تعهّد رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، بالكشف عن كامل «خيوط» وملابسات ما أصبح يُعرف ب «سوناطراك 2»، مشدّدا على أنه لا يمكن أن يمرّ على ما تداولته وسائل الإعلام عن تورط شخصيات مسؤولة في الدولة في القضية «مرور الكرام»، وأعلن القاضي الأوّل في البلاد أنه يضع كامل ثقته في العدالة الجزائرية، متوعدا بإنزال أقصى العقوبات على المتورّطين في هذه الفضيحة. تحدّث رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، عن الفضيحة التي هزّت قبل أيام مجمع «سوناطراك» على خلفية ما تداولته وسائل إعلام إيطالية عن تورّط مسؤولين جزائريين مقرّبين من وزير الطاقة الأسبق، شكيب خليل، في تلقي رشاوى وعمولات تجاوزت 250 مليون أورو مقابل منح مشاريع لشركة إيطالية «سايبام» بقيمة 11 مليار دولار. وكان بوتفليقة صارما في إثارته لهذا الموضوع عندما أطلق إشارات قوية بأن العدالة لن تتهاون في التعامل مع هذا الملف. كلام رئيس الدولة في الرسالة التي بعث لها أمس إلى الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين، عبد المجيد سيدي السعيد، بمناسبة الذكرى المزدوجة لتأسيس «المركزية النقابية» وتأميم المحروقات، كان واضحا وصريحا عندما أبدى ثقته الكاملة في العدالة الجزائرية ل «فكّ خيوط وملابسات» القضية، وقد حرص بالمناسبة على التنديد بالتجاوزات التي حصلت بقوله: «هذه أمور تثير سخطنا واستنكارنا». وجاء في رسالة عبد العزيز بوتفليقة جانب مهمّ يشير إلى أن الدولة لن تتساهل مع هذه الفضيحة «في هذا المقام لا يجوز لي أن أمرّ مرور الكرام على ما تناولته الصحافة مؤخرا من أمور ذات صلة بتسيير شركة سوناطراك» على حدّ تعبير القاضي الأوّل في البلاد الذي استطرد مطمئنا الجزائريين: «لكنني على ثقة من أن عدالة بلادنا ستفك خيوط هذه الملابسات وتحدّد المسؤوليات وتحكم حكمها الصارم الحازم بالعقوبات المنصوص عليها في قوانيننا». ما قدّمه الرئيس بوتفليقة حول فضيحة «سوناطراك 2» يأتي لتعزيز تصريحات سابقة أدلى بها وزير الطاقة والمناجم، يوسف يوسفي، الذي التزم من جانبه ب «معاقبة» المتورّطين فيها بعد «تلقي تعليمات صارمة من السلطات العليا للبلاد»، موضحا أن «العدالة تقوم بالتحقيق.. وسنتخذ الإجراءات الضرورية عندما تنتهي العدالة من عملها والتحقق من ملابسات هذه القضايا»، واسترسل يقول: «سنحارب الفساد بكل عزم وسنكون صارمين في هذا المجال». لكن الأمر يختلف عندما يتحدّث المسؤول الأوّل في البلاد ما يعني أن العدالة ستأخذ مجراها وقانون محاربة الفساد سيفرض نفسه في حال ثبتت الاتهامات على المسؤولين في هذه الشركة الإستراتيجية، كما تترك خرجة الرئيس بوتفليقة الانطباع بأن هناك تعليمات صارمة صدرت فعلا للتعامل بكل حزم مع هذا الملف الذي أساء كثيرا إلى «سوناطراك» وإلى الجزائر. وكانت النيابة العامة لدى مجلس قضاء العاصمة قررت فتح تحقيق قضائي في مزاعم تلقي مسؤولين في «سوناطراك» رشاوى من شركة «سايبام» الايطالية التابعة لشركة «إيني»، بنحو 256 مليون أورو مقابل حصولها على عقود نفطية. وقد أثارت القضية الصحافة الايطالية بعد فتح تحقيق قضائي، وأشارت إلى تورط محتمل لوزير الطاقة السابق شكيب خليل. وتعدّ هذه الفضيحة الثانية من نوعها في ظرف عامين بعد فضيحة فساد مالي تورط فيها مسؤولون كبار في الشركة وعلى رأسهم الرئيس التنفيذي السابق محمد مزيان الذي يقبع حاليا في السجن. ومما تسرّب من المحققين لدى الادعاء العام في محكمة ميلانو شمال إيطاليا، وأوردته صحف محلية، فإن هذه المبالغ العائدة إلى إيطاليا تمّ الاتفاق بشأنها بين مسؤولين في «سايبام» هما «أليساندرو فيرنيني»، المدير المالي السابق ل «إيني»، «وبييترو فاروني»، مدير الهندسة في «سايبام»، والوسيط الجزائري، وهذا خلال اجتماع في فندق «بولغاور» بمدينة ميلانو شمال إيطاليا، وتمّ تسلمها على 7 دفعات متتالية.