قال رابح كبير مسؤول الهيئة التنفيذية للجبهة الإسلامية للإنقاذ سابقا، والعائد من ألمانيا بعد 15 سنة من المنفى، ردا على أسئلة الصحفيين، بخصوص استئنافه النشاط السياسي بتشكيل حزب سياسي جديد "نعم، هناك حزب سياسي جديد"، لكنه أكد بالمقابل أن وقته لم يحن بعد، مضيفا "نحن لا نستعجل العمل السياسي، فأول برنامجنا سيكون تعزيز السلم والمصالحة للوصول إلى درجة واحدة من المواطنة لجميع الجزائريين". غنية قمراوي وأظهر كبير أمس في الندوة الصحفية التي استضافها النائب الحر في البرلمان محمد بوفراش بمنزله ببوزريعة، ثقة كبيرة بالنفس، مؤكدا أن "أول النضال يبدأ بالعمل على إرجاع الحقوق المدنية والسياسية لأصحابها"، في إشارة إلى كل من لحق بهم المنع والمصادرة من مناضلي "الفيس" المحل والمتعاطفين معه، معتبرا أنه من غير الممكن أن "يسمح لزيد بالعمل ويمنع عمرو" و"ستتجسد المصالحة الفعلية على أرض الواقع عندما يتمتع جميع الجزائريين بنفس الحقوق والواجبات في ظل احترام الدولة والدستور" أو بعبارة أخرى جزائريين من نفس الدرجة... وفي سبيل ذلك، أبدى قيادي "الفيس" السابق استعدادا واضحا للتعاون مع السلطة وجميع الأطراف ممن يقاسمونه القناعة بضرورة إنجاح المصالحة الوطنية، لغلق الباب في وجه من يعادون مسار السلم، "لأنهم المستفيدون من الأزمة"، مؤكدا أن "الجزائر أكثر من البلدان الأخرى تمتلك مقومات الوحدة على جميع المستويات". ولم يتحدث كبير عن معاودة النشاط السياسي بكلمات مبهمة، بل أفصح عن ذلك بإرادة قوية، نافيا أن يكون لرئيس الجمهورية أو وزير داخليته الحق في منعه من ذلك "لا شيء يمنعنا من ممارسة حقوقنا"، وفي الموضوع قال انه لا يجد في قراءاته لخطب الرئيس بوتفليقة إقصاء له أو للقادة الآخرين من ممارسة النشاط السياسي، وحتى وزير الداخلية زرهوني قال إنه لا يملك الحق في "التنبؤ بمراحل المستقبل"، ومن جهته أكد أنه دائما يتمسك بالدولة الإسلامية، "لكن ليس على طريقة طالبان، إنما الدولة الإسلامية مثلما جاءت في بيان نوفمبر والثورة الجزائرية". وفي هذا الموضوع وغيره، تميزت تصريحات كبير بمواقف جديدة معتدلة مقارنة بما كانت تنادي به جبهة الإنقاذ المحلة، إذ قال "جئنا بروح طيبة ومراجعات للأفكار لنصحح الأفكار"، معتبرا أن الوقت لم يعد لاحتكار الإسلام، لأن لا أحد يدعي امتلاك الحق كله، ولا الديمقراطية، لأن "هذه لا دين لها وهي مقوم أساسي لترتيب المجتمعات، وبالتالي تصلح للمجتمعات كلها مادامت تمكن من قبول التداول على السلطة"، وهذا ما لم يكن في وقت سابق خطاب "الفيس"، لكن العمل السياسي مثلما يراه كبير مستقبلا هو أفكار جديدة ومراجعة للأفكار القديمة، فمن بين أهم الأسباب التي أدت إلى الأزمة هي على حد قوله "إننا لم نتحاور ولم نتعارف"، بينما يفترض أن نقبل الغير مثلما كان وليس مثلما نحب نحن. من جهته وجه مسؤول الهيئة التنفيذية "للفيس" في الخارج نداء صريحا للمسلحين الذين لازالوا في الجبار بوضع السلاح والثقة بالسلطات، مثلما وثق هو ومن معه في السلطة فكانت النتيجة إيجابية مثلما قال، وحتى من قادة "الفيس" الذين يختلفون معه في الأفكار بخصوص المصالحة مثل علي بلحاج "هؤلاء لا يعارضون المصالحة إنما يرونها من مقاربة أخرى"، في إشارة إلى أن أفكارهم لا تلزمه في شيء مادام هو ومن معه عازم على العمل من أجل المصالحة مع من يؤمنون بها. وسنرى في الأيام المقلبة لا محالة حزبا سياسيا جديدا يحمل أفكار كبير ويجمع حوله كل من يشاطرونه خطه السياسي الجديد، دون أن يكون ذلك إعادة إحياء لأنقاض "الفيس" المحل، وهذا ما اتضح من إصرار كبير على استئنافه النشاط السياسي مستقبلا، مع أنه أكد أن الحديث عن الاستحقاقات القادمة سيكون في أوانه وليس الآن.