تعيش العائلات القاطنة ب"مشتة بومالك" والتي تعرف باسم "عقبة بوشريط" الواقعة ببلدية "القلتة الزرقاء" شرق ولاية سطيف، ظروف حياة صعبة تطبعها العزلة التي تفرضها الطرقات الجبلية، والمتاعب اليومية للحصول على مياه الشرب، إضافة إلى انتشار ظاهرة انقطاع الأبناء عن مزاولة الدراسة. على الرغم من أنها تقع على بعد حوالي 10 كيلومترات فقط عن مقر مركز البلدية، إلا أنها لا تزال بعيدة تنمويا في نظر المواطنين، بحكم ما تتخبط فيه من مشاكل أرقت المواطن الذي أخذت معاناته في التفاقم شيئا فشيئا حتى صارت لا تطاق، ويلاحظ الزائر للمشتة غياب شبه تام للمرافق الخدماتية العمومية المرتبطة أساسا بالتغطية الصحية، حيث تفتقر هذه المنطقة المنسية إلى مرفق صحي قائم بذاته، مما يزيد من معاناة مرضى المنطقة الذين يتحملون أعباء إضافية من أجل أبسط الحالات، إذ يجبرون على استعمال سيارات الفرود في الكثير من الوضعيات لبلوغ مراكز الصحة المتواجدة بمقر البلدية أو بعاصمة الدائرة "العلمة"، وما زاد من معاناتهم هو تواجد المنطقة بمنحدر جبلي صعب المسلك يتواجد على حواف الطريق الوطني رقم "77" الرابط بين دائرتي "العلمة" و"بني عزيز". ولعل وضعية المنطقة جغرافيا قد عمقت من معاناتها مع الماء الشروب، الذي يتزود به السكان عن طريق "عين يتيمة" تقع في أسفل الوادي وهو وضع يفرض عليهم استعمال بعض البغال والأحمرة لنقل دلاء المياه للمنازل المتناثرة في مرتفعات يصعب الوصول إليها، ومن جانب آخر يشكو سكان "المشتة" السالفة الذكر، من ظاهرة التسرب المدرسي المبكر لأبنائهم، حيث يغادرونها مبكرا وأسباب ذلك متعددة منها الفقر المدقع الذي تتخبط فيه فئات واسعة من السكان، ومنه تفضيل من اشتد عوده من أطفال ولوج عالم الشغل، وغيرها من الأسباب التي دفعت تلاميذ المدارس الإكمالية والثانوية على وجه التحديد لهجرة المدارس، وقد عدد أحدهم المتسربين بحوالي 20 تلميذا، ويأمل ما تبقى من تلاميذ في تدخل الجهات المعنية من أجل تشجيع التلاميذ على مواصلة الدراسة بشتى الطرق. ولا أدل على التسرب مما أكده أحدهم قائلا "لدي 8 أبناء وكلهم انقطعوا على الدراسة"، ولم تفقد أبدا عائلات "عقبة بوشريط" الثقة في مسؤوليها، وتعلق عليهم آمالا كبيرة من أجل التدخل لتحسين ظروف المعيشة، وتدعيم النشاط الفلاحي والرعوي الذي تتميز به الجهة.