ما حدث لوزير الشؤون الخارجية في التشكيلة الأولى للحكومة المؤقتة المجاهد الكبير محمد الأمين دباغين بعد تاريخ 20 جانفي 2003، وهو تاريخ وفاته، كان مؤسفا، ليس في حقه كشخص، وإنما بالنظر إلى ما يمثله الرجل في تاريخ الجزائر الحديث. ميلود بن عمار إذا كان الطبيب المثقف لمين دباغين يمثل واحدا من الرموز الكثيرة التي صنعت مجد الجزائر المستقلة، فإن الحفاظ على ذاكرته يصبح ضرورة تقع على عاتق المؤسسات الرسمية لئلا نضيع نحن جيل الاستقلال بضياع تلك الذاكرة من تاريخ صراعنا المرير مع قوى الاستعمار الفرنسي التي تدعي اليوم دون حياء بأن لها علينا أفضالا وأيادي بيضاء! في هذه القصة التي تصلح أن تكون مادة لفيلم واقعي بمسحة تراجيدية والتي رواها لنا شكير لمين دباغين المولود بالقبة سنة 1958، وهو ابن أخ المجاهد محمد الأمين دباغين الكثير من التفاصيل المؤلمة. يقول السيد شكير بأنه بعد وفاة عمه محمد الأمين دباغين بتاريخ 20 جانفي 2003 لم يترك وراءه سوى زوجته مڤطف زينب التي توفيت بعده بتاريخ 22 أكتوبر 2004 والتي أقامت قبل وفاتها بالفيلا التي ورثتها عن زوجها وتقع بالقبة 4 شارع عبد الحميد خوجة، وكان المرحوم لمين دباغين يستعمل جزءا منها للسكن، ويستعمل جزءا آخر كمكتبة وبها مكتب يضم الكثير من الوثائق والملفات التاريخية الهامة، لكن الذي حدث بعد وفاة دباغين وزوجته كان غريبا حيث اختفت كل الوثائق بما فيها بطاقاته الشخصية، ولم يبق سوى عقد هبة لفيلا دباغين باسم (ب.كريمة) وهي الخادمة التي كانت تشرف على رعاية زوجة المرحوم قبل وفاتها، ويؤكد شكير وهو أحد الورثة بأن هذا العقد حرر في ظروف غامضة ولم يستبعد أن زوجة دباغين أمضت عليه تحت مفعول أدوية كانت تعطى لها (لامورفين) إضافة لكونها كانت مسنة (80 عاما) ومريضة. وأمام هذه الوضعية لم يكن أمام شكير وبقية الورثة من جهة الزوج سوى رفع دعوى قضائية ضد الخادمة، خاصة بعد أن أمر وزير العدل بفتح تحقيق في الموضوع لكنه ورغم ذلك كله لم تتحرك القصة خطوة واحدة، الأمر الذي دفعنا يؤكد شكير للشروق اليومي إلى طرق أبواب الصحافة خاصة وأن أملاك المرحوم محمد لمين دباغين وتاريخه الذي تشهد عليه وثائقه التي لم يبق منها شيء، أصبح في خبر كان. والمؤكد حسب شكير دائما فإن لمين دباغين ترك ذاكرة تاريخية غنية وأملاكا في مختلف المناطق، ولا أحد بما في ذلك أبناء أخيه يعلم عنها شيئا في غياب مستندات وأدلة مكتوبة، ولذلك فإن ورثة المرحوم دباغين يأملون أن تفتح السلطات تحقيقا في الموضوع ينصف الورثة، ويعيد ذاكرة دباغين التي تركها للأجيال لتصبح في متناول المؤرخين والمهتمين بتاريخ الثورة والتي تبقى لحد الساعة مجهولة المآل بعد وفاة محمد لمين دباغين وزوجته.. فهل طوي الملف بهذه الصورة .لا أحد يدري