شرعت محكمة الجنايات بالعاصمة الفرنسية باريس أمس في الاستماع إلى عناصر شبكة إجرامية من ثمانية أشخاص، من بينهم جزائريان، ورغم أن التهمة الرئيسية التي توّرط فيها هؤلاء تتمثل في السطو المسلّح غير أن القضاء الفرنسي أعاد تكييفها بعد أن أشار إلى وجود قرائن تُبت صلة المجموعة بعدد من الخلايا التي تصفها ب «الإرهابية»، وذكرت منها تورّطهم في تمويل المقاومة العراقية قبل خمس سنوات. توقعت مصادر قضائية فرنسية أن تستمر مُحاكمة عناصر هذه الشبكة، التي يقودها فرنسي من أصول جزائرية، قرابة الشهر بالنظر إلى تفاصيلها المتشعبة، كما أرجعت هذه الفرضية إلى تقارير المصالح الفرنسية المتخصصة في مكافحة الإرهاب كونها أظهرت صلات ما أسمته «الجماعات المتشدّدة» مع مجموعات الجريمة المنظمة والجريمة العادية، وقد سبق للقضاء الفرنسي أن حاكم متطرفين آخرين في 2008 بباريس بدعوى أنهم كانوا يحصلون على التمويل من بعض شبكات الدعارة. وحسب المعلومات التي كشفت عنها وكالة «رويترز» للأنباء عن هذه حيثيات هذه القضية فإن المجموعة التي تمّ تفكيكها في 2005 تتشكل من فرنسيين اثنين وفرنسي آخر من أصول جزائرية، إضافة إلى جزائري وأربعة تونسيين، وأفاد الإدعاء أن هذه العصابة تكوّنت بعد اتصالات بين المجموعة عندما كانت قيد الاعتقال، وأن قادتها كانوا على اتصال أيضا مع خلايا تنظيم «القاعدة» في الخارج. ويُعتبر المتهم الفرانكو-جزائري المسمى «واسيني شريفي» البالغ من العمر 36 عاما، بموجب لائحة الاتهام، المسؤول الرئيسي على نشاط هذه العصابة، حيث قام بتجنيد العناصر الموقوفين بمجرّد خروجه من السجن أين كان يقضي عقوبته الأولى، واتضح بأن مجموعته على صلة بجماعات إرهابية، ولذلك فقد وجّه القضاء الفرنسي تهمة تورّط هؤلاء في تمويل خلايا المقاومة في العراق، ووفقا لبيانات قضاة التحقيق فإنه لم يكن مستبعدا فرضية وقوع هجمات إرهابية داخل فرنسا بناء على الاتصالات التي تمّ جمعها في كل من الجزائر وسوريا وكذا تركيا. وأكثر من ذلك فإن الإدعاء أشار إلى وجود رابطة أخرى بين هذه الجماعة الموقوفة وجماعة ثانية تمّ تفكيكها أيضا ويتعلق الأمر بما يسمى ب «أنصار الفتح» التي يقول الأمن الفرنسي إنها تحصل هي الأخرى على التمويل من طرف شبكات تنشط في الدعارة، وأوضحت أن الفرانكو-جزائري «واسيني شريفي» التقى عندما كان في السجن بين 2000 و2004 مسؤول الجماعة المذكورة وهو المسمى «صافي بورعدة» البالغ من العمر 38 عاما، حيث كان محكوما عليه ب 10 سنوات سجنا على خلفية تورطه في هجمات في فرنسا. وفي السياق ذاته أظهر السجل القضائي أن الجزائري «محمد بن يمينة»، الذي حوكم في باريس بصفته مسؤولا آخر في تنظيم «أنصار الفتح»، صرّح في مقابلة بالجزائر بأن المجموعة كانت وضعت ضمن أهدافها تفجير مطار «أورلي» بباريس و«ميترو» العاصمة الفرنسية بالإضافة إلى مقر الاستخبارات الداخلية بناء على الأموال التي جمعها المدعو «شريفي»، وأشار إلى أن مجموعة الأخير كان تتغطى عبر نشاطات محلات هاتفية وبعض المتاجر وخاصة محلا لخدمات الأنترنت ومطعما بإحدى ضواحي «سان دوني» وسط العاصمة باريس يسمى «مواعيد غورمون» الذي كان يُستعمل، وفق لائحة الاتهام، مقرا للالتقاء بين أفراد المجموعة. وأغلق التحقيق في القضية بعد الهجوم الفاشل الذي استهدف مبنى لإيداع الأموال تابع لشركة «سيكوريتاس» بتاريخ 7 أكتوبر 2005 بضواحي «بيوفي»، حيث فشلت العملية بالنظر إلى أن المتفجرات التي تمّ استخدامها لم تُخلّف خسائر كبيرة تسمح لمنفذيها بدخول المبنى عبر منفذ ناجم عن التفجير، كما أظهر تسجيل كاميرات المراقبة فيما بعد ثلاثة أشخاص من بينهم المتهم «واسيني شريفي» الذي نفى قطعا هذا الاتهام الموجّه إليه. فيما أسفرت عملية البحث التي قامت بها مصالح الأمن في مربع تابع لمجموعة الشرطة عن اكتشاف مخزون من 19 رزم من الديناميت وبندقيتان وعدد من المسدسات إلى جانب أجهزة اللاسلكي، مع سترة للدرك وصفائح للشرطة.