها عن العالم، فالنظام لا يزال يتصل بأمم الأرض كلها عدا كيان واحد، ومن تلك الاتصالات دعوة الرئيس أحمدي نجاد الرئيس بوتفليقة لزيارة إيران، وهو الأمر الذي دفعنا في الشروق أون لاين إلى استباق الزيارة بحديث إلى سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية في الجزائر السيد حسين عبدي أبيانه، والذي تكلم باستفاضة عن العلاقات بين البلدين وعن التطورات الجارية في العالم ومواقف إيران منها. تصوير: يونس أوبعيش * "نصيحة بومدين لصدّام كانت جيدة ولكن صدّام لم يستمع إليها" * "لا وجود لأي اتفاق نووي بين البلدين" * "عماد مغنية ليس صنيعتنا وإسرائيل لا تنام بعد اغتيالها له" * "أوبك للغاز منظمتنا للوقوف في وجه المُستغلين والمضاربين" * "نحن لسنا العراق ولا أفغانستان وسيرى العالم منا ردّا قويا إذا حاولت أمريكا دخول أراضينا" الشروق أون لاين: نشكركم على استجابتكم لطلبنا بإجراء هذا الحوار الذي يستبق زيارة الرئيس بوتفليقة إلى الجمهورية الإسلامية في إيران. د.حسين عبدي أبيانه: الشكر موصول لكم أيضا، ومرحبا بكم. الشروق أو لاين: سعادة السفير، ماذا تقرأون في زيارة الرئيس بوتفليقة إلى إيران، خاصة وأنها الثانية بعد تلكم التي قام بها في العام 2003 أيام الرئيس خاتمي؟ د.حسين عبدي أبيانه: بسم الله الرحمان الرحيم.الحقيقة أن هذا الزيارة جاءت بدعوة من فخامة الرئيس أحمدي نجاد إلى أخيه فخامة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وقد تلقى الرئيس بوتفليقة الدعوة عن طريق وزير المجاهدين الجزائري السيد محمد الشريف عباس الذي كان في زيارة إلى إيران شهر جانفي المنصرم.هذه الزيارة تكتسي طابع زيارة دولة وسيكون لها وقع كبير على مسار العلاقات بين البلدين. وفضلا عن أجندة الرئيسين التي ستتناول العلاقات البينيّة، فسيكون هناك حديث وتبادل وجهات النظر حول قضايا العراق وفلسطين وأفغانستان، فكما ترون الزيارة تأتي في توقيت هام جدا يشهد تفاعلات دولية كبيرة في منطقة الخليج الفارسي. الشروق أون لاين: سيتناول الرئيسان العلاقات بين البلدين،نود أن نعرف إلى أي مستوى وصلت هذه العلاقات بعد الزيارات الرئاسية السابقة التي تبادلها قادة البلدين؟ د.حسين عبدي أبيانه: بكل صراحة مستوى العلاقات لم يصل إلى درجة الرضا، خاصة ما تعلق منها بالجانب الاقتصادي. ففي السنة الماضية وصلنا إلى نسبة 300 بالمائة في التبادلات الاقتصادية بيننا، وهو ما لم يحصل هذه السنة وقد تراجعت الأمور، لكننا نأمل أن نحسّنها أكثر، وسيكون ذلك طبعا بمعونة الله عزّ وجل وبإرادة المسؤولين في كل من إيرانوالجزائر.سياسيا، هناك تبادل للزيارات والعلاقات جيدة، أما على الصعيد الثقافي فلقد نظمت إيران في الأيام القليلة الماضية أول أسبوع ثقافي لها في الجزائر افتتحته الوزيرة السيدة خليدة تومي رفقة المستشار الخاص للرئيس أحمدي نجاد للشؤون الثقافية السيد مهدي مصطفوي. الشروق أون لاين: أين يكمن الخلل – برأيكم- في عدم بلوغ التبادلات الاقتصادية والتجارية مستوى يرضى عنه الطرفان؟ د.حسين عبدي أبيانه: في حدود تقديري وعلمي، الإعلام التلفزيوني هو العامل المؤثّر في الرفع من مستوى التبادلات الاقتصادية والتجارية، فللأسف ليس هناك تمثيل تلفزيوني جزائري في إيران كما أنه لا وجود لتمثيل تلفزيوني إيراني في الجزائر، وهذا النوع من الإعلام هو الكفيل بنقل صورة حية وحقيقية عن فرص الاستثمار في كلا البلدين و المجالات التي بالإمكان أن يقتحمها الطرفان كلّ في بلد الآخر، وهو ما على الطرفين أن يسعيا لاستدراكه.لاحظوا أيضا أن المسافة بين إيرانوالجزائر بعيدة جدا، فنحن في منطقة الخليج الفارسي والجزائر في منطقة البحر الأبيض المتوسّط، وهذا عامل يُؤثّر على التبادلات الاقتصادية، لكن بإمكان هذا المسافة أن تتقلّص أو أن تزول نهائيا بفعل الإعلام التلفزيوني على وجه الخصوص، وباختصار شديد نحن بحاجة إلى اتّصال دائم لنضمن تعاونا دائما ومستمرا. الشروق أون لاين: إلى أين وصل مشروع إنجاز مصنع لتركيب السيارات الإيرانية في الجزائر، على اعتبار أنه يشكل وجها ملموسا من وجوه التعاون الاقتصادي بين البلدين؟ د.حسين عبدي أبيانه: لاشك أنكم لاحظتم وجود سيارات إيرانية في الجزائر والمواطنون الجزائريون يستعملونها في تنقلاتهم سواء هنا في العاصمة أو في المدن الجزائرية الداخلية، مما يعني أن الأمور بدأت تتحرك في هذا السياق، أما فيما يخص مصنع تركيب السيارات وتحديدا الحافلات الصغيرة- وهو المجال الذي وقع فيه البلدان عقودا- فالأمور تسير بجدية وسيكون المصنع جاهزا خلال العام المقبل إن شاء الله. الشروق أون لاين: لعل من الملفات الكبرى التي سيتناولها القائدان، موضوع "أوبك" للغاز، فالرئيس بوتفليقة أبدى موافقته على المشروع خلال زيارته الأخيرة إلى روسيا، وإيران من الدول الداعية إلى تشكيل هذا القطب الطاقوي الجديد، إلى أيّ حد وصلت المشاورات بهذا الصدد وما الهدف من وراء "أوبك" للغاز؟ د.حسين عبدي أبيانه: نعم، إيرانوروسيا وقطر والجزائر والدول الأخرى المنتجة للطاقة تشكل ركائز كبيرة لمشروع "أوبك" للغاز، وهذا المشروع يقف في وجه العديد من مصالح المعادين لنا. والمسؤولون الجزائريون وفي مقدَّّمهم الرئيس بوتفليقة على علم بهذا، وسيتباحث الرئيسان بهذا الشأن. ما يتمّ حاليا هو تحضير الملفات بين الدول العازمة على تشكيل هذه المنظمة الجديدة ولقد بدأنا عملية التحضير، وأود أن ألفت انتباهكم إلى أن الحديث عن "أوبك" للغاز بين بوتفليقة ونجاد يأتي في وقت ترأس فيه الجزائر منظمة "أوبك"، ممثلة في السيد شكيب خليل الذي أعتبره خبيرا ورجلا له باع في هذا المجال، وسيفيدنا كثيرا في منظمتنا الجديدة.