تميز عام 2011 ينقضي بعد ساعات بإنجازات مشهودة في الميدانين الاجتماعي والاقتصادي والمكتسبات الاجتماعية والعمالية بالنظر إلى التحسن الذي شهدته أهم المؤشرات الاقتصادية على الرغم من ظرف دولي طغت عليه أزمة الديون السيادية. 2011..سنة المترو والترامواي والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة بلا منازع كان مشروعي ميترو وترامواي الجزائر العاصمة من حيث الإنجازات الاجتماعية والاقتصادية أهم معالم قطاع النقل الذي يعتبر أحد العناصر الأساسية لأي نمو اقتصادي وكل تحسن للظروف المعيشية للسكان. أما الإنجاز الكبير الآخر لسنة 2011 فيتمثل (قطعا) في استكمال الطريق السيار شرق-غرب باستثناء «بعض المنشآت الفنية» والذي يعد من المنشآت التي أعطت ديناميكية للمبادلات التجارية وفرص الأعمال بين مختلف الأقطاب الاقتصادية الجهوية. وعلى العموم فإن سنة 2011 قد كانت «إيجابية» على المستوى المالي على الرغم من «آثار» أزمة الديون السيادية التي أطاحت تقريبا بعديد اقتصاديات منطقة الأورو والتي يخشى أن تنتقل عدواها إلى مناطق نقدية أخرى، وفي هذا السياق صنف صندوق النقد الدولي الجزائر من البلدان الأقل مديونية من بين ال20 دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (مينا) وتحتل المرتبة الثانية من بين البلدان التي لديها اكبر احتياطي رسمي من الصرف بعد العربية السعودية. وقد اتخذ مجلس الوزراء الذي عقد بعد أحداث جانفي إجراءات شجاعة لدعم الاقتصاد الوطني سواء على المستوى المالي أو البنكي أو فيما يخص استثمار المؤسسات والتشغيل، من أجل ذلك تم تكليف الخزينة بأن تضع في متناول البنوك العمومية مجموعة من القروض طويلة الأمد تقدر ب100 مليار دينار قابلة للتجديد بغية السماح لتلك البنوك «بتمويل المشاريع ذات المردودية الطويلة»، كما قرر المجلس الوزاري زيادة تخفيض أعباء أرباب العمل الخاصة باشتراكات الضمان الاجتماعي و ذلك من اجل تشجيع تشغيل الشباب، وسينتقل هذا التخفيض من 56 بالمائة إلى 80 بالمائة بولايات شمال البلاد ومن 72 بالمائة إلى 90 بالمائة بولايات الهضاب العليا وجنوب البلاد، ومن أجل تعزيز السياسة الاجتماعية للدولة فقد ارتفع الأجر الوطني الأدنى المضمون ابتداء من سبتمبر المنصرم بنسبة 20 بالمائة بعد اجتماع الثلاثية، وبالتالي فإن الأجر الوطني الأدنى المضمون سينتقل من 15 ألف دينار إلى 18 ألف دينار ابتداء من الفاتح جانفي 2012. كما كانت 2011، حسب عديد الملاحظين، سنة المؤسسات الصغيرة و المتوسطة «حيث أن دعم الدولة كان كليا تقريبا من اجل الإنعاش إذا استدعت الضرورة ذلك والدعم في الوقت والمكان المناسب والتشجيع إذا اقتضى الأمر ذلك»، وقد قامت الحكومة على اثر اجتماع الثلاثية التي جرت في ماي 2011 باتخاذ إجراءات هامة من أجل دعم الاقتصاد الوطني وحمايته من آثار أزمة الديون السيادية. الطريق السيار شرق-غرب: مشروع ذو بعد مغاربي وإفريقي يمثل إنجاز مشروع الطريق السيار شرق-غرب الذي تم إطلاقه في منتصف الثمانينيات بالنسبة للمبادرين بهذا المشروع الضخم بداية تحدي جديد يتمثل في الطرق السيارة ذات البعد المغاربي والإفريقي، ولم يتم مباشرة مشروع الطريق السيار هذا الذي أعيد إطلاقه سنة 2007 وفاقت نسبة إنجازه 96 بالمائة إلا بعد تسوية مشكل التمويل الذي كان مطروحا بحدة بين سنتي 1980 و1990 وهي فترة عرفت الجزائر خلالها مشاكل اقتصادية كبيرة، لكن ذلك لم يمنع مباشرة بعض الأجزاء لاسيما الطرق الاجتنابية للجزائر العاصمة والبليدة والبويرة وقسنطينة (حوالي 400 كلم) في نهاية الثمانينيات موازاة مع إجراء الدراسات التقنية للمشروع (1216 كلم) التي انتهت سنة 1994، و”إثر قرار لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة سنة 2005 أعيد إطلاق الطريق السيار شرق-غرب وأعلن كمشروع مهيكل ذو بعد وطني وجزء مكمل للطريق السيار العابر للمغرب العربي (7000 كلم) والعابر للصحراء الجزائر-لاغوس (9000 كلم). 