أعلن مدير مهرجان تطوان السينمائي أحمد حسني عن حضور متميز للسينما السورية والسينما الإسبانية في الدورة الحالية من المهرجان، الذي يقام في الفترة من 28 مارس الجاري إلى غاية 4 أبريل المقبل. مهرجان تطوان هو أول مهرجان سينمائي في المغرب، انطلقت دورته الأولى منذ ثلاثين عاما، كما يبقى ثالث أكبر مهرجان متوسطي، بعد مهرجان مونبيلييه الفرنسي ومهرجان الإسكندرية.
وهو من المهرجانات الأكثر تنوعا على ضفاف المتوسط، ما بين عروض سينمائية ولقاءات وندوات وتكريمات وورشات سينمائية ومسابقات متعددة واحتفاليات متجددة، على مدى أسبوع سينمائي كامل، بحضور 100 من السينمائيين العرب والمتوسطيين، الذين يحلون ضيوفا على مهرجان تطوان. وأكد أحمد حسني مدير مهرجان تطوان السينمائي في لقاء مع "العرب" على حضور متميز واستثنائي، وعناية خاصة بكل من السينما السورية والسينما الأسبانية في الدورة الحالية من المهرجان. وأعلن حسني أن "سوريا توجد في قلب المشهد الدرامي للواقع العربي الدامي، في الفترة الحالية". من هنا، يقول أحمد حسني "ستكون سوريا حاضرة في المهرجان بقوة، وتحديدا في مسابقة الأفلام الوثائقية، التي سجلت بالصوت والموت، ونبض الحياة والصورة كل ما يعتمل في بلاد الشام من آلام، وقد لخصت هذه الأعمال الوثائقية الحية مصيرا عربيا وجماعيا قاسيا". وأكد مدير المهرجان أن "كاميرا الكثير من المخرجين في سوريا، وفي مختلف أرجاء الوطن العربي، قد شاركت في الثورات، وفي ربيع الحريات، حين خرجت إلى الميادين والشوارع، في السنوات الأخيرة، لتنقل لنا أحلام المجتمعات العربية بالتحرر، ولكي ترصد المفارقة التراجيدية المتمثلة في مواجهة الموت من أجل الحياة". أما عن الحضور الإسباني الاستثنائي في هذه الدورة، فيشدد مدير المهرجان على أن "الجارة الشمالية للمغرب ستكون حاضرة في مختلف برامج وفقرات المهرجان"، مسابقة الأفلام الطويلة، والأفلام القصيرة وكذلك الأفلام الوثائقية، وفي ندوات المهرجان وموائده المستديرة، وفي ورشاته المفتوحة ويومه الدراسي السنوي، وفي لجان التحكيم، وفي ما يتعلق بتكريم أعلام السينما الإسبانية أيضا. ويأتي حضور إسبانيا "المكثف والبارز" حسب تعبير حسني، بمثابة "ثمرة تعاون مع حكومة الأندلس المستقلة ومهرجان مدينة مالقة السينمائي، في جنوب إسبانيا ومهرجان تطوان. حيث من المنتظر أن يتوّج هذا التعاون السينمائي بالتوقيع على اتفاقية شراكة بين مهرجان تطوان ومهرجان مالقة، في اتجاه تطوير التعاون والتنسيق المشترك بين المهرجانين اللذين يطلان على حوض البحر الأبيض المتوسط".
