مُحلّيات محظورة وتجار يعوّضون السكر لغلائه بسموم قاتلة اقتحمت منتوجات "اللايت"، بأصنافها المختلفة، يوميات الجزائريين، وباتوا شبه مدمنين على استهلاكها، سيما من قبل المصابين بداء السكري أو الراغبين في اتباع نظام حمية خاص ممن يتوهّمون بأنها منتجات صحية تكسر الحظر المفروض عليهم طبيا دون أن يدركوا بأنهم في الواقع يتعاطون سموما تستدرجهم نحو موت محقق من خلال تعرضهم إلى الإصابة بأورام سرطانية خبيثة أكدتها الدراسات الحديثة. يحدث هذا في الوقت الذي يضلل فيه منتجو هذه المواد المستهلك الجزائري بتسويق منتوجات تدسّ فيها المُحلّيات المكثفة لتعويض السّكر الطبيعي. يحرص العديد من المنتجين على إدراج صنف "اللاّيت" ضمن علامتهم التجارية، وذلك بغرض استقطاب المزيد من المستهلكين وتوسيع دائرة تسويق سلعهم، ويظهر الواقع الإقبال والتهافت الكبير من قبل المستهلكين عليها، ظنّا منهم أنها منتجات صحية، سيما بالنسبة للمصابين بداء السكري. "اللايت" غش واحتيال والمستهلكون في غفلة من أمرهم ما يقدم عليه البعض من أساليب غش واحتيال يغفل عنها المستهلكون تجعل هذا النوع من المنتجات الغذائية مشكوكا فيه وغير صحي، وذلك من خلال نسب المحليات المكثّفة التي تفوق ما هو منصوص عليه قانونا، أو استعمال بعض المحليات المحظورة عالميا، والأخطر من ذلك كلّه استعمال محليات مكثفة بدل مادة السكر دون التصريح بالأمر، يسقط هذه الصفة عن تلك المنتوجات ويحوّلها إلى سموم قاتلة يجهل حقيقتها أغلب المستهلكين، وقد يتعدى الأمر أحيانا إلى استعمال محليات مكثّفة يحظر استعمالها. وحسب ما أطلعتنا عليه أطراف على دراية بطريقة إنتاج هذه المواد، فإن بعض عديمي الضمير يقدمون على استعمال مُحليات مكثفة "المحليات" -وهي مواد تعوض السكر ولها قدرة تحلية كبيرة لكنها تسبب مشاكل وخطورة على صحة المستهلك عندما تتجاوز الكمية المحددة- بدل مادة السكر التي عرفت في الآونة الأخيرة أزمات متكررة في السوق الجزائرية، وهو ما يدفع عادة بالمنتجين إلى استعمال المحليات المكثفة من اجل الاقتصاد في التكاليف، فاستعمال السكر العادي يرفع تكاليف الإنتاج إلى أضعاف كبيرة وتسويقه بالسعر الحقيقي يجعلهم يواجهون كسادا كبيرا في السلع أمام ضعف القدرة الشرائية للمواطن البسيط الذي يلهث وراء كل ما قلّ ثمنه دون مراعاة نوعيته، دون أن يدرك انه يواجه موتا بطيئا، ويصل الجهل بالمستهلك إلى حد تقديم بعض تلك المنتجات للأطفال الذين تمنع عنهم منعا باتا، ظنا منه أنها لن تؤثر عليهم. السبارتام، السيكلامات.. أو الأورام السرطانية المحققة أثبتت الدراسات العلمية الحديثة مخاطر صحية للعديد من المحليات المكثفة تم بموجبها حذف بعض العناصر من الاستعمال أو تحديد نسبة قصوى يمنع تجاوزها، على اعتبار أنها تصل إلى درجة الإصابة بأورام خبيثة وتعقيدات صحية خطيرة. وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن تناول كميات زائدة من مادة السبارتام أو السيكلامات يمكن أن تتسبب في الإصابة بأورام سرطانية دماغية وكذا في الإصابة بداء عدم تخثر الدم ونوبات عصبية وكذا السكري -لغير حامليه- وأعراض إعياء وتعب شديد. هذا وإذا ما عدنا إلى الواقع فإننا نجد أن مصلحة الاستعجالات هي اقرب ما تكون في شهر رمضان إلى الصائمين سيما منهم المصابين بالأمراض المزمنة، على رأسهم مرضى السكري الذين يخرجون عن دائرة الحمية المسطرة لهم من قبل الأطباء والمختصين، وفي هذا الصدد حذّر أطباء ومختصون من المشروبات والمأكولات التي تعرف بمنتوجات "لايت" والموجهة لمرضى السكري الخاضعين لحمية غذائية قصد تفادي مادة السكر، للخطورة التي يمكن أن تشكلها هذه المنتوجات على صحتهم في حال الإكثار منها، فضلا عن جهل الناس بمكونات المنتوج، فلا يكفي أن يُدوّن على العلبة الخارجية عبارة "لايت" دون قراءة العناصر المكونة له. البروفيسور خياطي، رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث العلمي، أكّد ل "الشروق" أن منتوجات "لايت" لا يوثق فيها بالمطلق، خاصة المشروبات الغازية، حيث أن الاستعمال المفرط قد يسبّب الإصابة بالسرطان، ومن الأفضل الابتعاد عنها وتعويضها