لم يجد وزير الصحة والسكان، جمال ولد عباس، ما يقدمه للرد على الأسئلة المتصلة بالنقص والكوارث المسجلة في قطاعه، سوى “اجترار” أرقام لا تنطبق على الواقع المر للقطاع، بسبب عدم حصول بعض المواطنين على الرعاية الصحية اللائقة. ولد عباس الذي نزل أول أمس الخميس إلى البرلمان للرد على أسئلة النواب، لجأ كعادته إلى تقديم صورة وردية عن قطاعه، بالتركيز على الإنجازات والبرامج التي سطرتها الوزارة، غير مكترث بالتناقض الصارخ بين ما يقوله وبين ما هو واقع. ولم يعجز ولد عباس، كعادته، عن إيجاد ما يرد به على أسئلة النواب، فيما يخص غياب التغطية الصحية بالجنوب، بالتأكيد على أن بعض المناطق التي لا تتجاوز نسبة الأسرة بها 41 بالمائة، لا يمكنها الاستفادة من مشاريع صحية، ليقدم بعدها مشروع فتح مركز مكافحة السرطان بالجلفة خلال الثلاثي الأول من سنة 2012. وحتى يقدم أدلة على أن قطاعه يوفر الرعاية الصحية اللازمة، استشهد الوزير بمعدل وفيات الأطفال الذي سجل حسبه انخفاضا محسوسا خلال السنوات الأخيرة، حيث انتقل من 29 إلى 22 وفاة بين 1000 ولادة، غير أنه لم يدرج في الحسبان الوفيات اليومية لمرضى السرطان والندرة الكبيرة في الأدوية الخاصة بهم. وفيما يتعلق بصحة الأمهات الحوامل، أكد الوزير أن معدل الوفيات لدى هذه الفئة من المجتمع بلغ 40 وفاة لكل 100 ألف ولادة، معترفا بأن بعض مناطق الجنوب والهضاب العليا لازالت تسجل ارتفاعا في عدد هذه الوفيات. وتجدر الإشارة هنا إلى أنه توجد بالولايات الجنوبية مقابر خاصة، مثلما هو الحال لولاية إليزي التي تحوي نسبا هائلة من الوفيات الحوامل وهن في طريقهن إلى المصحات التي تبعد بعدة كيلومترات عن سكناتهم وكثيرا ما يلفظن أنفاسهن الأخيرة من شدة الحر أو البرد وطول المسافة. لم يهضم ولد عباس الملاحظات والاستفسارات التي وجهت له من طرف النواب عن قطاعه، وبخصوص الأدوية أكد أنه تم القضاء نهائيا على مشكل الندرة، وتبذير الأموال العمومية في تضخيم فواتير استيراد الأدوية خلال سنة 2011 وفي تقديرات سنة 2012. وكشف الوزير أنه تم تحويل ملفات مستوردي الأدوية الذين ضخموا الفاتورة إلى المصالح المخولة. وتعمد الوزير كعادته البقاء إلى غاية انتهاء الجلسة، لكن الصحفيين أصروا على طرح أسئلتهم على هامش جلسة المجلس الشعبي الوطني، على الرغم من الطوق الذي تتعمد “المكلفة بالإعلام بوزارته” فرضه عليهم. وأكد في رده على أسئلة الصحافة، أن الوزارة حددت عدد مستوردي الأدوية الذين ضخموا فاتورة الاستيراد وتم تحويل ملفاتهم إلى الهيئات المعنية على غرار وزارتي المالية والتجارة ومصالح الجمارك. وأضاف أنه لن يتراجع في القرارات، التي تم اتخاذها في مجال معاقبة المستوردين الذين ضخموا فاتورة الاستيراد. وذكر الوزير بأنه تم تسجيل تضخيما في فاتورة الاستيراد لسنة 2011 بلغ 94 مليون دولار أمريكي ل38 نوعا من الأدوية و153 مليون دولار أمريكي، حسب تقديرات الاستيراد لسنة 2012، دون أن يحدد أنواع الأدوية التي شملها التضخيم لهذه السنة.