صورة للعملية الارهابية التي استهدفت الرئيس بوتفليقة بباتنة "الجماعة السلفية" التقطت معلومة الزيارة من الصحافة و"راديو طروطوار" تشير معلومات متوفرة منذ ثلاث سنوات أن مؤامرة التخطيط لمحاولة اغتيال بوتفليقة بدأت أسابيع فقط قبل زيارة رئيس الجمهورية الى باتنة حين علمت "كتيبة الموت" بموعدها وتفاصيلها عبر الصحافة ومن أفواه المواطنين في شوارع المدينة. بعد ثلاثة أشهر من العفو الرئاسي عن الإرهابي التائب (ز. وليد) -الحلقة المفصلية في المخطط- المستفيد من تدابير المصالحة الوطنية بتاريخ 27 / 04 / 2006 بعد فترة انخراط في "الجماعة السلفية" وب "كتيبة الموت" منذ 2005 كان ينشط فيها بكنية "أبو خالد" عاود اتصالاته الهاتفية بأمير الكتيبة "علي. م" المكنى "أبو رواحة" بواسطة الإرهابي (خ. خالد) المكنى "الروج" وهو شقيق (عماد .خ) المطلع والمشارك في ادق تفاصيل العملية. اتصل "ز. وليد" بالأمير "ابو رواحة" الذي كانت تربطه به علاقات ثقة منذ أيام الجبل.. بل إن الشاب التائب الذي يمتهن حرفة دهان سيارات اعترف ساعات بعد توقيفه فجر 7 سبتمر 2007 انه التقى مرتين بأمير "كتيبة الموت" وتكفل بإدخاله الى وسط المدينة للتسوق وقضاء بعض الأغراض أكدت بشأنها عدة مصادر أن من بين تلك "الأغراض" التقاط صور شخصية في محل مصور بباتنة كما أن الموقوف اعترف انه اشترى مؤنا وأغذية لفائدة الجماعة الإرهابية بجبل وستيلي بعد تسلمه مبلغ 20.000 دج. أمير "كتيبة الموت" اختار القاصر عماد للتمويه وكان أمير الموت يتابع شخصيا أخبار الزيارة الرئاسية المقررة يوم 6 سبتمبر2007 بنية واضحة هي "اغتيال رئيس الجمهورية والوفد المرافق له؛ أي اغتيال الدولة في عملية واحدة" وهو بذل المتاح والمستحيل للحصول على أدق تفاصيل الزيارة ورواق مسار الرئيس ونقطة البداية ومحطة النهائية، وعلى ضوئها قرر الشروع في التنفيذ المباشر بواسطة الانتحاري والقنبلة البشرية "بلزرق الهواري" المكنى "أبو المقداد الوهراني" الذي تم تحزيمه بالحزام الناسف بانتظار اللحظة المناسبة.. لذلك اتصل يوم 5 سبتمبر بحلقة الربط "ز. وليد" (أبو خالد) المقيم بحي باركافوراج وطلب منه الاستعداد لاستقبال "الكاميكاز الوهراني" ولخطورة العملية طلب منه الأمير الاتصال بابن حيه بالفتى القاصر "خ. عماد" - 17 سنة، بحكم تواجد شقيقيه ب "كتيبة الموت" خاصة أخوه المكنى "الهمام" الذي يرتبط بأخيه الصغير بعلاقات وجدانية قوية.. وقد علل الأمير المدبر اختيار الفتى الصغير وإشراكه في المخطط للتمويه على عيون مصالح الأمن التي لن تتفطن لطفل صغير. ولإقناع الفتى الصغير استغل (ز. وليد) العلاقة الوجدانية القوية التي تربطه بشقيقه "الهمام" المتواجد بالجبل وطلب منه المشاركة، وقال له "إن شقيقك الهمام يطلب منك ان تكون تحت تصرفي لتنفيذ مهمة إرهابية سيتولى شخص مرسل من كتيبة الموت تنفيذها غدا"، واعدا إياه بترتيب لقاء خاص مع شقيقه "الهمام" الذي لم يره منذ مدة وسط باتنة يوم تنفيذ العملية، فوافق الطفل دون تردد ثم طلب منه شراء شريحة جديدة للهاتف النقال لتسهيل التخابر، مكلفا إياه بالتنقل الى مكان استقبال الرئيس وتقصي المعلومات عن ساعة الوصول والإجراءات الأمنية المرصودة وعلو الحواجز الحديدية الفاصلة بين مسار الرئيس المترجل والمواطنين. سلسلة اتصالات هاتفية بين "أبو خالد" و"أمير الكتيبة" في العاشرة من صباح اليوم المشهود 6 