تصوير: يونس أوبعييش لم يعد يفصلنا عن انطلاق الطبعة15من صالون الجزائر الدولي للكتاب سوى ثلاثة أيام. ومع اقتراب موعد هذا العرس السنوي الكبير للكتاب في الجزائر، أصبح المنظمون في سباق مع الزمن لوضع اللّمسات الأخيرة قبل افتتاح طبعة هذا العام أمام الجمهور بداية من27 أكتوبر وإلى غاية 6 نوفمبر، وللتذكير فقط فإنّ التحضيرات لطبعة هذا العام من صالون الكتاب بدأت شهر ماي الماضي حسب ما كشف عنه محافظ الصالون إسماعيل أمزيان. وللوقوف على آخر التحضيرات، قمنا بزيارة إلى الخيام العملاقة التي نصبت بساحة مركب محمد بوضياف، وهي الساحة التي تحتضن هذا الصالون للمرة الثانية على التوالي، ووقفنا مع مسؤولي تنظيم هذه الطبعة على مختلف عمليات الاستعداد والتهيئة لاستقبال العارضين والجمهور في أحسن الظروف. صالون 2010 بالأرقام وصلت مساحة العرض هذا العام إلى20 ألف متر مربع، تتوزع على أربع خيام ضخمة، ووصل عدد دور النشر المشاركة هذا العام إلى400 دار نشر من مختلف قارات العالم، حسب ما كشف عنه إسماعيل أمزيان محافظ صالون الجزائر الدولي للكتاب للشروق اليومي، وتنتمي دور النشر المشاركة إلى31 دولة. وكشف أمزيان للشروق بأنّ المشاركة الفرنسية في الصالون عرفت مشكلة بسبب موجة الإضرابات التي عرفتها فرنسا في الأيام الأخيرة، ومع ذلك قامت دور النشر الفرنسية بإرسال دفعة أولى من الكتب عن طريق الخطوط الجوية الفرنسية، وقد وصلت الشحنة الأولى من الكتب إلى الجزائر في انتظار أن يتم إرسال الدفعات المتبقية خلال الأيام المقبلة. ويتوقع محافظ الصالون أن تستقطب طبعة هذا العام جمهورا واسعا يفوق ذلك الذي استقطبته طبعة العام الماضي، التي قدّرها ب150 ألف زائر يوميا و200 ألف أمسية الافتتاح. ومن خصوصيات طبعة الصالون لهذا العام - يذكر إسماعيل أمزيان أيضا - أنّ جميع الكتب القادمة من مختلف الدول العربية وصلت إلى المعرض وتمّت عملية جمركتها، على خلاف السنوات السابقة التي كانت فيها الكتب تتخلّف في الميناء بسبب طول إجراءات الجمركة، ومعنى هذا أنّ الكتب ستأخذ أماكنها في الرفوف، حتى قبل أن يصل ممثلو دور النشر المشاركة، وأنّ صالون 2010 جاهز لاستقبال الجمهور أربعة أيام قبل موعد الافتتاح. ولتلافِي العيوب التي سُجّلت في طبعة العام الماضي من صالون الجزائر الدولي للكتاب، أكّد محافظ الصالون أنّ مشكلة الرطوبة التي اشتكى منها الجمهور والعارضون خلال العام الماضي تمّت معالجتها بشكل جذري من خلال تزويد الصالون بأجهزة لتخليص الصالون من الرطوبة، كما أنّ سقف الخيم الأربعة للصالون تمّت مضاعفته. أما المشكل الثاني الذي طُرح العام الماضي هو ضيق الأروقة المخصّصة لتنقل الجمهور بين دور العرض، حيث وصل عرض الأروقة إلى 3 أمتار في طبعة 2009، أما طبعة هذا العام فخُصّصت 5 أمتار للأروقة، أي بزيادة مترين. وكشف المحافظ إسماعيل أمزيان للشروق اليومي، أنّ من ميزات طبعة هذا العام أيضا تخصيص عدد معتبر من المراحيض للزوار، وهي المشكلة التي طرحت أيضا العام الماضي، حيث زوّد المنظّمون صالون الكتاب لهذا العام بمراحيض خاصة بالمنظمين والعارضين ورجال الإعلام، وخُصّصت أخرى لجمهور المعرض، كما تم استحداث فضاء للأطفال شبيه بدور الحضانة، وتم تزويده بألعاب للأطفال الصغار وحراسة، لتسهيل زيارة الصالون أمام ربات البيوت اللّواتي يصحبن معهن أطفالهن الصغار، ولتفادي الازدحام والتدافع، فكّر القائمون على تنظيم الصالون في تخصيص العديد من المداخل أمام الجمهور، وهذا ما من شأنه أن يجعل