يوم بعد آخر تبرهن جريدة الجزائريين الأولى "الشروق اليومي" أنها ليست فقط وسيلة إعلامية إخبارية تجارية، بل اصبحت تعيش واقع الجزائريين وتحمل همومهم وتعبر عن مآسيهم وانشغالاتهم ومشاكلهم اليومية، وتسعى لإيجاد حلول لها برفع مطالبهم إلى أصحاب القرار كل حسب مسؤولياته. فبالأمس القريب وقفت في وجه الهجمة الإعلامية المصرية المسعورة التي مست بكرامة ومقومات وثوابت الشعب الجزائري وتاريخه رغم فارق الإمكانيات بين الطرفين وردت على كل مزاعمهم وتهمهم الباطلة وعرت مخططاتهم وبرامجهم التوريثية، ثم رفعت العلم الجزائري عاليا وشاركت رفقة أحفاد مصطفى بن بولعيد والعربي بن مهيدي في الحملة الشعبية لكسر الحصار الإسرائيلي الغاشم على أهلنا في غزة من خلال أسطول الحرية. وتكريما للعلم والعلماء ما فتئت تكرم أصحابه تكريما يليق بمقامهم أحياء وأمواتا، ونشر أفكارهم والعمل على طبع مؤلفاتهم. وفي خطوة جديدة تقوم جريدة "الشروق" بحملة تضامنية لصالح الأطفال المصابين بمرض السرطان في إلتفاتة لاقت استحسانا كبيرا لدى المجتمع الجزائري داخل وخارج الوطن وعرفت تجاوبا كبيرا. فهذه الحملة التضامنية استعملت تقنية الهاتف النقال في جمع التبرعات للمرضى وهي طريق مستعملة بكثرة في الدول الغربية وتكون بصفة أشد أوقات المحن والزلازل والكوارث الطبيعية وتسهر على توزيع ما يجمع من مبالغ فيها جمعيات ومؤسسات خيرية بطرق شفافة تزيد في ثقة المساهمين والمتبرعين. إن الحكومات التي تحترم نفسها يعيش فيها المجتمع في ظل نظام تكافلي يشعر فيه الجميع بالمساواة رغم اختلافاتهم، بل إنها تعطي للفئات المحرومة وأصحاب الاحتياجات الخاصة والمحرومة اهتماما أكبر وتخصص لهم ميزانيات خاصة لحل مشاكلهم وتحقيق رغباتهم. ويشاركها في ذلك المجتمع المدني بطوائفه المختلفة الذي يعمل من خلال العمل الجمعوي الخيري التطوعي على تقديم كل المساعدات والسهر على خدمة هذه الفئات كل في إطاره بل تجد الجمعيات تتنافس في خدمة هذه الفئات. أما في الجزائر فتسعى الجمعيات الخيرية في بذل مجهودات كبيرة في خدمة المجتمع ولكنها تقف دائما عند عقبة نقص الإمكانيات وشح الموارد والمساعدات المقدمة من طرف الدولة وقلة التبرعات وهي في ذلك معذورة. وإذا كانت الأزمة التي مرت بها الجزائر قد شوهت صورة هذه الجمعيات ونفر المواطن منها فإن غياب سياسة إعلامية واضحة في مجال العمل الخيري قللت من إقبال المواطن على المشاركة والانخراط فيها. ومن أجل توضيح ذلك وجب التذكير ونحن في شهر رمضان الكريم أن العمل الخيري أمر مهم في الإسلام، فإذا كان المسلم مطالب بالركوع والسجود فهو مطالب ايضا بفعل الخير وبصفة جماعية مؤسسة، قال الله تعالى "يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون"، فالعمل الخيري جزء من عقيدة وعبادة الأمة فالأهمية تأتي من حيث القيمة الذاتية للعمل الخيري إفادة واستفادة وما يترتب عليه كذلك، فلا يمكن للأفراد أو الدول أو المؤسسات أن تتخلى عنه أو تهمشه. ويعتبر نجاح العمل الخيري ومؤسساته مقياسا تقويميا لمستوى الأمم والأفراد والجماعات، كما يعتبر صمام أمان وأمن وقائي داخل المجتمعات المسلمة وغيرها، فإغاثة المنكوبين والملهوفين وخدمة الفقراء والمحتاجين، والمسح على رؤوس الأيتام ومواساة الأرامل وإعمار وبناء الأرض وإنما المجتمعات الفقيرة مما خربته يد الإنسان أو ما كان من فعل الطبيعة هو رسالة نبيلة خالدة وأسمى معاني العمل الخيري.. وها هي جريدة "الشروق" فتحت الباب من جديد