افتتاح أسباني
يفتتح الفيلم الأسباني "الجزيرة الدنيا" لمخرجه ألبيرتو رودريغيث فعاليات الدورة 21 من مهرجان تطوان السينمائي. ويتابع الفيلم وقائع رحلة من أجل فك ألغاز جريمة، في منطقة غير مأهولة، حيث يقوم شخصان بتحريات من أجل الوصول إلى حقيقة جثة تمّ إخفاؤها بين المستنقعات. والفيلم هو عمل سينمائي ذو خلفية سياسية، يعود بنا إلى بداية الثمانينات من القرن الماضي، عندما كانت أسبانيا تعيش مخاض الانتقال الديمقراطي، وهي تريد أن تتصالح مع نفسها، بعد رحيل الجنرال فرانكو. وتجري وقائع الفيلم في العاصمة الأندلسية إشبيلية، كما يستعين الفيلم بفريق عمل أندلسي، ليعانق الأفق الأسباني في فترة الثمانينات، يوم كانت البلاد تنشد الحرية وتتطلع إلى المستقبل المغري بالأحلام، وتحاول أن تقطع مع الماضي المفعم بالقسوة والآلام. وتجدر الإشارة إلى أن الفيلم الأسباني "الجزيرة الدنيا" قد حصد أغلب جوائز مهرجان غويا الأسباني، لهذه السنة، عندما توّج بعشر جوائز من أصل 17 جائزة، أولاها جائزة أحسن فيلم، وجائزة أحسن ممثل لبطل الفيلم خافيير غوتيريث، الذي سيحل ضيفا على مهرجان تطوان، مثلما حظي الفيلم بجائزة أحسن سيناريو، وجائزة أحسن ممثلة واعدة كانت من نصيب الممثلة الشابة نيريا بارغوس.
اختتام جزائري
في المقابل، يختتم الفيلم الجزائري "الوهراني" لمخرجه إلياس سالم فعاليات مهرجان تطوان السينمائي الدولي، وهو الفيلم الذي شارك في الدورة الأخيرة من مهرجان كان السينمائي، وتوّج بجائزة لجنة التحكيم في مهرجان السينما المتوسطية في بروكسل، مثلما توّج مخرجه إلياس سالم بجائزة أفضل مخرج عربي، خلال الدورة الأخيرة من مهرجان أبوظبي السينمائي، وبجائزة أحسن ممثل، هذه المرة، في مهرجان الفيلم الفرونكوفوني لأنغوليم بفرنسا. ويسائل الفيلم الجزائري المثير للجدل مصير الثورة الجزائرية وما آلت إليه، وهو فيلم تاريخي، يمتد على مدى ثلاثين عاما، حيث يلتقي حميد بصديقيه جعفر وفريد، وقد شارك الثلاثة من قبل في معركة التحرير الجزائرية. وبينما حافظ فريد على قيم الثورة، وظل حريصا على مواقفه وقيمه الفريدة، يتورط حميد، وقد تحوّل إلى رجل أعمال، في مسلسل من المصالح الخاصة، وهو يطلب من جعفر "الوهراني"، من موقع مسؤوليته الجديدة، تمكينه من الامتيازات غير المشروعة، عبر استغلال النفوذ. هذا، ويعود الفيلم إلى مرحلة حرب التحرير، ليقدّم لنا الحياة اليومية، والخاصة والحميمية، لرجالات التحرير في الجزائر، وهو ما جعل البعض يفرض وصاية أخلاقية على الفيلم، ويتهمه بالإساءة إلى شهداء الثورة الجزائرية. وما بين التحفة السينمائية الأسبانية "الجزيرة الدنيا" للمخرج ألبيرتو رودريغيث، ورائعة الجزائري إلياس سالم، أعلن بلاغ صادر عن إدارة مهرجان تطوان عن عرض نحو 70 فيلما في هذه الدورة، من أصل 345 فيلما وصلت إلى لجان الاختيار، وسيتمّ عرض أفلام الدورة في سينما إسبانيول وسينما أبيندا وقاعة المعهد الفرنسي. ويتعلق الأمر هنا ب12 فيلما في المسابقة الرسمية للفيلم الطويل، و12 فيلما في مسابقة الفيلم القصير، و15 فيلما وثائقيا، و12 فيلما في فقرة التكريمات، و6 أفلام في فقرة استعادة، و7 أفلام في فقرة "عروض أولى"، والتي تقدم أفلاما تعرض لأول مرة في المغرب، وفي أعرق مهرجان سينمائي مغربي.