افتتح عبد القادر بن صالح الدورة الطارئة للمجلس الوطني للأرندي التي جرت تحت حراسة مشددة لعناصر مكافحة الشغب والأمن الرئاسي وعناصر الدرك الوطني الذين ضربوا طوقا أمنيا على تعاضدية عمال البناء بكلمة مطولة خاض من خلالها في القضايا النظامية للحزب وما مرّ به من محطات منذ نشأته سنة 1997 وتوقف مطولا عند الأزمة الأخيرة التي هزّت الحزب وكانت وراء استقالة الأمين العام الأسبق أحمد أويحيى، كما استغلّ بن صالح الفرصة لتمرير جملة من الرسائل السياسية المباشرة والضمنية لأحزاب التي سعت للاستثمار السياسي في مرض الرئيس أو تلك التي ما تزال تحلم بربيع عربي في طبعة جزائرية يوصلها إلى سدة الحكم. في الشأن السياسي اختار الأمين العام بالنيابة للأرندي أن يوجه سهامه أولا اتجاه من وصفهم "تجار الفتنة وباعة الوهم" الذين استغلوا مرض رئيس الجمهورية للخروج من جحورهم، وقال إن أنانيتهم وحب الذات قادهم للاستثمار في مرض رئيس الجمهورية وسعوا من خلال مواقفهم إيهام الرأي العام بوقوع كارثة في البلاد وقيام معضلة يستحيل حلها، وذهب المتحدث بعيدا في انتقادهم حين قال "إنهم لم يحتكموا لا إلى العقل، ولا إلى الأخلاق، ولا إلى السياسة". سهام بن صالح وانتقاداته لم تتوقف عند دعاة تفعيل المادة 88 من الدستور لإعلان شغور منصب رئيس الجمهورية وإنما طالت أيضا شريك الأرندي السابق في التحالف الرئاسي: حركة مجتمع السلم دون ذكرها بالإسم واصفا مواقفها الأخيرة بالغرابة واتهمها بالسعي لشراء عذرية جديدة قائلا:" ولعل من أغرب ما نراه في الساحة السياسية خروج بعض من كانوا إلى وقت قريب شركاء في المسؤولية الوطنية على المستويين السياسي والأخلاقي وهم الآن يحاولون فرديًا وجماعيًا شراء عذرية جديدة للظهور أمام الرأي العام الوطني… معتقدين خطأ أن الشعب سيصدقهم"، بيد أن الشعب الجزائري ومثلما يذهب إليه بن صالح أثبت أنه أكثر وعيًا ومعرفة بحقيقة الأمور، وهو يعرف عندما تحين المواعيد كيف يميز وكيف يختار على حدّ تعبير المتحدث. وفي سياق موصول بمواقف الحزب في الساحة السياسية، دافع بن صالح عن خيارات الأرندي وقناعاته التي وصفها بالواقعية لأنها كانت في صف المصالحة الوطنية والرئيس عبد العزيز بوتفليقة من خلال مساندته ومساندة برامجه المتعاقبة كونها تصب في مصلحة الوطن وأن نتائج النهج الذي سار عليه الرئيس بوتفليقة والذي تكلّل باستعادة البلاد أمنها واستقرارها وبعث اقتصادها، جعلت الأرندي يقف في كلّ مرة إلى جانب رئيس الجمهورية وأنه مستعد للوقوف إلى جانبه مجددا ومساندته في إشارة من بن صالح إلى دعم الأرندي للرئيس بوتفليقة في حال ترشحه مجددا لرئاسة الجمهورية في رئاسيات أفريل المقبل. كما لم يفوت الأمين العام للأرندي بالنيابة الفرصة دون الرد على المراهنين على ما يسمىّ "الربيع العربي" للوصول إلى سدة الحكم مثلما حدث في دول الجوار قائلا" إن الربيع الحقيقي هو ربيع الثورة الجزائرية التي كانت بالأساس مشروعا تحرريا«" أما المزايدة بالربيع وبالمواسم الأخرى مثلما يذهب إليه المتحدث فهي خيارات فَصَل فيها الشعب الجزائري بحرية وبكل مسؤولية ومنذ زمن بعيد معتبرا الإصلاحات التي ينتهجها رئيس الجمهورية، هي الأداة المنطقية التي يتم بها التغيير الحقيقي الرامي إلى تحسين أداء المجتمع السياسي الجزائري، وتعميق تجربته الديمقراطية. إلى هذا وفي سياق حديثه عن الشأن السياسي، عاد الأمين العام للارندي إلى الاعتداء الإرهابي الذي ضرب قاعدة الحياة بتيقنتورين جانفي الفارط، وقال "إن الحادث جاء ليذكرنا بأن الجزائر ككل البلدان ليست بمنأى عن العمليات الإرهابية المفاجأة"، مبرزا أنه لمواجهة مثل هذه الظاهرة الإرهابية يتوجب علينا في نطاق سياستنا في مجال محاربة الإرهاب التحلي بالواقعية وأن نبقى يقظين لأن المفاجآت غير المريحة أمرًا ممكن الوقوع… وليس هناك بلد في العالم يستطيع القول بأنه غير معرض للمفاجآت الإرهابية، مشدّدا على أن الجزائر عازمة على الدفاع عن حدودها في مواجهة المخاطر الأمنية في الجوار القريب خاصة بعد تدهور الأوضاع في منطقة الساحل. وفي السياق الجهوي دافع بن صالح عن مواقف الجزائر التي تبنت منهج الحكمة في التعاطي والتفاعل مع هذه المستجدات، وقد طالبت، بثبات، بتوخي الحل السياسي عن طريق الحوار الشامل بين جميع الفرقاء ودون التدخل الأجنبي، وذلك اقتناعا منها بأن مصير وقدر بلد ما موجود بين أيدي شعبه سواء تعلق الأمر بمالي أو بسوريا، منتقدا في المقابل بعض الأصوات المعارضة وقال إنها معتادة على المزايدات السياسية والصيد حيث لا يجب لأنها رأت في هذه في الخيارات السياسية للجزائر ضعفًا في الأداء السياسي ولكن تطور الأحداث وتعاقبها بينت وبشهادة الجميع حكمة وتبصر النهج الذي اتبعته الجزائر والذي اتسم دائمًا بالاعتدال والحذر.