وطرقت أبواب العمل الخيري وأحيت روح التضامن في النفوس من خلال هذه المباردة التي نتمنى أن لا تكون فقط خلال شهر رمضان بل تستمر على مدار السنة حتى لا تحرم الناس من المشاركة في الأعمال الخيرية، لأن الفئات المحرومة وأصحاب الاحتياجات كثر وفي تزايد مستمر، وأن تتوسع لتشمل باقي الفئات الأخرى. إن مبادرة الجريدة رفقة المشاركين معها في التضامن مع هذه الفئة من الأطفال تستحق التشجيع والشكر والمساهمة بقوة لإنجاحها وجمع أكبر مبلغ مالي لرفع الغبن والمأساة عن هذه الطبقة من الأطفال الذين أصيبوا بهذا المرض الخبيث الذي لا أمل للكثير في الشفاء منه. فثمن المشاركة في هذه الحملة لا يتعدى الخمسين دينارا وهو مبلغ رمزي يمكن من خلال جمعه معا فعل الكثير لهذه الفئة من الأطفال، فبتكاثف الجهود تتحقق النتائج وكم سمعنا ورأينا مبادرات خيرية أثمرت وحققت ما لم يكن يتصور. شركاء جريدة "الشروق" في حملة التضامن كانوا أكثر سخاء بأن طرحوا جوائز قيمة وثمينة جعلت للمشاركة طعما آخر وحفزت على مضاعفة التبرع قصد الحصول على إحدى الجوائز وهي بادرة جديدة لتحفيز العمل الخيري. المساهمون بالجوائز وجدوا في جريدة "الشروق" الشريك الإعلامي والراعي الأساسي والمؤسسة القادرة على خدمة المجتمع الجزائري. ولا بد من التذكير هنا بأساسيات مهمة لنجاح هذه الحملة، ولا أظن القائمين على جريدة "الشروق" يغفلون عنها، ولكن من باب "وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين" ولطمئنة قلوب ونفوس المتبرعين في وصول أموالهم إلى مستحقيها، فشرط نجاح الحملة هو الشفافية المطلقة في العملية من بدايتها إلى نهايتها وحسن التسيير والتدبير المالي المتبرع به مما يزيد في الثقة في المشروع ويوطد العلاقة أكثر مع الجريدة التي تعرف بمصداقيتها وهو تأكيد لوضوح الرسالة التي تحملها ومن تمام المسؤولية والأمانة. إن حملة "الشروق" التضامينة هي دعوة لكل أصحاب القلوب الرحيمة للتكاتف لإدخال الفرحة على قلوب الأطفال، لمسح دموعهم، لإرجاع البسمة التي غابت من أفواهمهم جراء المرض، هي دعوة لزيارتهم ومشاركتهم يومياتهم والتخفيف عن آلامهم وإخراجهم من عزلتهم التي يعيشونها في المستشفيات، دعوة للتكفل بهذه الفئة وتوفير ما يحتاجونه من مساعدات وأدوية، وأدوات مدرسية وألعاب فلا نجعلهم يشعرون بالحاجة لأي شيء. هي دعوة لكل أفراد المجتمع الجزائري داخل وخارج الوطن، المجتمع الذي عرف التكافل في أوقات الشدة والمحن، هي دعوة لإحياء روح الأخوة بين الأفراد والجماعات نزولا عند قول الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى". دعوة للشعب الجزائري الذي وقف بالأمس وقفة رجل واحد نصرة للفريق الوطني بالغالي والنفيس أن يقف من جديد خدمة للمجتمع في كل ميادين الحياة في مساعدة المحتاجين والفقراء والمرضى في المستشفيات وتقديم يد العون والنهوض بالجزائر. دعوة لجاليتنا بالخارج لإبراز مساعداتها لأبناء بلدها والانخراط في العمل الخيري في الجزائر لما تملكه من خبرات ولما تعرفه عن أهمية العمل التطوعي في خدمة المجتمع. هي دعوة ونحن نكمل الأيام الأخيرة من شهر البركة التي كان فيها رسولنا كالريح المرسلة أن نقتدي به ونضع بصمتنا في حملة "الشروق" التضامنية ونزيد من حجم المشاركة لإنجاح المبادرة ومواصلتها بعد رمضان لتشمل فئات أخرى تعاني التهميش والنسيان بحاجة لمساعداتنا. فشكرا لجريدة "الشروق اليومي" وكل المؤسسات المشاركة معها في الحملة، وشكرا لكل من تبرع وما زال يتبرع.