إنني أؤكد بأن هذه المنظمة الجديدة ستكون في صالح الطرفين؛ أي في صالح الدول المنتجة للطاقة والدول المستهلكة أيضا،ما يجري الآن هو استغلال من طرف المستهلكين في سوق الغاز، فهم يشترون الغاز بأسعار منخفضة ويعيدون بيعه بأسعار خيالية وهذا أمر غير عادل وأخص بالذكر هنا الشركات المتعددة الجنسيات، ثم إن الطرف الأكثر استفادة من العملية كلّها هم الوسطاء والمضاربون، هؤلاء هم الذين اغتنوا من هذه السوق بصورة فاحشة، كل هؤلاء يشترون منا الغاز بأسعار- كما قلت- ثم يبيعونه بالسعر الذي يريدون ونحن لن نقبل بهذا من هنا فصاعدا، لذلك سننشئ منظمتنا الخاصة بالغاز، ولذلك فإن أولئك المستغلون هم الذين يقفون في وجه هذا المنظمة ولا يريدون لها أن تولد أو أن تعيش، سننشئ "أوبك" للغاز لكي نُؤمّن استهلاك الغاز بالنسبة للمستهلكين من قبضة المستغلّين،كما سنؤمّن تجارته لأنفسنا، وبهذه الطريقة لن يكون الغاز أغلى مما هو عليه اليوم، إن "أوبك" للغاز ستقف في وجوه هؤلاء، هذه هي أهدافنا من وراء مشروعنا هذا. الشروق أون لاين: اهتمام إيران بموضوع الطاقة جعلها تدخل منطقة "مُحرّمة" في قوانين الدول الكبرى في العالم وعلى رأسها الولاياتالمتحدة، والمنطقة المحرمة التي دخلتموها هي "الطاقة النووية"، دخولكم إلى هذا المنطقة ساق عليكم محنا كبيرة لا تزال تتوالى عليكم، إلى أين وصلتم في ملفّكم النووي الذي شغل العالم منذ سنوات؟ د.حسين عبدي أبيانه: مشروعنا في الطاقة النووية مشروع سلمي. كل العالم يعرف بأن الطاقة الحالية ممثلة في البترول والغاز ستنضب قريبا جدا أي في حدود 30 إلى أربعين عاما حسب تقديرات الخبراء، والدول الكبرى اليوم بدأت تفكر في استبدال تلك الطاقة بالطاقة النووية، وهذا ما نقوم به نحن في إيران، أفلا يحق لنا ذلك؟ الشروق أون لاين: لكنّكم متهمون بالتسلح النووي وليس باستعمال السلمي للنووي، وأنتم الآن مدانون- حسبهم- وبدأت الدول الكبرى تحضر لعقوبات ضدّكم؟ د.حسين عبدي أبيانه: لقد فتحنا منشآتنا النووية للمنظمة الدولية للطاقة الذرية، وكاميراتهم منصوبة على مداخل منشآتنا وعلى مخارجها وداخلها تصور كل ما يحدث أربعا وعشرين ساعة على أربع وعشرين، وتقارير المخابرات الأمريكية وتقرير المنظمة الدولية للطاقة الذرية الأخير أكّدت بأن ملفنا نظيف، والبرادعي أوضح في تقريره الذي أصدره الأسبوع المنصرم بأن ملفّ إيران النووي لا غبار عليه، أظن أن كل شيء واضح الآن، فماذا يريدون أكثر من هذا.في عقيدتنا الإسلامية في إيران، امتلاك أسلحة نووية وذرية وذات دمار شامل أمر محرّم، وفي الأعراف السياسية والديبلوماسية ممنوع أن تمتلك دولة هذا النوع من الأسلحة، فما بالك باستعمالها؟ إن استعمال ذلك النوع من الأسلحة يُعد جريمة حرب ويجب محاسبة مرتكبها بمن فيهم الولاياتالمتحدةالأمريكية التي ألقت قنبلتين ذريتين على هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين في نهاية الحرب العالمية الثانية، وكذلك إسرائيل التي استعملت أسلحة محظورة في حرب الثلاثة وثلاثين يوما ضد حزب الله في صائفة العام 2006.السلاح النووي لا قيمة له عندنا، لكن الطاقة النووية تعني لنا الكثير، إننا نستعملها في الطب وفي المجال الفلاحي وفي الكهرباء وفي مجالات كثيرة وفائدتها لا تحصى ونحن لن نفرط فيها.