تقوم عصابات سرقة الآثار بالجزائر بالتعاون مع الأجانب المتواجدين بالتراب الوطني تحت غطاء السياحة بتهريبها إلى الدول الأوروبية وغالبا ما تتخذ شبكات السطو على الآثار، التي يمتد نشاطها من الجزائر إلى تونس وليبيا وفرنسا وحتى إيطاليا وإسرائيل، الحدود البرية مع تونس كمسلك لها باعتباره الرواق المفضل للمهربين لإيصال القطع لمختلف الوجهات، بغية بيعها بأثمان باهظة تصل إلى 90 مليون سنتيم للقطعة الواحدة. وتجاوز سعر بعض القطع النقدية الرومانية المصنوعة من معدن الذهب أكثر من 170 مليون سنتيم، وهذا ما ضاعف من انتشار عصابات التنقيب والحفر عن الكنوز الرومانية والبيزنطية القديمة والعثمانية التي تتداول بين شبكات تهريب الآثار.
وفي هذا السياق أطاحت مصالح الدرك بإقليم بلدية «مجاز الصفاء» بولاية قالمة بثلاثة متورطين بالمتاجرة بالآثار بناء على معلومات مؤكدة وصلت إلى عناصر كتيبة الدرك الوطني ببوشقوف، مفادها أن مجموعة من الأشخاص يقومون بالمتاجرة بقطع أثرية، حيث قامت مصالح الدرك بنصب خطة محكمة للإيقاع بهذه الشبكة أين تم توقيف سيارة نوع «شيفرولي أفيو» على متنها ثلاثة أشخاص وبعد تفتيش السيارة تم العثور على ستة وستين قطعة نقدية مصكوكة، ونصف مصكوكة منهما أربعة وعشرون قطعة نقدية مصكوكة تعود إلى الحضارة الإسلامية القديمة، ونصف قطعة مصكوكة من نفس الحقبة غالبيتها من الحجم الكبير، وكذا 42 قطعة مصكوكة معدنية تعود إلى الحقبة الرومانية مختلفة الأحجام موضوعة بصندوق صغير خشبي يعود إلى نفس الحقبة، إلى جانب ثلاثة جرات مصنوعة من الفخار واحدة تحتوي على مسحوق أصفر من المحتمل أن يكون ذهب بوزن واحد كيلوغرام واحد، واسترجعت ذات المصالح إناء واحدا مصنوع من الخزف الأسود على شكل رأس امرأة وسبعة تماثيل متوسطة الأحجام، تمثال لشخصية رومانية تمثل آلهة رومانية، تمثال معدني لشخصية تمثل آلهة امرأة رومانية، تمثال معدني لشخصية رومانية تمثل أحد ملوك الرومان، وكذا تمثالين معدنيين لقائد حربي روماني مجسم لعربة معدنية رومانية مجرورة بحصانين على متنها قائد حربي روماني، إلى جانب تمثال رخامي أبيض على شكل رأس امرأة تمثل آلهة للعهد الروماني وكذا قنديل معدني روماني، وعلى إثر ذلك تم تبليغ وكيل الجمهورية لدى محكمة بوشقوف الذي أمر بتوقيفهم وتقديمهم أمامه فور الانتهاء من التحقيق. للإشارة فإن مصالح أمنية كانت قد كشفت فيما سبق عن تورط عصابات من دول أوروبا، إضافة إلى الإسرائيليين في سرقة الآثار الثمينة من الجزائر لبيعها بالمزادات العالمية بأكثر من مليار دينار جزائري للقطعة الواحدة، بالتواطؤ مع أطراف داخلية مختصة في التنقيب عن الآثار بالقرب من الأماكن الأثرية، هذه الأخيرة التي غالبا ما تستعين بالمشعوذين لاستخراج القطع الأثرية، وهو ما دفع إلى إنشاء جهاز يضم عناصر متخصصة في علم الآثار لمحاربة هذه الجريمة وتوفير الحماية اللازمة للمعالم التاريخية والأثرية والقيام بإحصاء شامل للمعالم والمواقع التاريخية من أجل استرجاع جميع الآثار المنهوبة، ومع استفحال ظاهرة سرقة الآثار تخوض مصالح الدرك الوطني حربا فعلية ضد شبكات التهريب بوضعها مخططا خاصا تمثل في التنسيق مع مختلف الدول لمواجهة الخطر الذي طال التراث الثقافي، وسلب هوية الشعوب والحضارات وتاريخها لاسيما الحضارة الإسلامية، بتبادل الأفكار والتجارب وكذا المعلومات حول اختفاء التحف وأماكن تواجدها والأشخاص المتورطين في سرقتها.