الشروع في زيارات ميدانية لمعاينة الأجهزة والوقوف على أسباب عدم تشغيلها كشف وزير الصحة وإصلاح المستشفيات جمال ولد عباس عن إحصاء دائرته الوزارية لما يزيد عن 85 بالمائة من التجهيزات الطبية التي كلفت الخزينة العمومية ملايين الملايير غير عملية، حيث أكد أن عشرة آلاف وحدة فقط من التجهيزات الطبية عملية من بين 73 ألف و500 تجهيز تمتلكها الجزائر بمختلف المؤسسات الصحية على المستوى الوطني، أي ما يعادل 13.60 بالمائة فقط من التجهيزات الطبية، مضيفا أن 5000 وحدة أخرى من التجهيزات الطبية معطلة و2200 تم تركيبها ولكنها غير عملية و3000 وحدة أخرى لا زالت مغلفة" وأشار الوزير خلال زيارة تفقدية لمستشفى زميرلي بالعاصمة إلى إعلانه الحرب على المتسببين في مشاكل التجهيزات الطبية التي تكلف الدولة الملايير ولا يتم تشغيلها أو الاستفادة من خدماتها داخل المستشفيات، مشيرا إلى أن عدم تشغيل هذه التجهيزات وعدم استفادة المواطن من خدماتها يطرح أكثر من سؤال ويفتح الأبواب للشبهات، حيث أكد على شروعه في زيارات ميدانية لمعاينة التجهيزات الطبية غير عملية، والوقوف عن قرب على الأسباب التي حالت دون تشغيل هذه الأجهزة التي تكلف الخزينة العمومية ملايين الدولارات. وكشف مصدر طبي ل "الشروق" عن وجود تجهيزات طبية ومجموعة من العتاد الطبي على مستوى مخزن الصيدلية المركزية للمستشفيات ومختلف وحداتها المنتشرة عبر عدد من الولايات، انتهت صلاحية استعمالها، بعد اقتناء أجهزة أحدث منها، دون أن يتم توزيعها حتى على المستشفيات والمصالح الطبية المعنية، وأكد مصدر طبي آخر أن الوزارة الوصية اقتنت مؤخرا جهاز سكانير من الجيل الرابع، من شركة يابانية بأزيد من ثلاثة ملايين دولار، إلا انه لايزال غير عملي لعدم تأطير طاقمه الطبي. وفي هذا الإطار، أضاف مصدر طبي آخر عن وجود عدد كبير من التجهيزات الطبية الهامة بمختلف المستشفيات خاصة الجامعية منها ومعطلة منذ اقتنائها، خاصة تلك المتعلقة بالكشف عن الأمراض بالأشعة وبالصدى وبالصورة، وأجهزة أخرى لم يتم أخراجها حتى من أغلفتها التي غلفت بها بمصنعها الأصلية، البعض محتجز داخل مستودعات المستشفيات، تنتظر من المسؤولين على الصحة فك أسرها، مضيفا أن هذه التجهيزات التي كلفت الخزينة العمومية آلاف الملايير، تكلف يوميا المواطن تكاليف باهظة الثمن بالمصحات والعيادات الخاصة، خاصة وان هناك أجهزة جد مهمة في الكشف عن بعض الأمراض، على غرار أمراض القلب، وأجهزة أخرى خاصة بالجهاز العصبي وتخطيط الدماغ، وأخرى للكشف عن أمراض الربو والجهاز التنفسي، وأجهزة أخرى خاصة بالكشف عن سرطان الثدي وأخرى للتشخيص الدقيق لأمراض الأنف والحنجرة. وقصد إدراك الوضع عمدت وزارة الصحة إلى التفكير في إرسال فرق طبية إلى عدد من الدول التي اقتنت منها هذه الأجهزة المتطورة جدا، خاصة بلدان شرق آسيا، قصد تلقي التكوين والتأطير اللازمين، لتشغيل مثل هذه الأجهزة الطبية، بدل من تركها مركونة بقاعات العلاج داخل المستشفيات. ومن جهته اعتبر الدكتور الياس مرابط، رئيس النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية في اتصال هاتفي، بعد تأكيده لوجود معدات طبية رهينة مستودعات المستشفيات، تحصيل حاصل لما أسماه بالسياسة العشوائية المنتهجة في الوزارة الوصية، وذلك لغياب أخصائيين حيث ذكر بأن الوزارة الوصية خصصت 90 بالمائة على الأقل من ميزانيتها في اقتناء التجهيزات الطبية، وإعادة تهيئة وبناء المستشفيات المستشفيات، في إطار الخريطة الصحية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ منذ جانفي 2008، مؤكدا على أن التسيير العشوائي أدى إلى اختلال التوازن بين طرفي المعادلة، حيث سارت عملية اقتناء التجهيزات الطبية بوتيرة أسرع من عملية تشييد المؤسسات الصحية وإعادة تهيئة المستشفيات، مما أدى إلى اقتناء أجهزة بالملايير وتم رميها في مستودعات ومخازن المستشفيات والمراكز الصحية، كما أضاف الدكتور مرابط عامل الاقتناء العشوائي للتجهيزات الطبية، مما أدى إلى توزيع أجهزة على مستشفيات تمتلك أجهزة من نفس النوع، ليتحول مباشرة إلى المستودعات، ولم يغيب محدثنا عامل انعدام مختصين في بعض الأجهزة على غرار أجهزة التصوير بالأشعة، مما احل دون أن يستفيد منها المواطن.