إن الخطر الحقيقي في المنطقة هي إسرائيل التي تعلن بأن لديها أسلحة ورؤوسا نووية، إسرائيل تمتلك 400 رأس نووي، فلماذا لا يفتشون منشآتها النووية والذرية؟ إن إسرائيل لم توقع على معاهدة حظر انتشار أسلحة الدمار الشامل وهي ترفضها إلى اليوم..وعندما ذهب البرادعي إلى تل أبيب وطلب منهم أن يوقعوا على المعاهدة رفضوا، بل ورفضوا زيارته لمفاعلاتهم ومراكزهم النووية. الشروق أون لاين: بصراحة مطلقة، هل هناك اتفاق نووي بين إيرانوالجزائر؟ د.حسين عبدي أبيانه: لا أبدا، أؤكد بأنه لا وجود لأي اتفاق من هذا القبيل بين البلدين. الشروق أون لاين: ماذا لو طلبت الحكومة الجزائرية مساعدة من إيران في المجال النووي لدعم مُفاعليْها؟ د.حسين عبدي أبيانه: الدخول إلى هذا النوع من التعاون مضبوط بقوانين صارمة تفرضها المنظمات الدولية المختصة وعلى رأسها المنظمة الدولية للطاقة الذرية، ولا ننسى أن إيرانوالجزائر بلدان عضوان في الاتفاقية الدولية التي تحظر انتشار أسلحة الدمار الشامل، والأمر يحتاج إلى وقت وإلى الالتزام بتلك القوانين، وإذا ما تقدمت حكومة الجزائرية بطلب لإيران فسنتعاون من جانبنا وفقا لما تمليه القوانين الدولية، فنحن نخضع لتلك القوانين. الشروق أون لاين: تشهد منطقة الخليج تهافتا من القوى الكبرى، ومن ذلك التهافت، الزيارة الأخيرة للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي حيث حصد عقودا مالية كبيرة في إطار دعم بلدان المنطقة بمفاعلات نووية سلمية، كيف تقرأون هذا الحدث؟ د.حسين عبدي أبيانه: للمستعمر طرق عديدة لكي يستعمر أراض جديدة أو لكي يعود إلى مستعمراته الماضية، والجزائر خصوصا ودول المغرب العربي عموما تعرف هذا الأمر جيدا. إنّ فرنسا لا تفي بالتزامتها وبمعاهداتها مع الدول، وسأذكر هنا قصة على سبيل المثال حدثت لنا نحن الإيرانيون مع الفرنسيين. لقد كان بيننا وبين الفرنسيين اتفاق في المجال النووي وتحديدا مع شركة "أوروديف"، اتفقنا بموجبه أن تكون لنا نسبة 10بالمائة من اليورانيوم الذي تخصبه هذه الشركة، وهذا الاتفاق كان سنة 1975، وأؤكّد لكم بأننا إلى اليوم لم نأخذ ذرّة مما اتفقنا عليه رغم مرور أكثر من ثلاثين عاما، هذه تجربتنا مع الفرنسيين. الشروق أون لاين: ما قصة العداء بينكم وبين أمريكا، هل هي الثورة الإسلامية وطرد الشاه الذي كان يمثل رجل أمريكا في المنطقة، وإلى أين تسير الأمور بينكم وبينهم؟ د.حسين عبدي أبيانه: يقول الإمام الخميني- رحمة الله عليه- بأن العلاقة بيننا وبين أمريكا اليوم هي كعلاقة الذئب بالكبش، فأمريكا ترى نفسها فوق دول العالم كلها، ونحن لن نقبل بهذا المنطق، ولن تعود العلاقة بيننا وبينهم إلى طبيعتها إلا عندما يغيرون التفكير بذهنية "السّيد"، فكل دول العالم متساوية، لكن الأمريكيين يرفضون التخلي عن حلم "حكم العالم".أمريكا تريد أن يكون العالم كله تابعا لها وخاضعا لسيطرتها ونحن لا نقبل بهذا، نحن نريد أن نكون مستقلين في قراراتنا وغير خاضعين لأحد.