ستخضع الميزانيات السنوية التي تضعها الحكومة لاستشارة مجلس المحاسبة لأول مرة في تاريخ الجزائر، هذه الاستشارة التي تعد بمثابة آلية من آليات الرقابة ستمكن مجلس المحاسبة من الإطلاع على المشاريع التمهيدية لضبط الميزانية وإعداد تقارير عنها، تكون هذه التقارير بمثابة المرفقات التي تحال بمعية المشروع التمهيدي المتعلق بالميزانية على البرلمان بغرفتيه، من موقعه الهيئة المسؤولة على عملية التشريع. فحسب المادة 18 من قانون المالية التكميلي للسنة الجارية الساري المفعول منذ أمس فإنه يتعين على الجهاز التنفيذي استشارة مجلس المحاسبة مستقبلا في المشاريع التمهيدية المتعلقة بضبط الميزانية، ويتعين على الحكومة بعد استشارة مجلس المحاسبة أن ترسل التقارير التقييمية التي يعدها المجلس لهذا الغرض بعنوان السنة المالية المعتبرة إلى الهيئة التشريعية مرفقة بمشروع القانون الخاص بها، هذه المادة القانونية التي صدرت في مشروع قانون المالية للسنة الجارية تحمل الطابع الملزم للحكومة على استشارة مجلس المحاسبة بداية من المشروع التمهيدي الخاص بميزانية السنة القادمة. وأوضحت مصادر حكومية ل "الشروق" أن الإجراء المتعلق بضرورة استشارة مجلس المحاسبة يندرج ضمن سياق توسيع مهام مجلس المحاسبة، الذي توجد إرادة سياسية كبيرة لإحياء أدواره لتشمل تعزيز الوقاية من مختلف أشكال الغش والممارسات غير القانونية أو غير الشرعية التي تمس الذمة المالية والأموال العمومية ومحاربتها. وضمن هذا السياق تم تفويض مجلس المحاسبة اقتراح توصيات تهدف إلى تعزيز آليات حماية الأموال العمومية ومحاربة أشكال الغش والأضرار بالخزينة العمومية أو بمصالح الهيئات العمومية الخاضعة لرقابته. توسيع مجال الرقابة الموكلة لمجلس المحاسبة والتي ستشمل تسيير المؤسسات التي تملك الدولة معظم الأسهم في رأس مالها أو سلطة القرار الترجيحية فيها، سيمكن المجلس كذلك من لعب دور استشاري للجهاز التنفيذي في عملية ضبطه لخطط صرف المال العام ووضع الميزانيات السنوية، التي تلازمها في كل مرة تحذيرات من التبذير وإهدار المال العام، من هذا الموقع يتعين على مجلس المحاسبة أن يتأكد من وجاهة وفعالية آليات وإجراءات الرقابة والتدقيق الداخلي للحسابات المكلفة بضمان سلامة تسيير الموارد وحماية ممتلكات ومصالح المؤسسة وكذلك تقصي مجرى العمليات المالية والحسابية المنجزة ذات الصلة بالذمة المالية. تفعيل مجلس المحاسبة وتمكينه من لعب أدوار استشارية للحكومة في وضع ميزانيتها وخططها المالية يأتي كخطوة تكميلية لتوسيع نطاق المراقبة الذي تختص به المفتشية العامة للمالية التي سبق لها وأن أوفدت لجانها للتحقيق في العديد من الدوائر الوزارية، هذه التحقيقات التي أسفرت إلى وضع تقارير أبانت نتائج كارثية في كيفيات تسيير المال العام، مثلما هو عليه الحال بالنسبة للتقارير الذي حملت تقييم كيفيات تسيير موسم الحج، قبل استحداث الديوان الوطني للحج والعمرة وتوسيعه هو الآخر ليشمل المؤسسات العمومية الاقتصادية. الدور الرقابي لمجلس المحاسبة سيتيح للدولة السهر على حماية رؤوس أموالها ومساهماتها وعلى ضمان العقلانية في المؤسسات التي هي ملك للدولة أو المؤسسات التي تملك فيها الدولة أغلب الأسهم، إلى جانب تنظيم وسير غرفة الانضباط الميزاني والمالي في مجال التحقيق والنطق بالحكم وإلزام مسؤولي المجموعات والهيئات الخاضعة لمراقبتها بتبليغ نتائجها للأجهزة التي تتولى المداولات في أجل أقصاه شهران.