أيضا العارضين على قدم المساواة خاصة وأنّ بعضهم أبدى تذمره العام الماضي، لكون مساحة عرضه بعيدة عن البوابة الرئيسية، ما حرمهم من الجمهور وفرصة تحقيق مبيعات أكبر. كما قام المشرفون على هذا الصالون بتزويده بمطاعم للعارضين ورجال الإعلام والزوار. هذا، إضافة إلى فضاءات التنشيط والمحاضرات التي تم تخصيصها لتفعيل النشاط الثقافي المصاحب للصالون، وكذا مواقف السيارات التي تتّسع لآلاف المركبات. وسيكون الافتتاح اليومي من الساعة العاشرة صباحا إلى غاية السابعة مساء كلّ يوم، والدخول سيكون مجانا. المشاركة المصرية وظهور الخيط الأبيض من الأسود قبل أن تبدأ طبعة صالون الجزائر الدولي للكتاب لهذا العام قيل الكثير عن المشاركة المصرية، وسال الكثير من الحبر، وكانت آخر الأخبار المتداولة أياما قليلة قبل افتتاح الصالون تؤكد أنّ مصر لن تكون غائبة عن فعاليات صالون الجزائر، وأنّها ستكون حاضرة من خلال مكتبة الإسكندرية، وهي دار النشر المصرية الوحيدة التي أكّدت مشاركتها بصفة رسمية قبل انطلاق التظاهرة، وما يؤكد هذا الكلام هو ما شاهدناه خلال زيارتنا للصالون، ووقوفنا على التحضيرات أول أمس، حيث خصّص المنظمون جناحا باسم مكتبة الإسكندرية. ولما سألنا محافظ المهرجان إسماعيل أمزيان عن المشاركة المصرية، وهل ستكون دور النشر المصرية حاضرة في الصالون أم لا أجاب بأنّه "لن تكون مصر ممثلة بأية دار نشر في هذا الصالون، نحن كناشرين جزائريين لم نشارك في معرض الكتاب في مصر شهر جانفي الماضي، وكذلك الناشرون المصريون قالوا لنا لندع عاما يمرّ على الأحداث (يقصد ما جرى بين الجزائر ومصر عقب الأحداث الكروية) قبل معاودة المشاركة في هذه التظاهرة". وكشف إسماعيل أمزيان أنّ سويسرا ستكون ضيف شرف الطبعة15من صالون الجزائر الدولي على اعتبار أنّ الجزائر كانت ضيف شرف على صالون سويسرا للكتاب العام الماضي. وللتأكيد على نجاح طبعة العام الماضي، كشف محافظ الصالون أنّ إدارته تلقت طلبات من الكثير من العارضين من مختلف الدول التي شاركت العام الماضي تطلب زيادة مساحة العرض المخصّصة لها، كما أنّ دولا أخرى مثل الأرجنتين طلبت المشاركة لأول مرة في صالون الجزائر للكتاب. البرنامج الكامل للنشاطات الثقافية لصالون 2010 دأب عرس الكتاب في الجزائر على تقليد التنشيط الثقافي الذي يحتفي على هامش الصالون ببعض الوجوه الثقافية من خلال تكريمها، وتقديم محاضرات تتناول بعض القضايا والهموم الثقافية ينشطها وجه معروفة على الساحة الثقافية من داخل الجزائر وخارجها، وهي النشاطات التي تستقطب المهتمين بالشأن الثقافي. وحسب مصطفى ماضي، مسؤول النشاط الثقافي بصالون الجزائر الدولي للكتاب، فإنّ الوجوه الثقافية التي تمت دعوتها لتنشيط وتأطير محاضرات الصالون ستكون من الوزن الثقيل، حيث سيتمكن جمهور الصالون من متابعة هذه المحاضرات بمعدل3 محاضرات كلّ يوم. وكشف مصطفى ماضي للشروق اليومي عن البرنامج الثقافي الكامل لهذه التظاهرة، والذي يضم24 نشاطا ثقافيا مختلفا يتراوح بين المحاضرة، والمائدة المستديرة والأمسية الشعرية، إضافة إلى تكريم بعض الوجوه الثقافية. من أهم هذه النشاطات محاضرة يقدمها رئيس الحكومة الأسبق رضا مالك تحت عنوان "الجزائر تأسيس أمة"، وتكون هذه المحاضرة في اليوم الأول من فعاليات الصالون. كما يقدّم جورج قرم محاضرة موضوعها "خلفيات التفرقة والوهن لدى العرب في العالم المعاصر". وينشط أيضا الوزير الفرنسي الأسبق من أصول جزائرية عزوز بقاق إلى جانب عبير أسبير وليدا قيدي