أود أن أقول بأنّ أمريكا التي تستعدينا اليوم وتحاول أن تمنعنا من امتلاك الطاقة النووية، هي نفسها التي نصحتنا يوما بأن يكون لنا 20 مركزا نوويا، وكان هذا أيام الشاه، وأذكّر هنا بأننا عدد الإيرانيين يوم ذاك كان 20 مليونا، ونحن اليوم 75 مليونا.. أمريكا هذه هي نفسها التي تقول لنا اليوم بأنه لا حق لنال في امتلاك مراكز نووية؟؟؟ الشروق أون لاين: وفق المنطق الأمريكي أيام الشاه فأنتم اليوم بحاجة إلى 75 مركزا نوويا؟ د.حسين عبدي أبيانه: (ضاحكا) نعم، هذا ما نحتاج إليه اليوم، حسب منطقهم في فترة الشاه الشروق أون لاين: عندما نجحت الثورة الإسلامية في إيران وطُرِد الشاه، طلب الرئيس الراحل هواري بومدين من الرئيس العراقي الراحل صدام حسين- رحمة الله عليهما- بأن لا يقف في وجه الثورة الإسلامية وأن يتركها تجتاح المنطقة، برأيكم هل كانت هذه "النصيحة" مُحقة، خاصة والحال أنّ أمريكا التي طُردت من المنطقة عن طريق الشاه، عادت مرة أخرى إليها عن طريق أنظمة عربية؟ د.حسين عبدي أبيانه: الرئيس الراحل هواري بومدين- رحمة الله عليه- رجل محترم وقائد كبير. وأعتقد أن نصيحته للرئيس صدام حسين كانت نصيحة جيدة ولكنها للأسف لم تجد من يستمع لها. لقد أخرج الإمام الخميني الشاه الذي كان عين أمريكا ويدها هناك، ولكن صدام ارتكب خطأ لا يغتفر وجرّ على المنطقة حربا لم ترحم العراقيين ولا الإيرانيين ولا المسلمين.لقد كنا نريد أن نجيّش المنطقة وبلدانها في وجه الأخطار التي كانت تتهدّدها، كنا نريد أن نقوّي المنطقة، ولكن الحرب العراقية الإيرانية أضعفتها، ولا تزال المنطقة إلى اليوم تحت الحصار. الشروق أون لاين: نود العودة إلى ملفّكم النووي، والحقيقة أنكم نجحتم إلى هذه اللحظة في إدارته رغم كل الإرهاصات والضغوط، هل تعتبرون أنفسكم بأنكم قد أدَرتم الأزمة أو أنكم أدرتم بِالأزمة، على اعتبار أن النظريات في العلوم السياسية والعلاقات الديبلوماسية تتحدث عن إدارة الأزمات وعن إدارة العلاقات بالأزمات؟ د.حسين عبدي أبيانه: نحن أدرنا الأزمة، و أود أن أوضح أنه بفضل إيران صار في مقدور العالم أجمع اليوم بكل دوله الضعيفة والقوية أن يتحدّث عن النووي السلمي وعن الطاقة النووية السلمية بعد أن كان الحديث عنها أمرا خطيرا تخاف الكثير من الدول أن تخوض فيه. لقد كسرنا هذا الخط الأحمر ودافعنا بذلك عن حق الدول السائرة في طريق النمو في امتلاك النووي السلمي والتكنولوجيا السلمية، وأصبحت هذه المسألة قضية عامة يتحدّث فيها الجميع، واليوم على الوكالة الدولة للطاقة الذرية أن تساعد الدول الراغبة في الحصول على الطاقة النووية السلمية واستغلالها باعتبارها حقا للجميع وليس حكرا على أحد. الشروق أون لاين: سنولّي وجوهنا الآن قِبل الأزمات التي تهز المنطقة العربية في الشرق الأوسط. فلبنان يموج موجا بمشاكله الداخلية اليوم التي تمسك بخيوطها أصابع خارجية، وسوريا تحت التهديد والوعيد، وإيران في عين الإعصار والبقية ستأتي..