الجواب: قراءة القرآن على الميت لم ترد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث صحيح، ولم يرد أيضا شيء يمنعها، ولذلك اختلف فيها العلماء، فذهب الحنفية والحنابلة والمتأخرون من المالكية والشافعية إلى جواز قراءة القرآن للميت، وإهداء ثوابها له، ونقل عن الشافعي أن ثواب القراءة لا يصل إلى الميت، وكره المتقدمون من المالكية قراءة القرآن للميت، وأن ثوابها لا يصل إليه، لأنها ليست من عمل السلف الصالح، لأن عملهم كان التصدق والدعاء لا القراءة... * وظاهر كلام خليل في مختصره: كراهة القراءة عند احتضاره وبعد موته وعند قبره، حيث قال في مكروهات الجنائز: "وَقِرَاءَةٌ عِنْدَ مَوْتِهِ كَتَجْمِيرِ الدَّارِ، وَبَعْدَهُ، وَعَلَى قَبْرِهِ"، وحمل بعض الشراح الكراهة على من فعلها استنانا، وفي نوازل ابن رشد أنه سئل عن قوله تعالى: "وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إلاَّ مَا سَعَى" قال: "وإن قرأ الرجل وأهدى ثواب قراءته للميت جاز ذلك، وحصل للميت أجره"، وقال ابن هلال في نوازله: "الذي أفتى به ابن رشد وذهب إليه غير واحد من أئمتنا الأندلسيين، أن الميت ينتفع بقراءة القرآن الكريم، ويصل إليه نفعه، ويحصل له أجره إذا وهب القارئ ثوابه له، وبه جرى عمل المسلمين شرقا وغربا، ووقفوا على ذلك أوقافا، واستمر عليه الأمر منذ أزمنة سالفة"، وقال الشيخ بهاء الدين المقدسي الحنبلي في شرح العمدة: "وأما قراءة القرآن وإهداء ثوابه للميت فالإجماع واقع على فعله من غير نكير، وقد صح الحديث: "إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ"، والله سبحانه أكرم من أن يوصل إليه العقوبة ويحجب عنه المثوبة"، ومن هذه النقول يتبين لنا أن جماهير المسلمين على جواز القراءة للميت، وأن ثوابها يصله. * * السؤال: أنا موظف في موظف بمصلحة الضرائب منذ حوالي سبعة أشهر، وقد سمعت في الآونة الأخيرة أن العمل بمصالح الضرائب لا يجوز، لأنه من قبيل المكس الذي هو من الكبائر، فضيلة الأستاذ، أنا بأمس الحاجة إلى نصيحتك، فهذا الأمر أفسد علي معيشتي؟ * الجواب: نظرا لكثرة السؤال حول هذا الموضوع، وتضارب الأقوال حوله، سأفصل القول فيه، معتمدا على كلام أئمة المذاهب، وأول شيء نبدأ به هو أن الضرائب في صورتها المعاصرة هي ما تفرضه الدولة بصفة مباشرة أو غير مباشرة على الأشخاص أو المؤسسات، لتغطية نفقاتها العامة، كالأمن، والتعليم، وحفظ الصحة بتوفير العلاج والنظافة، والنقل والمواصلات والإنارة، ودفع أجور العمال، وغير ذلك من النفقات، ويستفيد من نفع هذه الضرائب جميع أفراد المجتمع، وهي بهذا الوصف تختلف عن الضرائب التي كانت الملوك والأمراء قديما يفرضونها على الناس ظلما وعدوانا، وقد أفتى الأئمة بجوازها لتحقيق المصلحة العامة، فقد قال الإمام الشاطبي المالكي في كتابه الموافقات: "إنا إذا قررنا إماماً مطاعاً مفتقراً إلى تكثير الجنود لسد الثغور وحماية المُلك المتسع الأقطار، وخلا بيت المال وارتفعت حاجات الجند إلى ما لا يكفيهم، فللإمام إذا كان عدلا أن يوظف على الأغنياء ما يراه كافيا لهم في الحال، إلى أن يظهر مال بيت المال"، ونفس الأمر ذكره من قبله الجويني والغزالي الإمامان الشافعيان، وهو ما قرره أئمة المذهب الحنفي، من جواز فرض الضرائب على الناس للقيام بالمصالح العامة، إذا لم يكن في بيت المال ما تحصل به الكفاية، حيث قال ابن عابدين: "ما يضربه السلطان على الرعية مصلحة لهم يصير دينا واجبا وحقا مستحقا كالخراج، وقال مشايخنا: وكل ما يضربه الإمام عليهم لمصلحة لهم فالجواب هكذا، حتى أجرة الحراسين لحفظ الطريق واللصوص، فعلى هذا ما يؤخذ من العامة لإصلاح المصالح العامة، دين واجب لا يجوز الامتناع عنه"، والذي نؤكد عليه هنا، أن نصوص الشريعة ومقاصدها لا تمنع من إحداث نظام ضريبي، إذا كان عادلا في جمعها وصرفها لتغطية النفقات العامة، ليحصل بذلك النفع للمسلمين، ويحقق العدالة الاجتماعية، من غير أن يثقل كاهل الأفراد والمؤسسات أو يجحف بهم، وبهذا التفصيل يمكن القول بأن العمل في مصلحة الضرائب غير ممنوع، ما دامت تراعي العدل والإنصاف. * * السؤال: السيد كامل عبد الله من العلمة يقول: توفي أبونا منذ ست سنوات، وترك عائلة مكونة من الأم وثلاثة ذكور وخمس بنات، وترك عقارات لم تقسم حتى يومنا هذا، في أفريل الماضي، توفيت بنت رحمها الله، علما بأنها غير متزوجة، والسؤال هو: هل ترث من أبيها بما أنها توفيت بعده؟ ومن يرثها علما بأن أمها على قيد الحياة؟ * الجواب: بما أن هذه البنت كانت حية عند وفاة أبيها، فإنها ترثه كباقي الإخوة والأخوات، وبعد أن تقسم التركة يخرج نصيب البنت المتوفاة، فتأخذ منه الأم السُّدس فرضا، لوجود مجموعة من الأخوة الأشِقاء، لقوله تعالى: "فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ"، ويأخذ الإخوة الأشقاء ذكورا وإناثا الباقي تعصيبا للذكر مثل حظ الأنثيين.