2011.. انطلاقة لنقل الجزائر إلى عصر الطاقة النظيفة بتبني الجزائر سنة 2011 لبرنامج هام في مجال تطوير الطاقات المتجددة يمتد على مدى العشريتين المقبلتين فإنها تكون قد انطلقت في مسار طموح للانتقال نحو الطاقات البديلة والنظيفة، فعلاوة على البعد البيئي أو حتى الحرص على تنويع المصادر الطاقوية وتقليص نسبة الطاقات الأحفورية فإن الجزائر تسعى أيضا إلى تمديد عمر احتياطاتها من المحروقات لبعض السنوات وكذا استغلال طاقتها الشمسية الهائلة وطاقة الرياح من أجل المساهمة في الاستجابة للاحتياجات الداخلية من الكهرباء وتصدير جزء من هذه الطاقة نحو البلدان الأوروبية. ويتوقع البرنامج الوطني لتطوير الطاقات المتجددة الذي أقره مجلس الوزراء في فيفري الأخير إنتاجا ب22000 ميغاواط من الكهرباء من مصادر متجددة لاسيما الطاقة الشمسية وطاقة الرياح الموجهة للسوق الداخلية فضلا عن 10 آلاف ميغاواط إضافية للتصدير نحو البلدان المجاورة خلال السنوات ال20 المقبلة، وذلك يوازي 40 بالمائة من إجمالي إنتاج الكهرباء بحلول سنة 2030 وضعف الطاقة الحالية للحظيرة الوطنية لإنتاج الكهرباء، ومن اجل تحقيق هذا الهدف خلال هذه المدة يتطلب الأمر توفير استثمارات بقيمة ب120 مليار دولار نصفها من القطاع العمومي، كما تتطلب عملية تجسيد هذا البرنامج إشراك المستثمرين الخواص والأجانب. كما أن هذه السياسة الطاقوية ستتدعم من خلال تطوير صناعة محلية للمناولة التي تمكن بالتالي من إنشاء ما لا يقل عن 100 ألف منصب شغل، وفي المجموع فإن 67 محطة شمسية بنظام الصفائح الضوئية الفولطية والشمسية الحرارية وبطاقة الرياح الهجينة مع الغاز الطبيعي أو الديزل تكون موزعة في إطار هذا البرنامج على عشرين ولاية من الجنوب والهضاب العليا وحتى شمال البلاد من شأنها رفع التحدي ونقل الجزائر إلى عصر الطاقة النظيفة وستبلغ الطاقة الإجمالية المؤكدة لهذه المشاريع 2357 ميغاواط في أفق سنة 2020. ومن بين أهم محاور الشراكة الإستراتيجية المتوصل إليها بعد عدة أشهر من المشاورات بين الجزائر وأصحاب مشروع ديزارتاك يوجد على الخصوص تعزيز المبادلات في مجال الخبرة التقنية ودراسة السبل والوسائل الكفيلة بولوج الأسواق الخارجية والترقية المشتركة لتطوير الطاقات المتجددة في الجزائر وعلى المستوى الدولي، وتهدف مبادرة ديزارتاك من خلال استثمار ضخم تناهز قيمته 500 مليار أورو إلى أن تتمكن في ظرف 40 سنة من إنشاء شبكة واسعة من التجهيزات الخاصة بطاقة الرياح والطاقة الشمسية على مستوى منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط. اتصالات مع الجالية الوطنية لإشراكها في جهود التنمية تميزت سنة 2011 بإجراء عدة اتصالات بين السلطات العمومية والجالية الوطنية المقيمة في الخارج بغرض إشراك الكفاءات الوطنية في جهود التنمية الوطنية، وفي هذا الإطار أجرى كاتب الدولة المكلف بالجالية الوطنية في الخارج «حليم بن عطا الله» خلال سنة 2011 زيارات عمل قادته إلى العديد من المدن الفرنسية بغرض التقاء النخبة لحثها على تكوين «شبكة» تسهل إدماجها في القطاعات الاجتماعية والاقتصادية التي يمكن أن تثير اهتمامهم، ويتمثل الهدف المسطر من وراء هذه الاتصالات التي يبدو أنها أعطت ثمارها في استغلال مهارة هذه النخبة واستحداث أقطاب كفاءات من خلال مقاربة ناجعة بين الجزائريين الذين يعيشون في الجزائر وأولئك المقيمين في فرنسا، وعبر جل المشاركين في هذه اللقاءات الذين التقاهم «بن عطا الله» خلال جلسات العمل المتعددة التي نظمت لهذا الغرض عن رغبتهم في المساهمة في جهود التنمية الوطنية شريطة أن تتسم طلبات القطاعات المعنية بالوضوح. وعبّر كل من الأطباء المختصون والباحثون والجامعيون والمهندسون والمقاولون عن رغبتهم