دعا وزير الاتصال، محمد السعيد، أسرة الإعلام في الجزائر إلى تنظيم نفسها إذا ما أرادت تغيير واقع القطاع، وحمّل بشكل غير مباشر أصحاب المهنة مسؤولية الفوضى التي يعيشها القطاع منذ سنوات، ومن بين الملاحظات التي سجّلها أن بعض العناوين الإعلامية لا تحترم معايير المهنية وأخلاقيات المهنية، ما دفعه إلى التأكيد على ضرورة الابتعاد عن «الإثارة والتهريج». رفض وزير الاتصال، محمد السعيد، تقديم تاريخ محدّد لإطلاق الهيئات التي أقرّها قانون الإعلام الصادر في الجريدة الرسمية منذ جانفي 2012، تاركا الأمر إلى الصحفيين أنفسهم لاسيما ما تعلّق بتشكيلة سلطة الضبط، حيث أكد خلال حفل أقيم أمس بقصر الثقافة «مفيد زكرياء» بمناسبة اليوم العالمي لحرية التعبير بأن «هذا الأمر متوقف كليا على مدى تنظيم أصحاب المهنة لأنفسهم»، ولم يتوان في هذا الصدد في مخاطبة الصحافيين: «نظموا أنفسكم شكلوا نقابة تمثيلية واختاروا ممثليكم وكل شيء سيسير على ما يرام». وأشار الوزير إلى أن انتخاب أعضاء سلطة الضبط للصحافة المكتوبة سيتمّ «بمجرد أن ينظم أفراد أسرة الصحافة صفوفهم». ومعلوم أن قانون الإعلام المعدّل بموجب الإصلاحات التي أقرّها رئيس الجمهورية منذ أزيد من عامين حدّد طريقة اختيار أعضاء هذه الهيئة، جزء منهم يعيّنهم رئيس الجمهورية وآخر من رئيسي المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة، وّأعضاء آخرون يُعيّنهم رئيس المجلس الدستوري، في حين يبقى تمثيل الصحفيين متوقفا على اتفاق أهل المهنة، وقد سعت الوصاية إلى إقناع صحفيي القطاع العمومي من أجل تأكيد حضورهم في هذه الهيئة. وفي تصريحات نقلتها أمس وكالة الأنباء الجزائرية عن الوزير محمد السعيد شدّد الأخيرة على ضرورة أن يبادر الصحافيون الجزائريون إلى تنظيم أنفسهم «ضمن هياكل وأطر قانونية تسمح لهم بالمساهمة في ورشات العمل المفتوحة بإعادة تنظيم قطاع الاتصال»، مثلما أبرز أهمية «المضي بالقطاع في تكريس ثوابت الأمة والمساهمة بكل فعالية وبروح مسؤولة في كل المسائل التي تستدعي النقاش والإثراء». وأورد المتحدّث أنه «لا سبيل إلى ذلك إلا بترقية روح المواطنة ونشر ثقافة الصالح العام وتعزيز الممارسة الديمقراطية والتصدي لكل الآفات والأمراض الاجتماعية بالنقد البناء»، موضحا أن الارتقاء بحرية الصحافة إلى مصاف المستويات التي بلغتها في أعرق الديمقراطيات «يبقى مرهونا بمدى تطور ذهنيات المتعاملين مع قطاع الاتصال ودرجة استعدادهم للتكيف مع المستجدات»، وذكر المسؤول الأوّل على القطاع في ذات المناسبة بأن «النصوص التطبيقية الخاصة بقانون الإعلام توجد قيد التحضير». كما أبرز وزير الاتصال أهمية «التمسّك المستمر بتكوين الصحافيين وحسن استغلال المعلومة بكل مسؤولية وفقا للمعايير الأخلاقية والمهنية التي تتعارض مع الإثارة والتهريج»، وقد صدر هذا الكلام من رجل مارس مهنة الإعلام لسنوات وفي كلامه إشارة إلى تدني مستوى بعض العناوين الصحفية في الجزائر، ولذلك ألحّ في كلمته على مسألة بالغة الأهمية تتمثل في ضرورة «إدراك الصحافيين للتحديات المحدقة بهم وسعيهم لمواكبة تطلعات شعبهم في بناء منظومة إعلامية متجانسة ومتكاملة تكون بمثابة المرآة العاكسة لواقعه واللسان المعبر عن طموحاته»، لكن هذه الملاحظات لا يمكن أن تنفي مسؤولية السلطات العمومية في اتخاذ التدابير التي من شانها إعادة ترتيب بيت قطاع الإعلام في الجزائر.