أثبتت ثورة الغضب في مصر بأن وظيفة رجال الشرطة والمباحث في مصر هي حماية النظام الحاكم لا غير. إنها الحقيقة التي وقف عليها العالم في اليومين الأخيرين حين كشف الأمن المصري عن صورته الحقيقية عندما انتقل من حفظ أمن المصريين إلى ممارسة البلطجة وإمعان المجازر في حق الأبرياء، كما تحول وزير الداخلية المقال، حبيب العادلي، من لواء إلى زعيم عصابة. * تقاطعت الكثير من تحليلات اختفاء الأمن المصري المفاجئ من ساحة الأحداث في مصر مباشرة بعد قرار الجيش بالتدخل، في أن نظام مبارك سعى إلى إحداث فراغ أمني يفتح المجال أمام الفوضى وانتشار أعمال السلب والنهب، والتي تحولت ليلة السبت إلى الأحد إلى جرائم قتل بشعة في القاهرة وسائر المحافظات، تمهيدا لمقايضة النظام مقابل الأمن. * فقد تبين بأن بعض المقبوض عليهم ليلة الأحد ينتمون إلى قوات الأمن، ومنهم تسعة أفراد اقتحموا المتحف المصري، كما تمكن أهالي السويس من القبض على عدد من المخربين اتضح أنهم من رجال الأمن، وهو ما حدث أيضا في الإسكندرية، فبعد ليلة من الكر والفر، بين اللجان الشعبية في الأحياء والعصابات المسؤولة على النهب، تمكن الأهالي من السيطرة على الوضع، وسلموا المقبوض عليهم لقوات الجيش، وهو ما حدث أيضا في مدينة السويس التي عاشت ليلة من الاشتباكات بين اللجان الشعبية وعناصر من البلطجية حتى وقت مبكر من الصباح. * وأجمعت الصحف المصرية المستقلة على اتهام أجهزة الأمن المصرية "بالتآمر لدعم سيناريو الفوضى" بعد أعمال نهب وسلب ومجازر حقيقية وقعت ليلة السبت إلى الأحد في القاهرة وعدة محافظات أخرى، فعنونت صحيفة "المصري اليوم" في صدر صفحتها الأولى "مؤامرة من الأمن لدعم سيناريو الفوضى". وقالت الصحيفة أن مصدرا أمنيا أكد لها أن "مسؤولا أمنيا رفيع المستوى أصدر أوامره لجميع قطاعات وزارة الداخلية بإخلاء مواقعهم والانسحاب من الشوارع والمقار ونقاط التفتيش والمرور وترك أقسام الشرطة في الوقت الذي كشف فيه شهود عيان عن قيام عناصر أمنية بإحراق عدد من أقسام الشرطة". * وأضافت الصحيفة أن "هناك جهة أمنية تابعة لوزارة الداخلية فرضت كلمتها على خطة الوزارة وقررت الانسحاب ودعم سيناريو الفوضى وإطلاق سراح السجناء و"البلطجية" والمسجلين خطر والمساعدة في أعمال التخريب والنهب عبر غض الطرف عنها. * وتابعت نقلا عن المصدر نفسه أن "هناك روحا انتقامية على عدد من القيادات الأمنية بعد الأحداث الدامية التي انتهت بانسحاب قوات الأمن". وقالت صحيفة الشروق أن "عصابات مسلحة تثير الذعر في البلاد وتقارير عن تواطؤ قيادات الشرطة". وأشارت إلى "انتشار أعمال النهب والترويع في مناطق عديدة من البلاد التي نفذتها مجموعات منظمة من غير المتظاهرين على غرار ما حدث في تونس". * وجاء الخبر الذي أوردته الجريدة الإلكترونية إيلاف بعد ظهر أمس ليؤكد هذه القراءة، وهو خبر يقول بأن الجيش المصري أصدر قراراً باعتقال وزير الداخلية وأمين التنظيم السابق في الحزب الوطني أحمد عز. * عصابة تكلف مصر 340 مليون دولار سنويا * أصدر مركز ابن خلدون للدراسات الديمقراطية، الذي يديره عالم الاجتماع المصري سعد الدين ابراهيم، قبل أسابيع قليلة بيانا كشف فيه بأن آخر إحصاء لقوات الأمن المصرية يشير إلى أن تعدادها فاق 1.7 مليون فرد ينفق عليها أكثر من نصف الميزانية المصرية سنوياً (أكثر من 190 مليار جنيه سنوياً)، أي ما يعادل ال 340 مليون دولار، من ميزانية قدرها مليارين و920 مليون جنيه تخصص سنويا لوزارة الداخلية، مع الإشارة إلى أن مساعدي حبيب العادلي، الوزير الذي تحول إلى زعيم عصابة، يحصلون على راتب شهري ب 25 ألف جنيه، بينما راتب نقيب الشرطة 600 جنيه والرائد 700 جنيه والمقدم لا يتجاوز 1100 جنيه. *