هل بالإمكان القول أن ما يجري في هذين البلدين هو استمرار لعملية كسر عظام،بدأت بالعراق والهدف الآن لبنان والتالي سوريا تحضيرا لتهشيم الرأس الكبرى والتي هي إيران، ثم الانتقال إلى السعودية وبلدان أخرى مثلما تقول المخططات الاستراتيجية الأمريكية؟ د.حسين عبدي أبيانه: هذا هو الحلم الأمريكي. هم الآن يعملون على زعزعة لبنان، لكن هذا يبقى مجرّد حلم كما قلت، فالمسؤولون اللبنانيون أذكياء جدا وفي مقدمتهم السيد حسن نصر الله، فهذا الرجل من حديد، ولقد وقف في وجه إسرائيل ،وشعبه يراه بمثابة الأب. الشروق أون لاين: هناك من يقول بأن نصر الله رجلكم في لبنان وأنه ينفذ مخططا إيرانيا؟ د.حسين عبدي أبيانه: ليقولوا ما شاؤوا. العلاقة بيننا وبين حزب الله علاقة عقدية أخلاقية، نحن ندعم حزب الله ودعمناه في حرب الثلاثة وثلاثين يوما في العام 2006 ضد إسرائيل، وأود أن أقول هنا بأن المسؤولين الجزائريين وقفوا مع حزب الله في حربه تلك، والرئيس أحمد بن بلة قال لي شخصيا بأنه لو كان الرئيس جمال عبد الناصر حيا لكنت وإياه جنودا من جنود السيد حسن نصر الله وسنقف بشرف في وجه إسرائيل، كما أن المسؤولين الجزائريين هنّأوا السيد حسن نصر الله بفوزه ذلك.لقد حقق حزب الله معجزة عجز عنها العرب ولم يستطيعوا أن يقوموا بها رغم ملايير الدولارات التي يمتلكونها. لقد حارب حزب الله بالإيمان، فهو جماعة صغيرة وليس جيشا نظاميا مدربا له قطعه الحربية وأسلحته الفتاكة، ورغم ذلك انتصر، وحزب الله اليوم في أوج قوته وهو مستعد لتحرير ما تبقى من الأرض اللبنانية وعلى وجه التحديد مزارع شبعا.ما يرمي إليه الأمريكيون اليوم هو إضعاف حزب الله وسوريا للوصول إلى إيران، ولكن كما قلت يبقى هذا حلما، وحلما خطيرا عليهم، فنحن لسنا العراق ولسنا أفغانستان، وإذا ما أخطأوا يوما وحاولوا الدخول إلى إيران فسيلقون منا إجابة وردا تاريخيين. الشروق أون لاين: هل من الممكن أن نعرف طبيعة هذا الرد؟ د.حسين عبدي أبيانه: نحن نتمنى أن لا يأتي هذا اليوم، ففي تاريخ إيران لم نكن البادئين بأية حرب، أبدا، ولكن إذا اعتُدي علينا فسيكون لنا الحق الشرعي في الدفاع عن أنفسنا. نحن 75 مليون نسمة، وعلى الأقل سيكون منا 40 مليونا مثل رجال السيد حسن نصر الله في بأسهم وشدّتهم، وسيرى العالم منا قوة لم يرها من قبل. الشروق أون لاين: حزب الله تلقى ضربة موجعة وهو منشغل اليوم بالرد عليها، وتمثلت تلك الضربة في مقتل قائده الأمني عماد مغنية على يد الموساد مثلما يقول السيد حسن نصر الله، هل مثّل مقتل مغنية ضربة لكم أيضا على اعتبار أن هناك من يقول بأن هذا الرجل صنيعتكم؟ د.حسين عبدي أبيانه: عماد مغنية لبناني من أب وأم ولبنانيين، ومن أصول لبنانية، وهم يقولون بأنه رجلنا لكي يبرروا جرائمهم. عماد مغنية قائد كبير وشهيد من أجل وطنه، يعتقدون أنهم بقتله قد كسروا رأس حزب الله، أنظر إليهم إنهم لا ينامون اليوم، الإسرائيليون خائفون..ليعيدوا الحرب وسيرون بأن ردّ حزب الله سيكون أشد وأقوى.