تشهد مدينة حاسي مسعود بعد كل موسم صيف من كل سنة نزوحا كبيرا للمتشردين والمجانين الذين يقصدونها من مختلف المناطق، حسب ما تكشف عنه لهجاتهم المميزة، حيث يلاحظ سكان المدينة بعد عودتهم من كل عطلة بأن شوارع المدينة والساحات العمومية اقتُحمت من طرف المتشردين الذين يتفنون في ممارسة طقوسهم ضد المجتمع بسلوكاتهم اللاأخلاقية والعدوانية والتعدي على الأخلاق العامة، بما يقترفونه من أفعال ويتفوهون به من أقوال تخدش الحياء والاحترام. كما وجد الكثير من المراهقين هؤلاء المتسولين وسيلة للتسلية من خلال استفزازهم ودفعهم لممارسة السلوكات غير المألوفة التي يتجاوب معها المراهقون بالضحك، الأمر الذي جعل المواطن في هذه المدينة محروما في كثير من الأحيان من حقه في الشارع والساحات العمومية. الجنون من أجل التسول يعمد بعض المجانين الذين اعتادوا على التسول احتلال بعض المواقع بصفة دائمة غير مبالين بأشعة الحرارة، التي تفوق الخمسين درجة أحيانا، من أجل ممارسة التسول، ما ولد في نفس المواطن شكا في أمر جنونهم وأصبح يعتقد بأن التظاهر بالجنون قد يكون ذريعة جديدة مثل ذرائع الوصفات الطبية وتذاكر السفر اهتدى إليها ممارسو التسول من أجل الاحتيال على جيوب المواطنين واستعطافهم، الأمر الذي ساعد على استفحال ظاهرة التشرد في شوارع المدينة عن طريق ممارسة التسول تحت غطاء الجنون. النساء والرجال، الأطفال والفتيات الكل يتسول لا تقتصر ظاهرة ممارسة التسول في شوارع مدينة حاسي مسعود على عنصر الرجال والسيدات كبيرات السن كما كان الأمر في السابق، بل امتدت العدوى إلى الأطفال وأصبحت الفتيات الصغيرات يحترفن التسول إضافة إلى عدد كبير من الأطفال المتسولين الذين أصبحوا يغزون الأسواق والمساجد على وجه الخصوص، بهدف استعطاف الزبائن والظفر بما جادت به القلوب التي أطربتها كلمات الاستعطاف التي يتفنون في ترديدها. ويرجح الشارع المحلي بمدينة حاسي مسعود سبب تفشي الظاهرة التي امتزجت فيها الأطماع بالفاقة والجنون بالجشع إلى انتشار فكرة التسول من أجل الربح في قلوب مرضى النفوس الذين احتلوا الأماكن العمومية من أجل التسول والأزقة الضيقة والزوايا المظلمة من أجل النوم. حرّاس المدينة لا يبرحون أماكنهم في فصل الصيف أغلب الشوارع الرئيسية والساحات العامة الكبيرة في حاسي مسعود تبدو خالية من الحركة على غرار المدن الصحرواية التي يمارس أهلها خلال فصل الصيف الهجرة نحو الشمال أو السبات هروبا من الحرارة. لكن المتشردون في عاصمة النفط يتحدون الظروف الطبيعية ويصرون على البقاء في أماكن بعينها، مؤكدين بأن غايتهم واحدة لا يحيدون عنها مهما كانت الظروف وأبوابهم مختلفة جنون، فقر، يُتم، مرض.....