قال الله تعالى في كتابه العزيز: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10) وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ } (سورة الجمعة) (11). * وهذا النِّداء مُوَجَّه إلى المؤمنين فقط لأنّ الصّلاة كسائر العبادات يُشْتَرَط الإيمان لِصِحَّتِها قال تعالى: * {فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه وإنّا له كاتبون} (سورة الأنبياء) (94) * فالإيمان هو أول شرط لقبول الصّالحات من صلاة وصيام وزكاة وحج وغيرها. * ففي هذه الآية الكريمة يأمر الله تعالى المؤمنين إذا سمعوا نداء الجمعة * أن يمضوا إلى ذكر الله وعبادته وإلى أداء صلاة الجمعة * وأن يَدَعوا البيع والشراء فإنّ ذلك خير لهم وأرجى لهم عند الله * وأعْود عليهم بالبركات والخيرات فإذا أدوا الصلاة وفرغوا منها * فلينتشروا في الأرض لقضاء مصالحهم وليطلبوا من فضل الله * فإنّ الرزق بيده وهو المُنْعِِمُ المُتَفَضِّلُ الذي لا يُضَيِّعُ عَمَلَ العَامِل * ولا يمنع أحبابه من فضله وإحسانه وليذكروا الله كثيرا لعلهم يفلحون. * ثم أخبر الله تعالى أنّ هناك فريقا من الناس * يُؤْثِرُونَ الدُّنيا الفانية على الآخرة الباقية فإذا سَمِعُوا بتجارة رابحة * أو صفقة قادمة أو شىء من لهو الدنيا وزينتها وزخرفها * تَفَرَّقُوا عن رسول الله عليه الصّلاة والسّلام وانصرفوا إلى متاع الحياة * مع أنّ ما عند الله خير وأبقى وانّ ثوابه خير من اللهو ومن التجارة * وانّ الله جلّ وعلا هو خير الرازقين، * فقد أخرج الإمام أحمد والبخاري ومسلم والترمذي * عن جبر بن عبد الله رضي الله عنهم أنه قال: * "بينما النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يخطب يوم الجمعة قائما * إذ قدمت عيٌر إلى المدينة فابتدرها أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم * حتى لم يبق منهم إلا اثنا عشر رجلا انا بينهم وأبو بكر وعمر * فأنزل الله تعالى: {وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها..} إلى آخر الآية". * تجب صلاة الجمعة على:- * 1- المسلمين، فلا تصح من مرتد ولا كافر أصلي * 2- الذكور، فلا تَجِبُ على النساء * 3- الأحرار، فلا تَجِبُ على العبيد الأرقاء * 4-البالغين، فلا تَجِبُ على الصبي ولكن يجب على وليه أن يأمره بالصلاة * إذا كان ابن سبع سنين قمرية * 5- العاقلين، فلا تَجِبُ على المجنون. * 6- غير المعذورين * 7- إذا كانوا أربعين مستوطنين في أبنية لا في الخيام، فلا تَجِبُ على أهل الخيام الرحل، * وكذلك تَجِبُ الجمعة على مَنْ سافر إلى بلد ونوى الإقامة فيه * أربعة أيام كاملة أي غير يومي الدخول والخروج * وتَجِبُ أيضا على مَنْ بَلَغَ سمعه نداء مؤذن صيت من طرف البلدة التي تجاور بلدته. * فضل يوم الجمعة: * ورد في فضائل يوم الجمعة * أنّ يوم الجمعة هو أفضل أيام الأسبوع على الإطلاق وأشرفها، * فقد روى مالك في الموطأ عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: * “خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة فيه خلق ءادم * وفي أهبط من الجنة وفيه تيب عليه وفيه مات * وفيه تقوم الساعة وما من دابة إلا وهي مصيخة يوم الجمعة * من حين تصبح حتى تطلع الشمس شفقا من الساعة * إلا الإنس والجن وفيه ساعة لا يصادفها عَبْدٌ مُسْلِمٌ * وهو يصلي يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه”. * وروى أبو داود في سننه أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: * "إنّ أفضل أيامكم يوم الجمعة فيه خلق ءادم * وفيه قبض وفيه النفخة وفيه الصعقة * فأكثروا عليّ من الصلاة فيه فإنّ صلاتكم معروضة علي، * قالوا يا رسول الله كيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرِمَتْ (يعني بليت) * فقال صلّى الله عليه وسلّم: * إنّ الله عز وجلّ حرّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء". * فضل صلاة الجمعة: * ورد في فضل صلاة الجمعة عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: * قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: * "لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر ما استطاع من الطهور * ويدهن من دهنه ويمس من طيب بيته ثم يخرج * لا يفرق بين اثنين ثم يصلي ما كتب الله له * ثم ينصت إذا تكلم الإمام إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى” * (رواه البخاري ومسلم)، * وقال صلّى الله عليه وسلّم: * “الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان * مُكَفِّرَات لما بينهن إذا اجتنب الكبائر” * (رواه مسلم). * من فوائد صلاة الجمعة: * إنّ اجتماع المسلمين كل يوم خمس مرات في المساجد * وإحياءهم للصّلوات الخمس له الأثر الكبير * في اجتماع المسلمين وتعاونهم كما أنّ اجتماعهم كل أسبوع مرة * وهم أكثر عددا وأعظم جمعا تاركين أعمالهم، مُغْلِقينَ متاجرهم، * مُقْبِلينَ على ذكر الله وسماع الخير يُشْعِر قلوبهم بِقُوَّتِهِم * وكذلك قيام الخطيب فيهم يُذَكِّرهم بعضَ ما نسوا ويُعَلِّمهم بعضَ ما جهلوا * عن الحوادث العامة والوقائع الحاضرة ويُعَرِّفهم واجباتهم * في الحفاظ على شرع الله وسنن الهدى التي جاء بها الإسلام * مِنَ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك فيه * من المنفعة ما لا يخفى أثره، ولا يخفى أنّ للخطبة الأسبوعية والتذكير * والوعظ المتكرر ضمنها كل الأثر العظيم في إصلاح النفوس * وتقويم اعوجاجها، وصلاة الجمعة تزيد المجتمع الإسلامي ترابطاً وتآلفاً * يلتقي فيها أفراده على الخير ويتعاونون على البِرِّ والتقوى * فيتفقد أحدهم الغائب ويُعين المحتاج ويَعُودُ المريض * ويُصْلِح بين المتخاصمين ويبذل نصحه للمقصرين * كما يتعلم الآداب الإسلامية التي تجعل المجتمع في سلام وأمان. * فيا أخي المسلم، واظب على الجمعة والجماعة * وافعل الخير فإن طرق الخير كثيرة فالتَمِسْهَا وسَلْ عنها * ولا تَحْقَرَنَّ من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق * وأكثر من الصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلّم يوم الجمعة * فإنها تُعْرَضُ عليه