لم يتردد "عبد الله جاب الله" في التعبير عن استعداده للترشح للانتخابات الرئاسية لو أُعيدت له حركة الإصلاح الوطني، هذا ما قاله في حوار صحافي نُشر أمس، وهذا الكلام يَنقُض كل المبرِّرات الأخرى لقرار مقاطعة الانتخابات. المسألة تبدو ببساطة متعلقة بالزعامة، فجاب الله لا يمانع أن تُقدِم السلطة على تنصيبه زعيما على حركة الإصلاح حتى وإن كان ذلك يعني تجاوز أحكام قضائية، وهو لا يُمانع أيضا أن يدفع الثمن وهو الترشح للانتخابات الرئاسية، وهذا رغم أن "جاب الله" يُقدِّم نفسه على أنه رجل قانون ومدافع شرس عن الدستور ودولة الحق. الزعامة أهم من القانون والحق، ورئاسة حركة الإصلاح الوطني هي الهدف الأسمى في نظر "جاب الله" ولا ضير في بلوغ هذا الهدف بمقايضة سياسية تتم تحت الطاولة أو في الظلام، وعندما ترفض السلطة هذه الصفقة يأتي "جاب الله" ليقول إن الانتخابات الرئاسية ستشهد لأول مرة غياب مرشح عن التيار الإسلامي، وكأنه يقول إنه الممثل الوحيد لهذا التيار في الجزائر، وأن عدم ترشحه يعني أن لا تمثيل للإسلاميين في هذه الانتخابات رغم أن أحد أكبر الأحزاب الإسلامية في الجزائر، وهو حركة مجتمع السلم، اختار أن يدعم الرئيس «بوتفليقة». أهم ما نستنتجه من كلام "جاب الله" هو أن السبب الأول للمقاطعة هو عدم رضوخ السلطة لمطالب الزعيم، والحديث عن التزوير وغلق المجال السياسي والإعلامي هو مجرد مبررات تُقدَّم للاستهلاك الإعلامي، فجاب الله لا يمكنه أن يقول للناس إنني أدعوكم لمقاطعة الانتخابات لأن وزارة الداخلية رفضت أن تعيدنا إلى رئاسة الإصلاح، ولو قال ذلك لانفض الناس من حوله وجاءت نتائج دعوته عكسية تماما، لكنه يستطيع أن يقول للناس إنني لن أشارك لأن الانتخابات مزوّرة واللعبة مغلقة، وإنصافا وجب القول أن ليس "جاب الله" وحده هو الذي يريد أن يجعل الانتخابات صفقة سياسية بل كثير من الذين يدعون إلى المقاطعة إنما يريدون الانتقام لأنهم لم يبلغوا مرادهم.