أخرج «أبو داود» في سننه بسند صحيح عن «عبد الله بن مسعود» قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فانطلق لحاجته فرأينا حُمَّرة معها فرخان فأخذنا فرخيها، فجاءت الحمَّرة فجعلت تفرش، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال "من فجع هذه بولدها؟ ردوا ولدها إليها"، ورأى قرية نمل قد حرقناها فقال "من حرق هذه؟"، قلنا "نحن"، قال "إنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار"، فانظر كيف منع رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يروعوا طيرا في صغارها فكيف بمن روّع المسلمين، وقد منع صلى الله عليه وسلم أصحابه من حرق النمل، فكيف بمن حرّق أجساد المسلمين الغافلين الذين لا يعلمون فيم قتلوا؟ ولأي شيء أحرقوا، ولئن دخلت امرأة النار في هرّة حبستها حتى ماتت ظلماً وعدواناً، فكيف بمن قتل مسلماً ظلماً وعدواناً، وأخرج «أبو داود» في سننه عن «عبد الله بن جعفر» قال "أردفني النبي صلى الله عليه وسلم خلفه ذات يوم، قال: فدخل حائطاً لرجل من الأنصار فإذا جمل، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم حنّ وذرفت عيناه، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم فمسح ذفراه فسكت، فقال: من رب هذا الجمل؟ لمن هذا الجمل؟ فجاء فتى من الأنصار، فقال: لي يا رسول الله، فقال: أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها، فإنه شكا إليّ أنك تجيعه وتدئبه"، وهذا الدين الذي يمنع أذى الحيوان والعدوان عليه، حري به أن يعظم أذى الإنسان والعدوان عليه، بل وأعظم من ذلك أن يحرم العدوان على المسلم المصلي الذي يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.