سبتمبر، التقى "ز. وليد" بالفتى عماد قرب منزل الأول واصطحبه معه في سيارة شقيقه دايو سييلو خضراء اللون خلسة عن أخيه مالكها الفعلي.. وشرعا معا في جولة استطلاع بشوارع المدينة ثم عرجا على طريق الوزن الثقيل المقابل لحي تامشيط غير بعيد عن المسجد الأصفر مسجد "معاشي" المقابل لسفح جبل قرواو بتامشيط من حيث ستنزل "القنبلة البشرية المفخخة"، ولتمشيط المكان واستطلاع تواجد عناصر الأمن بالمنطقة ولتقديم التقرير الشفوي اتصل (ز. وليد) بأمير "كتيبة الموت" هاتفيا وأعلمه بخلو المكان من عناصر الأمن تماما.. ولأن هناك متسع من الوقت قبل وصول "الهدف الرئاسي" اتجه المكلفان بالسيارة الى قرية عيون العصافير واشتريا بطاقة تعبئة هاتفية قيمتها 200 دينار جزائري صبت في رقم أمير "كتيبة الموت" لتمكينه من الاتصال بهما لاحقا. أوصل السائق الفتى القاصر الى منزله للغداء موصيا إياه بتنفيذ مهمة الاستطلاع مساء قرب نافورة ساحة الوئام وجمع كافة المعلومات عن موعد الوصول المنتظر والمنافذ السهلة لتسلل الانتحاري وسط الموكب الراجل.. أوصاه ثم انطلق بسيارته متجولا في شوارع المدينة لانتظار تعليمات جديدة من أميره الذي اتصل به في حدود الواحدة والنصف زوالا يطلعه بأن منفذ العملية على بعد ساعة ونصف سيرا على الأقدام من مكان الالتقاء، فاتصل بدوره بعماد المتواجد بساحة الاستقبال وسأله عن ساعة وصول الرئيس فسمع جواب "لم يصل بعد.. الناس يقولون سيصل بين الرابعة والخامسة عصرا"، وبينما جلس دليل الانتحاري في مقهى الى غاية الساعة الثالثة حينما رن هاتفه من جديد وفي الخط صوت أمير الموت الذي كان يراقب المكان بمنظار ميداني يأمره بالتوجه الى نقطة اللقاء بطريق الوزن الثقيل بتامشيط، طالبا منه فتح "غطاء السيارة" لتمويه مصالح الأمن بمبرر عطب مفاجئ أصاب المركبة.. أبو المقداد وأبو خالد كانا في نفس السرية الإرهابية سنة 2005 ولم تمر دقائق حتى نزل "بلزرق الهواري" من غابة مجاورة وتسلل داخل السيارة، ووفقا لتحقيقات بناء على اعترافات الموقوف الرئيسي تعرف الاثنان احدهما على الآخر حيث عرف الأول أن النازل هو "أبو المقداد الوهراني" الذي نشط معه في "كتيبة الموت" قبل التوبة المؤقتة، وتعرف الانتحاري على المكلف بنقله الى وسط المدينة وناداه باسمه "ابو خالد" وكانت تلك كنيته على أيام الجبل، قبل أن يكشف له في الطريق انه موفد لتفجير نفسه بحزام ناسف مجهز لاغتيال رئيس الدولة والوفد المرافق له بعدما لاحظ وليد أن صدره كان منتفخا بسبب الحشوة الجاهزة للتفجير. حوالي الثالثة والنصف مساء استقل الاثنان سيارة "فرود" قرب محل حلاقة بحي 350 مسكن بباركافوراج لصاحبها "ذ. محمد أمين" وهو طالب جامعي تعرف على وليد بحكم الجيرة ولم يتعرف على مرافقه الذي لم تكن تبدو عليه ادنى شبهة ولا مظاهر غريبة.. تكفل بنقلهما مقابل "كورسة" ب60 دينارا الى وسط المدينة، وبسبب حواجز الأمن الكثيفة وإجراءات السير المروري الخانق بسبب الزيارة الرئاسية، اضطر الى إنزالهما بطلب منهما بحي "السطاند" قرب ملعب سفوحي واتجها الى مقهى قرب البريد المركزي وتحديدا بمحاذاة موقف سيارات الأجرة القادمة والمتوجهة الى حي كشيدة وبوزوران وتناولا شايا، ولاستطلاع الأجواء قرب محطة النافورة اتصل وليد بعماد وطلب منه القدوم الى المقهى لتناول العصير، ومن أعالي سفح جبل حي تامشيط حيث كان "أمير الموت" يعكف على آخر ترتيبات