اليوم ينطلق بث قناتين تلفزيونيتين جديدتين، الأولى ناطقة بالأمازيغية والثانية هي إذاعة القرآن الكريم، وهذه خطوة مهمة على طريق الاستجابة للتحديات الإعلامية المفروضة علينا في زمن التدفق الإعلامي والتطور التكنولوجي المذهل الذي انتهى إلى دمقرطة غير مسبوقة لوسائل الإعلام وخاصة المرئية منها. قبل أعوام طرحت بعض المطالب بفتح مجال الإعلام السمعي البصري أمام القطاع الخاص، وقد فضّل الرئيس «بوتفليقة» ومن ثم الحكومة أن يأتي الانفتاح في مراحل لاحقة بعد ضبط الساحة الإعلامية ووضع آليات لتنظيمها، وكان البديل هو تحسين أداء التلفزيون الجزائري من خلال إنشاء قنوات موضوعاتية تساهم في تلبية حاجات المواطنين لإعلام متخصص، وستكون البداية اليوم بالقناة الأمازيغية وقناة القرآن الكريم. معلوم أن التلفزيون يمثل الوسيلة الإعلامية الأكثر انتشارا وتأثيرا، ومن هنا يمثّل إطلاق قناة ناطقة بالأمازيغية استجابة لحاجات فئات كثيرة من المواطنين، وفضلا عن كونه يخدم الهوية الوطنية ويساهم في تثبيت الثقافة الجزائرية الأصيلة، فإنه سينزع ورقة الأمازيغية من بعض الأطراف السياسية التي تتاجر، فقبل سنوات ظهرت قناة ناطقة بالأمازيغية تبث من فرنسا وأعطت أدلة كثيرة على أنها لا تخدم مصالح الجزائريين سواء في منطقة القبائل أو في غيرها. قناة القرآن الكريم من جهتها ستساهم في تحصين المرجعية الدينية للجزائريين، ففي عصر الفضائيات أصبحت الفتاوى والأفكار المذهبية والطائفية تجد منافذ إلى كل البيوت وهو ما شكّل خطرا على الانسجام الفكري والمذهبي الذي ظل يميز المجتمع الجزائري منذ الفتح الإسلامي، ومن هنا فإن قناة القرآن الكريم ستساعد في مواجهة الآثار السلبية التي تركتها القنوات الدينية الفضائية المتحيّزة والمسيّسة في كثير من الأحيان. إن هذه الخطوة هي جزء من إستراتيجية إعلامية تقوم على الاستجابة المتأنية والمدروسة للتطورات الحاصلة على صعيد الإعلام العالمي، وبقدر نجاح القناتين في أداء مهمتهما تزداد حصانة المجتمع الجزائري في مواجهة حرب إعلامية خطيرة.