بمواد غذائية طبيعية. وقسم محدثنا تأثيرها على حسب نوع الإصابة بالسكري والفئة المصابة، فبالنسبة للسكري لدى الكهول إذا كانت إصابتهم بالمرض في البداية ويعرفون حالة توازن باتباع حمية فقط فإنه لا ضرر في الأمر، ويمكن التساهل وإباحة هذه المواد بصفة معقولة، أمّا بالنسبة للفئة الثانية والتي تسجل فيها مضاعفات وتعقيدات يحتاج فيها المريض إلى الأنسولين هنا يجب عدم الإقبال على منتوجات "لايت"، وعن طبيعة تلك المنتوجات، أضاف البروفيسور خياطي أن منها ما يطابق المواصفات العالمية ومنها ما لا يخضع لذلك، موصيا بالمنتوجات المصنعة في دول الاتحاد الأوروبي أو أمريكا، فهي دائما تبقى أقل خطورة من غيرها، معرجا إلى مجال المراقبة، فحسبه لا يوجد في السوق الجزائرية لا معايير دقيقة تضبط هذه الصناعة إلا فئة قليلة جدا، وما يزيد الأمور تعقيدا هو "افتقارنا لمخابر علمية تتوفر على تقنيات عالية تتحقق من بعض المكونات الدقيقة لتلك المنتوجات، فالإمكانيات الحالية المعمول بها تجعل من الاستحالة التحقق من بعض العناصر الدقيقة، ولذا يجب الاستثمار في المخابر العلمية التابعة للجامعات وتحديثها بوسائل متطورة". الجزائر منعت مُحلّيات مشكوك فيها بدافع الوقاية أكّد السيد بن كحنون عبد الحميد، مدير مراقبة الجودة وقمع الغش بوزارة التجارة، أنّ استعمال المحليات المكثفة في الجزائر يخضع إلى مراقبة ونصوص قانونية ومراسيم تحدد كمياته والأنواع المسموح بها، وذلك وفق قرار وزاري صدر في سنة 1992 تلاه بعدها قرار وزاري مشترك مؤرخ في 15 ديسمبر 99 متعلق بشروط استعمال المحليات المكثفة في المواد الغذائية حذفت بموجبه بعض الأنواع المسرطنة مثل السيكلامات أو غيرها، وذلك عملا بمبدأ الوقاية على اعتبار أن الجزائر -يضيف محدثنا- تستند في تعاملاتها مع بعض المنتوجات الغذائية من حيث التسويق على معايير جزائرية، وفي حال غيابها يتم الاعتماد على "لجنة الدستور الغذائي الدولية" التي تحدد المواصفات القانونية العالمية، وهذه المواصفات تخدم المصالح الاقتصادية للمتعامل بالدرجة الأولى، فالدول المصنعة لا ترضى سوى بالبرهان أو الدليل القاطع، ولا تقدم على حظر أي مادة ما لم تثبت الدراسات خطرها بصفة قطعية، أمّا الجزائر فإنها تتحاشى استيراد المنتوج المشكوك فيه ولو بنسب قليلة. المناطق النائية تسجل أعلى نسب التجاوزات وفيما يخص التجاوزات التي وقفت عليها مصالحه -أضاف محدثنا- أن أغلبها يسجّل من قبل بعض المنتجين غير المهنيين أو غير المعروفين، وأغلبها وحدات إنتاجية في الولايات الداخلية أو مناطق نائية، فالمنتجون المعروفون والذين يتمتعون بسمعة عالية في السوق لا يغامرون بمستقبلهم أو مكانتهم، فهم يحرصون على تقديم صورة جيدة عنهم، لأن أي خطأ سيكلفهم فقدان ثقة الزبون في كل منتجاتهم، وبالتالي فقدان مكانتهم في السوق. أما عن مجال المراقبة والعجز الذي قد يؤثر عليها وبالتالي على صحة المستهلكو يرى السيد بن كحنون انه ليس بالضرورة أن يخصص على رأس كل تاجر مراقب، فمصالحه تعتمد نظام المراقبة الفجائية، وبحكم تجربتهم في الميدان باتوا أكثر اطلاعا على المناطق والفئات التي ترتكب المخالفات والتجاوزات، وهم معروفون لديهم ناهيك عن أن مصالح المراقبة تعمل وفق مخطط مدروس توجه من خلاله الرقابة حسب خصوصية السوق. وفي مرات عديدة عثر الأعوان على منتجين يستعملون مادة "السيكلامات"، كما أثبتت التحاليل التي تجريها مخابر القطاع احتواء منتوجات عديدة على عناصر غير مصرح أو معلن عنها في الوسم، وهو الأمر المعاقب عليه قانونا، مذكرا ضرورة احتواء أي منتوج استعملت فيه محليات مكثفة على عبارة "يستحسن عدم استهلاكه من قبل الأطفال" في الوسم وكذا نوع المحليات المستعملة ونسبتها مع عبارة "يمكن أن يسبب الاستهلاك المفرط آثارا ملينة" إذا استعملت "البوليولات" في المادة الغذائية بنسبة تفوق 10 بالمئة. وفي الأخير، تبقى النصيحة الأساسية والدائمة إلى جميع المستهلكين في شهر رمضان أو في غيره هي الوقاية ومجاهدة النفس على كل ما تشتهيه، وإن لم يكن بالمقدور ذلك فينصح بتناول عصائر طبيعية أو عصائر مصنعة ذات جودة وبكميات معقولة.