في تقديم تجاربهم الخاصة وإرساء علاقات متينة مع بلدانهم الأصلية معربين عن أملهم في استحداث مراصد محلية تضم كل الكفاءات والملحقين بالمصالح القنصلية، ومن وجهة نظرهم التعاون لا يجب أن يكون فرديا كما هو الحال أحيانا بل في «إطار تشاوري» قصد العمل في شفافية مع المؤسسات الوطنية، ويتعلق الأمر كما قالوا بتحقيق «انسجام حقيقي فيما يخص الطلبات المعبر عنها من الجزائر وتوجيه العروض المتوفرة»، وأضافوا أن إبرام اتفاق إطار سيكون الأنسب للسماح لهم بالتحرك ب«نجاعة» في مناخ يسوده «الهدوء»، كما عبر بعض أعضاء الجالية الوطنية خلال جلسات العمل عن «مخاوفهم» بشأن البيئة «البيروقراطية» للإدارة لاسيما فيما يخص تباطؤ الإجراءات الرامية لإنجاز المشاريع التي يأملون في مباشرتها بالجزائر، فيما ركز آخرون على مد جسور بين الجزائر وأعضاء الجالية من ذوي الكفاءات متأسفين لكون مشاريع «تمنح للأجانب في ظل وجود الكفاءات الوطنية». السكن.. الأولوية للشباب والقضاء على البيوت القصديرية شكلت استفادة الشباب من السكن والقضاء على السكنات الهشة في 2011 أولوية الدولة التي خصصت حصة إضافية (50 ألف وحدة) للذين تقل أعمارهم عن 35 سنة وعجلت إعادة إسكان آلاف العائلات التي كانت تقطن بالبيوت القصديرية، وبالإضافة إلى 40 بالمائة التي تم تخصيصها لهذه الفئة في كل برامج السكن العمومي التساهمي بموجب المرسوم الذي دخل حيز التنفيذ منذ 2008 تم تخصيص «حصة الأسد» لفئة الشباب، وتندرج هذه الحصة الإضافية لفائدة الشباب التي تم الإعلان عنها خلال مجلس الوزراء في 22 فيفري الماضي في إطار البرنامج الخماسي 2010-2014 بهدف إنجاز 2.450 مليون وحدة سكنية منها 550 ألف سكن ترقوي مدعم، وحسب توقعات وزارة السكن و العمران سيتم استلام 1.4 مليون وحدة سكنية من هذا البرنامج في آفاق 2014. وسجلت سنة 2011 عشرات عمليات إعادة الإسكان عبر البلد وخصت آلاف الشاغلين لبيوت هشة على مدخل المدن الكبرى أو بداخلها، وتمكن العديد من المقيمين بالبيوت القصديرية الذين كانوا يحتلون منذ عدة سنوات فضاءات عمومية في ظروف مزرية من الاستفادة مجانا من سكنات لائقة وأحيانا «من الطراز الراقي»، وخصت عمليات إعادة الإسكان التي نظمت بشكل منتظم خلال هذه السنة عائلات كانت تشغل عمارات مهددة بالسقوط أو شقق ضيقة بأحياء قديمة. و استلمت الجزائر إحدى البلدان النادرة في العالم التي تقوم بإعادة إسكان المواطنين بمصاريف الدولة أزيد من 2600 ألف وحدة سكنية بين جانفي 2010 وجوان 2011 أي 21 بالمائة من البرنامج الخماسي الذي يخصص لقطاع السكن لوحده 1/5 ميزانيته الإجمالية المقدرة ب 286 مليار دولار. 2011..قفزة نوعية في العلاقات الجزائريةالأمريكية تميزت العلاقات بين الجزائروالولاياتالمتحدةالأمريكية خلال السنة الجارية بتحقيق تقدم نوعي يشهد على توازن الروابط المتميزة التي تجمع البلدين، وتجسدت ديناميكية هذا التقارب في العلاقات الثنائية التي تعرف تزايدا مستمرا في الزيارات التي أصبحت منتظمة من قبل المسؤولين الأمريكيين إلى الجزائر، وأكد سفير الجزائر بواشنطن «عبد الله بعلي» أن «العلاقات تعرف متانة وقوة أكثر على الصعيد الثنائي بالنسبة للمسائل السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية وتوسعت لتشمل التشاور بشأن القضايا الإقليمية والدولية»، وخلال استقبالها لوزير الشؤون الخارجية «مراد مدلسي» مؤخرا بالعاصمة الفدرالية أشارت كاتبة الدولة الأمريكية «هيلاري كلينتون» إلى هذه القفزة في العلاقات حيث صرحت بأن زيارة رئيس الدبلوماسية الجزائرية تندرج في إطار «العلاقة الجد هامة التي تجمع الولاياتالمتحدة مع الجزائر»، وأكدت بالمناسبة «امتنان أكبر قوة في العالم للجزائر»، وقالت في هذا الصدد أن «الولاياتالمتحدة تعبر عن عرفانها للتعاون الممتاز مع الجزائر في مجال مكافحة الإرهاب».