قرّرت الحكومة التشديد من إجراءات تحويل المرضى إلى الخارج خلال المرحلة المقبلة على أن يقتصر الأمر بشكل استثنائي على «الحالات المستعصية» التي يصعب علاجها محليا، وهو ما أكده وزير الصحة «جمال ولد عباس» الذي أعلن في المقابل أن التدابير التي أقرّتها السلطات العمومية تكفل «القضاء نهائيا» على أزمة ندرة الأدوية. نفى وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات أن تكون مصالحه قد تخلّت عن إنشاء الوكالة الوطنية للدواء بموجب مرسوم رئاسي صادر في 2008 دون أن تجد طريقها إلى التجسيد رغم مرور قرابة الأربعة أعوام، مؤكدا أن استحداث لجنة استشارية تضمّ ستة قطاعات وزارية للتكفّل بمعالجة أزمة الدواء «لا يعني أننا استغنينا عن الوكالة الوطنية للدواء لأن اللجنة المذكورة جاءت في ظرف استعجالي بسبب المشاكل التي عرفها سوق الدواء في المرحلة الأخيرة». وذكّر «جمال ولد عباس» في تصريحات له أمس الأول على هامش جلسة الأسئلة الشفوية بالمجلس الشعبي الوطني ب «الكثير من التجاوزات» التي سجّلها منذ تعيينه على رأس هذا القطاع خاصة ما تعلّق منها بارتفاع فاتورة استيراد الدواء من إلى 2.5 مليار دولار في عام واحد بعدما استقرّت على مدار عشرة أعوام عند 450 مليون دولار، وهنا أعاد الإعلان بأن التضخيم الحاصل في 2011 بلغ 94 مليون دولار في 38 نوعا من الأدوية فقط. وأورد أن التقديرات الخاصة بالعام الحالي تشير إلى إمكانية تضخيم في فواتير الاستيراد لا تقّل عن 153 مليون دولار، وعلى هذا الأساس تحدّث عن تشديد الإجراءات المتبعة ضدّ المستوردين من خلال إلزامهم بتقديم قائمة الأدوية التي سيستوردونها خلال عام كامل، مثلما رفض بالمناسبة الكشف عن أسماء المستوردين الذين ثبت ارتكابهم تجاوزات بحجة «إنني لست جهاز العدالة». ورغم هذا التحفّظ فإن الوزير اعترف ب «تحويل ملفات مستوردي الأدوية الذين ضخموا الفاتورة إلى المصالح المعنية ويتعلق الأمر أساسا بوزارتي المالية والتجارة ومصالح الجمارك، وذهب أبعد من ذلك لدى تأكيده أنه «مسؤول عن القطاع ولن أتراجع في القرارات» التي تم اتخاذها في مجال معاقبة المستوردين الذين ضخموا فاتورة الاستيراد. وعلى صعيد آخر صرّح «ولد عباس» أن لجنة تحويل المرضى للعلاج بالخارج ستجتمع الأسبوع القادم، مضيفا أنه سيلفت انتباه أعضاء هذه اللجنة إلى ضرورة اقتصار التحويلات إلى الخارج على «الحالات المستعصية» دون غيرها، مبرّرا هذا التوجّه ب «توفر الكفاءات والإمكانيات التي وضعتها الدولة للتكفل بصحة المواطنين وكذا تجهيز المستشفيات للسماح لهذه الكفاءات الوطنية بممارسة عملها في ظروف لائقة»، والتزم بأن وزارة الصحة «ساهرة على تحسين الخدمات الصحية لفائدة المواطنين». وسأل الصحفيون وزير الصحة عن أزمة في التبرّع بالدم التي تعرفها بعض الولايات، فكان ردّه أنه عقد اجتماعا الأربعاء الماضي مع مدراء الصحة للحديث عن هذه الإشكالية وعديد المواضيع الأخرى التي تشغل القطاع، ولم يتوان على هذا المستوى في الإشارة إلى أن الإشكالية تكمن في «عدم التنسيق بين الولايات في هذا المجال» وعلى إثر ذلك «فإنني قدّمت توجيهات في إطار تجسيد المخطّط الوطني للتبرّع بالدم بشكل يسمح بتنسيق أكثر» خاصة لدى إعلانه أن العاصمة عرفت خلال 2011 أكثر من 37 ألف متبرّع على عكس ولايات أخرى. وكان «جمال ولد عباس» قد أوضح في إجابته على سؤال شفوي أن معدل وفيات الأطفال في الجزائر سجل انخفاضا محسوسا خلال السنوات الأخيرة حيث انتقل من 29 إلى 22 وفاة لكل 1000 ولادة. وفيما يتعلق بصحة الأمهات الحوامل أكد أن معدل الوفيات لدى هذه الفئة من المجتمع بلغ 40 وفاة لكل 100 ألف ولادة، دون أن يغفل التنويه بأن بعض مناطق الجنوب والهضاب العليا لا تزال تسجل ارتفاعا في هذه الوفيات.