جدد سكان قرية «مغنين» التي تتواجد على بعد 60 كلم جنوب مدينة البويرة، التابعة إقليميا لبلدية «برج أخريص» رفع مطلبهم إلى السلطات المحلية، والمتمثل في ضرورة إعادة النظر في الإستراتيجية المعتمدة في عملية توزيع المشاريع التنموية، وهو ما من شأنه على حد تعبيرهم أن يكفل تحسين أوضاعهم المزرية التي يتخبطون فيها منذ سنوات. فحسب هؤلاء فإن القرية المذكورة تنعدم فيها أبسط ضروريات الحياة الكريمة، وهو ما جعلهم يقبعون في عزلة ويكابدون معاناة الحرمان والتهميش المفروضة عليهم من طرف السلطات المحلية، وفي هذا الصدد أبدى محدثونا استيائهم الكبير من الغياب شبه التام لمظاهر التنمية بها. وكشفت لنا الجولة التي قادتنا إلى عين المكان، أن سكان قرية «مغنين» يعيشون واقعا مزريا بالنظر إلى وضعية بيوتهم المبنية بالطوب من جهة، والتي ما عاد بإمكانها الصمود أمام قوة الطبيعة، غير أن ما يزيد من معاناتهم هو قطعهم لمسافات طويلة مشيا على الأقدام للوصول إلى مركز البلدية من أجل قضاء مصالحهم، يحدث هذا -حسبهم- في ظل انعدام النقل بها.
"سكناتنا الطوبية لم تعد تقوى على مجابهة قساوة الشتاء" ولقد أجمع من قابلناهم هناك أن صعوبة الحياة في هذه القرية أثقلت كاهلهم، مضيفين في معرض شكواهم أنه ما عاد بوسعهم تحمل المزيد، إذ تزداد وضعيتهم المعيشية تأزما خلال مواسم الشتاء أين يجبرون على مجابهة مصاعب جمة في التنقل بسبب اهتراء الطريق الرئيسي وانتشار البرك المائية، فبمجرد نزول أولى القطرات من المطر تتحول الحفر به إلى أوحال يصعب عليهم استعمالها، هذا فضلا عن تسرب مياه الأمطار إلى داخل سكناتهم، وهو ما يزيد من برودة المساكن الطينية أكثر لاسيما أنها تقع في موقع مرتفع في غياب غاز المدينة.
تغطية صحية غائبة وأزمة عطش خانقة وفي سياق موازي، أكد محدثونا أنه وفي ظل تسجيل أزمة في الماء الشروب بهذه المنطقة النائية فإنه كثيرا ما يتحتم على السكان قطع مسافات طويلة وشاقة من أجل الحصول على شربة ماء من الآبار، مستعينين في ذلك على الحمير، وقد أبدى السكان تخوفهم الشديد في حالة ما إذا شحت العين الوحيدة التي يعتمدونها للسقي وتوقفت عن السيلان ما قد يتسبب في جفاف قد يقود إلى ما لا يحمد عقباه، خصوصا وأن العين الكبيرة كما يسمونها هي ملجأ جميع العائلات القاطنة بذات القرية، وقد أشار هؤلاء إلى أن معاناتهم تزداد حدة خلال فصل الصيف مع ارتفاع معدلات الحرارة مما يؤدي إلى انتشار مختلف الحشرات الضارة، وفي الشق الصحي لم يخف محدثونا معاناتهم في التنقل للتطبيب، جراء في ظل افتقارهم لمركز صحي يلبي حاجاتهم الصحية، وهو ما يتحتم عليهم نقل مرضاهم في كل مرة إلى مركز الدائرة أو البلدية. ولم يفوت هؤلاء الفرصة تواجدنا هناك ليشيروا إلى معاناتهم مع الطريق الذي يبقى بحاجة إلى إعادة نظر، فوضعيته المتردية حاليا تضطرهم إلى قطع مسافات طويلة مشيا على الأقدام على أمل ان يحالفهم الحظ في العثور على حافلة تكفل نقله إلى مركز البلدية، وبالنظر إلى أهميته القصوى جدد هؤلاء مناشدة الجهات الوصية التدخل من أجل تسهيل تنقلاتهم من خلال تزفيت الطريق في أقرب الآجال. الاحتطاب حلنا الوحيد بسبب غياب الغاز وندرة قارورات البوتان وبين هذا وذاك وخلال تحاورنا مع عدد منهم، جلب انتباهنا في هذه القرية إحدى المظاهر المعتمدة في العيش من طرفهم، ومن صور ذلك أنهم لا زالوا يعتمدون على الحطب في الطهي، ذلك أنهم يعتمدون على أنفسهم في جلب رزم الحطب في غياب الغاز الطبيعي ونقص قارورات الغاز التي يؤتى بها من مخزن البلدية وبأثمان باهضة، نتيجة انعدام وسائل النقل، وفي هذا الشأن صرح عمي «قدور» بأنه ولحسن حظه تقع الغابة على مقربة من مسكنه وكونها أصبحت الملجأ الوحيد له من أجل الطهي والتدفئة، ورغم تقدمه في السن إلا أنه يحلم في أن يتم تزويدهم بغاز المدينة على اعتبار أنه سبيلهم الوحيد من أجل إنهاء أكبر معاناة تلازم يومياتهم، خاصة في الأيام الشتوية الباردة، وفي هذا الصدد ناشد محدثونا المنتخبين المحليين بعدم إدارة ظهورهم لهم وتسجيل بعض المشاريع التنموية بالقرية لفك العزلة عنهم مع السعي إلى خلق مناصب شغل للشباب الذي يعاني الفراغ في يومياتهم. مصالح البلدية تؤكد فك العزلة عنهم في القريب العاجل من جهته، رئيس البلدية لم يخف تسجيلهم للكثير من النقائص بذات القرية، مؤكدا في الآن نفسه سعي مصالحهم للنهوض بواقعهم في أقرب الآجال، مضيفا أن البرنامج الخماسي الجاري وبرنامج تنمية الهضاب العليا سيفتح من دون شك آفاقا واسعة للتنمية، كما أفاد ذات المسؤول تسجيل مشاريع تنموية في جميع القطاعات لصالح القرية وسكانها وهو ما يعني حسبه أن القضية الآن قضية صبر ليس إلا.