عقدت الجامعة العربية اجتماعاً طارئاً بعد ظهر أمس الثلاثاء في القاهرة لبحث الأزمة في ليبيا التي تشهد مواجهات عنيفة. ومن جانبها، طلبت المفوضة العليا لحقوق الإنسان في الأممالمتحدة «نافي بيلاي» أمس الثلاثاء فتح "تحقيق دولي مستقل" حول أعمال العنف في ليبيا، مشددة على ضرورة "الوقف الفوري للانتهاكات الخطرة لحقوق الإنسان التي ترتكبها السلطات الليبية". وحذرت «بيلاي» من أن ما ترتكبه السلطات الليبية من "هجمات منظمة ضد السكان المدنيين يمكن أن يعتبر جرائم ضد الإنسانية". على صعيد متصل، قال السفير الليبي لدى الهند الذي استقال في أعقاب حملة القمع ضد المحتجين لوكالة «رويترز» إن السلطات الليبية تستخدم مرتزقة أفارقة، مما دفع بعض قوات الجيش إلى تغيير ولائها لتنضم إلى المعارضة. وكان سكان في طرابلس تحدثوا مساء الاثنين عن وقوع "مجزرة" في اثنين من أحياء العاصمة، بعدما أفاد التلفزيون الليبي عن عملية أمنية أدت إلى "سقوط ضحايا عدة بسبب مداهمة أوكار الجهات التخريبية" في ليبيا التي تشهد عملية قمع دامية للاحتجاجات المطالبة بإسقاط النظام. كما دحض الزعيم الليبي معمّر القذافي الأخبار التي قالت إنه غادر ليبيا إلى فنزويلا، وذلك في كلمة مقتضبة مساء الاثنين نقلها التلفزيون الليبي "مباشرة" من أمام منزله في باب العزيزية في طرابلس. وقال "كنت أريد أن أرى الشباب في الساحة الخضراء. فقط كي أثبت أنني في طرابلس، وليس في فنزويلا، وتكذيب التلفزيونات، هؤلاء الكلاب" وذلك ردًا على أخبار بثتها الاثنين محطات تلفزة عدة ووسائل أعلام دولية، قالت أنه غادر ليبيا إلى فنزويلا. وأظهرت الصور التي بثّها التلفزيون الليبي العقيد القذافي يرتدي معطفًا وهو يصعد إلى سيارة، ويحمل مظلة للاحتماء من المطر، وذلك أمام منزله في باب العزيزية. أفضل السيناريوهات وتواصلت المواجهات بين قوات الأمن الليبية والمتظاهرين المناوئين للزعيم الليبي معمّر القذافي لليلة الثالثة على التوالي. وذكر شهود عيان أن الطيران الحربي الليبي يقوم بقصف مناطق عدة في العاصمة الليبية طرابلس. وأعلن مساعد سفير ليبيا لدى الأممالمتحدة إبراهيم الدباشي لمحطتي «بي بي سي» و«سي ان ان» أن الزعيم الليبي معمر القذافي متهم بارتكاب "إبادة" ضد شعبه وعليه أن "يرحل في أسرع وقت ممكن". وقال للمحطة البريطانية "أعتقد أننا نشهد نهاية العقيد القذافي، ما هي إلا مسالة أيام. إما أن يستقيل وإما أن يتخلص الشعب الليبي منه". وبعدما وصف قمع حركة الاحتجاج التي تشهدها ليبيا بأنها "إبادة"، اعتبر الدباشي أن "أفضل السيناريوهات هو أن يحاكم (القذافي)، وأن يقدم حسابًا عن كل الجرائم" التي ارتكبها منذ تسلمه السلطة. وأضاف الدباشي "يجب أن يرحل معمّر القذافي في أسرع وقت ممكن". ودعا دول العالم بأسره إلى "عدم السماح للقذافي باللجوء إليها" كما دعاها أيضا إلى "مراقبة أي تحويل للعملة من ليبيا". وأكد أنه ليس وحده من بين طاقم البعثة الدبلوماسية الليبية في الأممالمتحدة. إضافة إلى ذلك، قال لصحيفة نيويورك تايمز أن البعثة الدبلوماسية في الأممالمتحدة بعثت رسالة تدعو فيها معمر القذافي إلى الاستقالة، ولكنه لم يوضح مع ذلك عدد الأشخاص الذين وقعوا هذه الرسالة. وأضاف "يجب أن يتوقف عن قتل الشعب الليبي". ولم يعلن مع ذلك ما إذا كان السفير الليبي في الأممالمتحدة «عبد الرحمن شلقم» يقف هو أيضا إلى جانب المتظاهرين وهو لم يره منذ الجمعة. العقيد لا يناصره أحد من جهته، قال دبلوماسي آخر في الأممالمتحدة هو «آدم طرباح» لصحيفة «لوس أنجلس تايمز» أن الدبلوماسيين قرروا الابتعاد عن حكومة معمّر القذافي "بسبب القمع الذي يمارسه ضد الشعب الليبي". وأضاف "نعلم أن هذا أمر سيعرض عائلاتنا في خطر، ولكنهم على كل حال في خطر". وأشار "طرباح" إلى الخطاب الذي أدلى به مساء الأحد سيف الإسلام القذافي، نجل معمر القذافي، الذي وعد ب"القتال حتى آخر طلقة" لإنهاء المظاهرات. وقال "هو يحرّض على الحرب الأهلية"، معتبرًا أن "هذا مخجل". وفي تطور جديد، أعلن الجيش المصري في صفحته على موقع فايسبوك أن حرس الحدود الليبي انسحب من مواقعه على الحدود بين البلدين. وأفاد البيان أن أفراد حرس الحدود الليبي انسحبوا من الجانب الليبي من الحدود، وبات الموقع تحت سيطرة اللجان الشعبية. هذا في وقت رشحت تقارير عن بوادر انقسام بين أوساط النخبة الليبية الحاكمة، بعد بيان صدر من مسؤول حكومي رفيع سابق، يدعو فيه القيادة الليبية إلى بدء حوار مع المعارضين، ومناقشة صياغة دستور. وفيما تشير بعض التقارير إلى أن القذافي غادر البلاد، أكد نائب وزير الخارجية الليبي «خالد الكعيم» مساء الاثنين في تصريح للتلفزيون الليبي الرسمي، أن العقيد الليبي معمّر القذافي لا يزال في ليبيا، نافيًا بذلك أنباء ترددت عن مغادرته البلاد. وقال هذا المسؤول "أن القائد في ليبيا، وكذلك جميع المسؤولين الحكوميين". لكن مراسل «بي بي سي» في مصر المجاورة لليبيا يقول إن القذافي فقد كل الدعم من كل الأطراف من حوله.