العملية الثقيلة وانتهت بمكالمة أخيرة مع وليد حيث "أمره بنقل الانتحاري الجاهز للتفجير الى النافورة قرب محطة المسافرين القديمة بعد تأكيدات بانطلاق الرئيس منها".. عندما وصل عماد الى المقهى قدمه للانتحاري على انه شقيق "الهمام" قبل أن ينصرف لإلقاء آخر نظرة استطلاعية على مسرح العملية لكنه عاد بانطباع محبط بسبب علو الحواجز الحديدية التي قد تجهض عملية دخول المنفذ للمسار الراجل. "عماد" ضحك على "بلزرق" لسيره مثل "الإنسان الآلي" لكن "أبو المقداد الوهراني" أصر انجاز ما طلب منه مهما تكن الظروف فخرج الثلاثة سيرا على الأقدام بطريق لعب فيها وليد وعماد دور كشافين ودليلين حيث تقدما الى الأمام والانتحاري يتبعهما بسبب جهله للمدينة، وانطلاقا من ساحة البريد المركزي القديم مرورا بشارع بيع العملة الصعبة وانتهاء بالشارع المؤدي يسارا الى المسجد العتيق الى غاية النافورة، وحسب اعترافات الطفل عماد خلال مجريات التحقيق الولي والقضائي فإن طريقة مشي الانتحاري كانت مريبة وطريفة أضحكته طويلا وهو يقول لوليد "انظر انه يمشي مثل إنسان آلي" -روبو ميكانيكي- بسبب ثقل الحزام الضاغط على بطنه وصدره لكن وليد نهره بشدة طالبا منه الكف عن الضحك وتجنب إثارة الشبهة.. شبهة لم تدم طويلا بعد انكشاف أمر القنبلة البشرية من طرف عنصري أمن تشككا في الأمر بسبب طريقة المشي الثقيلة والغريبة وارتدائه لسترة رياضية بأكمام طويلة في جو حار وثقيل، فحاولا الاقتراب منه فارتبك ثم فرّ على مسافة 39 مترا قبل أن يتبعه شرطي في السلالم التحتية لحي 48 مسكنا وعندما حاول تسلق السلالم المؤدية الى المسجد العتيق تدحرج وسقط فالتصق به الشرطي الشهيد (قطاف الطاهر) ليدوي انفجار عنيف في الزاوية المقابلة للمسجد بعدما شغل الإرهابي أسلاك الحزام الناسف. دقيقتان فقط.. تكفي مصالح الأمن لاكتشاف القنبلة البشرية تؤكد معلومات أن مصالح الأمن المختلفة كانت اتخذت تدابير كبيرة واحترازية ضد أي طارئ محتمل بما فيه تسلل عناصر إرهابية للمدينة، وعلاوة على أرتال من عناصر الشرطة الموزعين على طول المسار والحواجز الحديدية الفاصلة بين الشرطة والمواطنين سربت أيضا عشرات من عناصر الاستخبار والاستطلاع بأزياء مدنية وسط الحشود الجماهيرية وفق خريطة مقسمة على مناطق جغرافية مدققة.. يقول ضابط امن "إن المخطط كشف عن فاعليته الكبيرة إذ تم رصد الانتحاري وكشفه بعد دقيقتين فقط من دخوله المجال الحيوي لمخطط الحماية".. وفعلا وعلى الرغم من سقوط 25 شهيدا وجرح ما لا يقل عن 173 شخص تمكنت مصالح البحث والتحريات من تفكيك الشبكة المنفذة والمدبرة خلال ساعات فقط تم خلالها تحديد هوية الانتحاري وتوقيف 12 شخصا في أحياء باركافوراج وبوزوران وكشيدة أبرزهما "ز.وليد" -الدهان- و"خ. عماد" -الصائغي- والاثنان اعترفا بهذه الوقائع خلال التحقيقات الأمنية وأمام قاضي التحقيق قبيل تراجع الطفل عن توريط والده (خ. علي) -المتابع بجنحة عدم التبليغ عن جناية أثناء الاستجواب في الموضوع بعد إفادات سابقة له أكد فيها أخبار والده بتفاصيل العملية ساعات بعد وقوعها، لكن والده نهر بقوله "اللي فينا يكفينا" في حين تراجع (وليد. ز) عن اعترافاته بالوقائع المسرودة آنفا والتي أدلى بها أمام مصالح الأمن وقاضي التحقيق حيث عاد وأنكر إفاداته السابقة في الاستجواب على الموضوع واحتفظ فقط بتصريح غريب ومثير أكد فيه أن الشخص الذي قام بإيصاله بسيارة شقيقه الى وسط المدينة يوم الواقعة لم يكن سوى شخص أمير "كتيبة الموت" المدعو "أبو رواحة" شخصيا؟ أما (هشام. ع) الميكانيكي المتابع بجرم المشاركة في العملية وعلمه بها دون التبليغ عن نشاط إرهابي فقد اعترف خلال كافة أطوار التحقيق أن "وليد. ز" اتصل به ثلاثة أسابيع قبل العملية هنأه على خروجه من السجن أول مرة ثم زاره مرة أخرى عارضا عليه فكرة "الجهاد" ضد "الدولة الكافرة الواجب قتالها ومحاربتها" وعندما وافق أكد له انه على اتصال مع أمير "كتيبة الموت" الذي ينسق معه لالتحاقهما بالجماعات المسلحة قبل أن يطلب منه شراء شريحة هاتفية حيث اخذ وليد رقمها ليسلمه لأمير الكتيبة الذي سيتصل به لاحقا لتحديد الطريقة بل انه قال له "إن مجموعة من الإرهابيين من أبناء حيك سيتصلون بك" في إشارة الى المدعوين اونيس والأخوين وليد ب المكنى وائل فتلقى رسالة نصية قصيرة "الأسماس" يطلب فيها الباعث أن يتصل به فاتصل به وعرف انه الإرهابي أونيس الذي طلب منه الاستعداد النفسي للالتحاق بالجماعات غير أن هشام اغرق "ز. وليد" عندما أكد أن هذا الأخير زاره عند صلاة المغرب بمحله بحي كشيدة ساعات قبل وقوع العملية الانتحارية خائفا مذعورا طالبا منه ربط الاتصال مع الإرهابيين للالتحاق الفوري بالجبل، مؤكدا له انه هو من احضر الانتحاري منفذ العملية التفجيرية بطلب من الأمير ابورواحة. تفكيك شبكة مرشحين للالتحاق بالجبل وإغراء قاصر بحذاء رياضي كان من نتائج التحقيقات تفكيك شبكة من الشبان الذين كانوا بصدد الالتحاق بالجماعات الإرهابية ومن الذين كانوا محل مغازلة من طرف "ز. وليد" شخصيا أو عبر أمراء آخرين أوائل شهر أوت مثل الانتحاري (ش. توفيق) المكنى "أبو الزناد جيليبيب" الذي حاول تجنيد "ا. عبد الرازق" -بناء- وتوفير خيوط الجراحة للارهاببين و(ا. حسين) -حمّال- الذي كان محل اتصالات لونيس لتحضير التحاقه بالجبل في حين كان كل من (ر. عبد الرزاق) -بائع ملابس- و(ب. جمال) -خياط- محل متابعة من طرف الارهابي "ش. عبد الملك" ببوزوران لتجنيدهما شانهما شأنهما شان (خ. طاهر) و(م. فارس) وكلاهما يمتهنان النجارة بحي كشيدة وكانا محل محاولة اتصال من قبل الإرهابي "لونيسي".. وقد توبع هؤلاء بعدم التبليغ عن الجناية وكشف تفاصيل اتصالات "أمراء الجبل" بهم في وقت تزامن بقليل مع بداية التحضير للعملية الانتحارية. وكان التلميذ الثانوي الحدث "ع. حمزة"، 17 سنة، بتاريخ الواقعة أكد أن "ز.وليد" عرض عليه الالتحاق بصفوف الجماعة الإرهابية واشترى له حذاء رياضيا يصلح للمسالك الجبلية الوعرة للالتحاق بكتيبة الموت بتاريخ 19 / 08 / 2007 انطلاقا من مقهى "لارباع" بباركافوراج بعدما أقنعهم بالجهاد عن طريق حلقات كان ينشطها بالحي وأشرطة جهادية عن المقاومة العراقية وسرده لوقائع "الجهاد" في الجزائر فالتحق ستة شبان هم "خ. وليد" و"خ. خالد" و"ش. رشيد" و"م. عادل" و"ش.فارس" و"خ. بوجمعة«، وتخلف هو بسبب خوفه وعدم اقتناعه فطلب منه (وليد. ز) إرجاع الحذاء الرياضي وهدده إذا أفشى أسرار عملية تجنيد الشبان الجدد والتي تمت أسابيع فقط قبل وقوع العملية الانتحارية وربما كان ذلك أحد الأسباب المباشرة (لا كلها) في وصول مصالح الأمن الى خيوط وأسرار محاولة اغتيال رئيس الجمهورية في قلب الزيارة الرئاسية.. حيث كانت مصالح الأمن على علم بالتحاق خلية باركافوراج بمعاقل الجماعات المتشددة.