دافع صندوق النقد الدولي عن الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة لمواجهة موجة ارتفاع أسعار بعض المواد الأساسية، حيث وصفها ب «التدابير الصحيحة»، وعلى إثر ذلك استبعد حدوث أية اضطرابات سياسية على شاكلة ما وقع في تونس خلال الفترة الأخيرة، واستند في ذلك إلى الكثير من الاختلافات بين البلدين، ورغم ذلك فقد نبّه «الأفامي» من خطورة أي تراجع محتمل في أسعار النفط. حذّر الخبير في صندوق النقد الدولي، «جوناس توجاس ريناتي»، من بعض التداعيات السلبية التي قد تترتّب عن تراجع مفاجئ في أسعار النفط في الجزائر، ودعا الحكومة إلى اتخاذ كافة احتياطاتها لمواجهة هذا الاحتمال، مقترحا ضرورة تحقيق نسبة نمو سنوية لا تقل عن 6 بالمائة خارج المحروقات في المرحلة المقبلة مع إخراج الاقتصاد الوطني من التبعية الكلية لهذا القطاع، بما يضمن امتصاص الطالبين الجدد لمناصب العمل الذين قدّر بأنهم سيرتفعون من 2.5 بالمائة إلى 3 بالمائة. وعلى حدّ تعبير خبير «الأفامي»، وهو رئيس الوفد الذي زار الجزائر قبل ثلاثة أشهر، فإن «انهيار أسعار النفط ستكون له عواقب خطيرة» على الاقتصاد الوطني، لافتا على هذا المستوى إلى ما حدث في سنوات «التصحيح الهيكلي» في الجزائر خلال فترة الثمانينيات من القرن الماضي للأسباب ذاتها، وهو ما دفع بالحكومة حينها إلى اللجوء نحو خيار الاستدانة ما رافقه من توتّر في الجبهة الاجتماعية. وبحسب التحليل الذي فصّل فيه «جوناس توجاس ريناتي»، في حديث خصّ به نشرة «الأفامي» تزامنا مع صدور التقرير السنوي لهذه الهيئة المالية الدولية الخاص بالجزائر، فإن الحكومة نجحت من خلال تبنيها «سياسة اقتصادية حذرة» مما ساعدها على تحصيل رقم معتبر من الميزانية في أكثر من عشرية، ومع ذلك فقد دعا إلى مزيد من الحذر وأن المطلوب هو معالجة المشاكل من جذورها والعمل على استبعاد أي احتمال وارد لتوترات. وعلى هذا الأساس يرى الخبير في صندوق النقد الدولي بأن الحكومة الجزائرية مطالبة بالعمل على المدى البعيد لتحقيق هذا الهدف، واقترح على سبيل المثال بعث المنافسة بين موزعي المواد الغذائية والقضاء على السلوكيات الاحتكارية الذي يعد من العوامل المساهمة في ارتفاع الأسعار في المرحلة الأخيرة، كما طالب السلطات العمومية بضرورة تطوير قطاعها الفلاحي لضمان المناعة في مواجهة تذبذب الأسعار في الأسواق الدولية. أما على الصعيد الاجتماعي الذي حاز على جزء هام من حديث «ريناتي» لنشرة «الأفامي»، فإن الأخير لم يتوان في الدفاع عن الإجراءات التي اتخذتها الجزائر في أعقاب الاحتجاجات التي عرفتها العديد من الولايات بسبب ارتفاع أسعار بعض المواد، حيث ذهب إلى وصفها بأنها «قرارات صحيحة»، وأرجع ذلك إلى أن الدعم كان موجها بالأساس من أجل التكفّل بالفئات الاجتماعية الهشّة، معتبرا أن الحكومة كانت تملك القدرة على اتخاذ تلك الإجراءات وتغطية النفقات التي لا تمثل إلا 0.3 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي الخام، في ظل ارتفاع أسعار النفط وما وصفه براحة مالية تتمتع بها الجزائر. وبموجب ذلك فإن الخبير «جوناس توجاس ريناتي» حرص على التأكيد بأن «تكرار المشهد التونسي الراهن في الجزائر يبقى أمرا مستبعدا جدا»، وشرح موقفه بالقول «لأن السياق في البلدين مختلف في الكثير من النقاط اقتصاديا، سياسيا واجتماعيا»، كما أوضح أن «الجزائر شهدت مطلع الشهر الجاري احتجاجات شعبية في العديد من الولايات بسبب ارتفاع أسعار الزيت والسكر»، مستطردا: «غير أن الحكومة استطاعت أن تتخذ الإجراءات اللازمة لخفض الأسعار، وتعليق الرسوم الضريبية والجمركية».