قدم السيد عثامنة عبد العزيز عرضا سخيا وجديا لبيع كليته لمن يرغب فيها للتكفل بعلاج ابنته بالخارج لتمكينها من نعمة البصر مجددا بعد أن سدت في وجهه كل الأبواب ويئس من علاجها محليا. * وتعود قصة السيد عثامنة اصيل بلدية عين الكرمة بالطارف إلى سنة 1996 عندما أخذ ابنته رقية إلى مصلحة طب العيونبعنابة لعلاج نقص في النظر بالعين اليسرى، ليتضح أنها تعاني من انفصال في الشبكية حيث أجريت لها ثلاث عمليات كللت وقتها بالنجاح، أو هكذا قال له الأطباء، لتتحول حياة رقية إلى جحيم في ظرف أربع سنوات فقط، حيث فقدت البصر بالعين اليسرى لحقت بها العين اليمنى لتصبح ضريرة في سن ال 11 فقط ومن يومها بدأت رحلتها ووالدها مع العذاب والمعاناة، خصوصا أنه بطال لا يكاد يوفر لها ولإخوتها قوت يومهم فقط، فما بالك بالتنقلات إلى عنابة وقسنطينة والعاصمة بحثا عن بصيص أمل ليس أكثر، غير أن عامل الإمكانات لم يكن حائلا أمام والد رقية لمواصلة البحث عن علاج طبي، وقد أوصلته رحلة بحثه إلى مختص في طب العيون بقسنطينة أكد له بعد فحوصات معمقة وتحاليل دقيقة انه بإمكان رقية استعادة بصرها ولو جزئيا إذا ما تنقلت إلى أحد كبريات المستشفيات الأوربية المختصة، ليشرع الوالد في مغامرة جديدة لتوفير إمكانيات الرحلة بدءا من صندوق الضمان الاجتماعي الذي أحاله على مستشفى مصطفى باشا والذي حوله بدوره على مستشفى طب العيونبعنابة أين فقدت رقية بصرها ليجد السيد عثامنة نفسه يدور في حلقة مفرغة جعلته يبتعد عنها، مفضلا البحث عن حلول أخرى أسرع وأقل بيروقراطية، كما قال، على اعتبار أن الوقت يعمل ضده. * أما رقية فقد واصلت حياتها وكأنها بصيرة حيث كانت من المتفوقات في دراستها ومن أنجب تلامذة الطارف على الإطلاق، بل وتفوقت على زميلاتها المبصرات حتى في الأعمال اليدوية بشهادة بعض أساتذتها لتصل في النهاية إلى أن تكون نابغة الطارف بحصولها على البكالوريا بتقدير جيد جدا بمعدل 14,37 في شعبة الآداب والفلسفة، وهو ما مكنها من التنقل إلى العاصمة لتكون ضمن المكرمات من طرف رئيس الجمهورية وهناك تمكنت من لقاء عبد العزيز بلخادم الذي وعدها بالمساعدة على غرار زميله الهاشمي جيار الذي زاد على ذلك بأن نصحها بالتنقل إلى برشلونة الإسبانية التي تعد رائدة في مجال طب العيون. * وحين لم يكن من أمر الوعود والمساعدات من شيء خصوصا بعد أن أذاع والدها نداء بإذاعة الطارف طلبا للعون والإغاثة قرر عرض كليته للبيع وكلف عددا من مقربيه بالبحث عن زبون قال انه سيقدم له عرضا مغريا في حال تقدمه ليمكن ابنته من استعادة نظرها، وهو الأمل الذي يتمسك به منذ سنوات بعد أن اخبره طبيبها المعالج بأنها تمتلك حظوظا وافرة في ذلك. * وتتواجد رقية اليوم بقسنطينة التي سجلت بجامعتها لدراسة الإنجليزية في انتظار أن تحن قلوب أصحاب المال الذين تعج بهم الطارف أو يتقدم زبون لشراء كلية والدها.