ندوة حول "الأدب والسينما.. من الكتابة إلى السينما". وفي البرنامج أيضا عضو الكنيست الإسرائيلي سابقا والوجه المثير للجدل عزمي بشارة، الذي يُلقي محاضرة موضوعها" الوضع العربي فكريا وسياسيا". ومن شدة ثراء البرنامج الثقافي، والوجوه التي ستنشط فعالياته، لا يمكن أن نتجاهل ذكر بعضها بالنظر إلى أهميتها، حيث إضافة إلى ما سبق ذكره من محاضرات، يُشارك أيضا بنجامين سطورا بمحاضرة عنوانها "ميتران والجزائر". كما يُقدّم جون ريغلر كتاب "كراهية الغرب". أما باسكال بونيفاس فيقدّم محاضرة حول "كرة القدم والعولمة". وستكون لواسيني الأعرج، رشيد بوجدرة وشيخ خان الفرصة لمناقشة موضوع "أهمية نشر الأعمال الأدبية الكاملة". وفي اليوم الأخير من فعاليات هذا الصالون سيحظى الشعر بكلمة مسموعة من خلال أمسية القراءات الشعرية التي ينشطها كل من زينب الأعوج من الجزائر، رشا عمران ونوري الجراح من سوريا. راحلون يذكرهم الصالون وآخرون يُكرّمهم إضافة إلى ما سبق ذكره من نشاطات ثقافية تمت برمجتها على أجندة الصالون، كشف مصطفى ماضي للشروق اليومي أنّ وزارة الثقافة سطّرت برنامجا خاصا لتكريم بعض الوجوه الثقافية الجزائرية التي غادرتنا مؤخرا إلى دار الخلود، وخصّصت لها هامشا حمل عنوان "استذكار" للوقوف على مآثر هؤلاء. و يقف على رأس المكرمين الروائي الراحل الطاهر وطار، الذي ينشط إحياء ذكراه أصدقاء ورفقاء صاحب "اللاز". كما خصّصت تحت العنوان نفسه وقفة للجامعي والمفكر الراحل عبد الله شريط يُشارك في تنشيطها المجاهد عبد الحميد مهري وبعض رفقاء وأصدقاء الراحل. أما الوقفة التكريمية الثالثة، فستكون للسوسيولوجي الراحل عبد القادر جغلول. إضافة إلى هذه الوجوه الثقافية، خصّص الصالون وقفة للمجاهد المعروف الذي رحل مؤخرا لخضر بن طوبال سينشطها رئيس الحكومة الأسبق رضا مالك. من جهة أخرى سيحظى الروائي الشهير خوسيه ساراماغو بوقفة للذكرى تشارك فيها ليديا نبايس ومجموعة من المهتمين بهذا الروائي. أما عن رقم أعمال الصالون طبعة العام الماضي، فأكد مصطفى ماضي للشروق أنّه لا يملك رقما دقيقا، لكنه كشف أنّ الصالون بدأ يموّل نفسه بنفسه من خلال المداخيل التي يجنيها من وراء كراء المساحات للعارضين. الشروق حاضرة بقوة في جناح خاص سيتمكن قرّاء الشروق وزوار صالون الكتاب من اقتناء الكتب الثلاثة الصادرة مؤخرا عن مؤسسة الشروق مباشرة من الجناح الذي خُصّص لعرض هذه المنشورات. وفي قائمة هذه المنشورات نجد كتاب الدكتور أحمد عظيمي الأستاذ بكلية الإعلام والاتصال بجامعة الجزائر وعنوانه "دعاية الكراهية" الذي تناول فيه بالتحليل العلمي الأحداث التي أفرزتها الأزمة الكروية بين الجزائر ومصر، وما تبعها من تداعيات مسّت الكثير من المجالات إلى درجة كادت معها أن تعصف بالعلاقات بين البلدين الجزائر ومصر. الكتاب الثاني الذي صدر عن مؤسسة الشروق بقلم النذير مصمودي وعنوانه "بعد الرصاص.. الإسلاميون والأسئلة الساخنة" وتناول فيه المؤلف بالتحليل ظاهرة الإسلام السياسي والأزمة التي دخلها عقب العشرية السوداء التي عرفتها الجزائر في تسعينيات القرن الماضي. أما الكتاب الثالث، فتناول من خلاله رئيس القسم الدولي بالشروق اليومي صالح عوض بالتحليل خصائص وميزات الأنظمة السياسية العربية، وعنوان الكتاب هو "النظام السياسي في الفكر العربي الإسلامي.. دراسة في المرجعيات". ويوجد تحت الطبع كتاب جمعت فيه مؤسسة الشروق كلّ التكريمات التي خصّصتها لعلماء الجزائر، من المنتظر أن يكون حاضرا خلال الصالون.