اقتطعت الحكومة الجزائرية 5 ملايير دولار من احتياطي الصرف للخزينة العمومية البالغ 186 مليار دولار لفائدة حساب صندوق النقد الدولي، الذي فعل بنا الأعاجيب خلال فترة التسعينيات ومطلع الألفية الجديدة، وترك السخاء الحكومي ردود أفعال متفاوتة وانتقادات حادة دون أن يكون فيها للأحزاب السياسية نصيب كونها منهمكة في التحضير لقوائم الترشيحات الخاص بالانتخابات المحلية ليوم 29 نوفمبر القادم. وفي الشأن الداخلي كان رحيل الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد مثار نقاش وطني رسمي وشعبي وإعلامي حول مرحلة حكم الشاذلي أب التعددية والديمقراطية ورجل الانفتاح والإصلاحات. أما في المحيط الإقليمي لازالت قضية شمال مالي والتدخل العسكري الدولي الذي تقود مساعيه فرنسا يغطي على اهتمامات الشأن السياسي الخارجي لبلادنا وما يرافقه من هواجس أمنية، وبين سندات صندوق النقد الدولي التي اشترتها الجزائر من بنك يعلن إفلاس سياسته النقدية في العالم وأزمة شمالي مالي تبدو تذكرة مباراة ليبيا. لم تتردد الحكومة في منح صندوق النقد الدولي مبلغا ما كانت تتحصل عليه من هذه الهيئة الدولية إلا بتنازلات تمس بسيادة القرار السياسي، وقد طار وزير المالية عبد الكريم جودي إلى اليابان، حيث أهدى الصندوق هدية العمر، وسط ذلك لم تصدر من الأحزاب السياسية الكثير من ردود الأفعال التي تبدو متأخرة ربما إلى غاية جس نبض صحافة الرأي عندنا. داخليا دائما ترك رحيل الشاذلي بن جديد حزنا وأسفا شعبيا كبيرا على الرجل الذي ظلمه الجميع برغم أنه كان ودودا ومتسامحا، الشاذلي بن جديد لم يكن متآمرا ولا صاحب انقلابات سياسية، بل بالعكس فقد تسامح مع الجميع لصالح الجميع ورمى بالمنشفة عندما رأى أن الظروف أقوى من بقاء يراد له فيه أن يكون مسيّرا منفّذا لأوامر من أراد الانقلاب على الديمقراطية والتعددية في الجزائر. رحل الشاذلي بن جديد وسط حضور قوي لتاريخه ومرحلة حكمه التي اعترف الجميع بإيجابيتها رغم كل الظنون. يأتي ذلك وسط ارتفاع فاحش لأسعار المواد الاستهلاكية والخضر واللحوم بكافة أنوعها، وهي ظاهرة لم تتحكم بعد الحكومة فيها مما يشير إلى أن أزمة في الأفق قد تظهر في الشارع الذي يعمل وزير الداخلية والجماعات المحلية دحو ولد قابلية على تجفيف مصادر الفوضى والعنف في أروقته خلال آخر اجتماع جمعه مع ولاة الغرب الجزائري. وفي المحيط الإقليمي لازالت حالة الفوضى تطبع الوضع الأمني في شمال مالي وما له من تداعيات على أمن حدودنا الجنوبية المرشحة للمزيد من التفاعلات على ضوء الضغوط الفرنسية التي تصب نحو تدخّل عسكري قوي في المنطقة التي اجتاحتها قوافل التنظيمات المتطرفة والإرهابية. الموقف الجزائري بدأ يتقاطع تدريجيا مع المواقف الفرنسية فقد أعلنت الخارجية أن بلادنا متمسكة دوما بمحاربة الإرهاب وهذا يعني أنها توافق مبدئيا على عمليات غير مباشرة تهدف إلى دعم الجيش المالي لوجيستيكيا. وفي الرياضة فإن انطلاق بيع التذاكر لمقابلة الجزائر ليبيا اليوم تخللته مناوشات حادة بين الأنصار والمنظمين وقوات الأمن بينما لايزال الرهان على مقابلة نظيفة خالية من شوائب مقابلة الدارالبيضاء التي انتهت بمعركة ركل وضرب ومطاردة أمام عدسات المصورين والجمهور. عبد السلام بارودي تكريم الأموات.. من منطق السلطة إلى ثقافة النخب !! استمعنا بحر الأسبوع الماضي، إلى خطب عصماء وشهادات بالجملة تمتدح الانجازات الوطنية والخصال الإنسانية لفقيد الجزائر العقيد الشاذلي بن جديد عليه رحمة الله، وقبله بأشهر قليلة عشنا المشهد نفسه مع الرئيس الأول للجمهورية الراحل أحمد بن بلة، وكان المجاهد الكبير عبد الحميد مهري قد سبقهما إلى جوار ربه، فتكلم الكثير من الصامتين بعد سكوت طويل، مشيدين بمناقب الرجال، ومذكّرين بفضلهم على الجزائر. جميل أن نذكر موتانا بخير حين يفضون إلى خالقهم، والأجمل أن نقرّ بحسن صنيعهم لصالح العباد والبلاد، مع أن نقد السياسات والخيارات والتوجهات ونتائج الأعمال في ممارسة المسؤوليات لا يتنافى تماما مع تكريم الموتى، شريطة أن يتجرّد من الحسابات الضيقة والخلافات الشخصية، ويتسامى على الانتصار للنفس والجهة والعصبة والإيدولوجيا. في بلادنا للأسف من الاستقلال إلى اليوم، يعيش "الكبار" ممن تضيق بهم السلطة ذرعا لمواقفهم وأفكارهم، على هامش الأحداث الوطنية، يمنعون من التداول السياسي والإعلامي، ويعزلون عن الجماهير، نكاية فيهم وانتقاما منهم، وترهيبا لغيرهم من فواعل الساحة الوطنية ممن يهمّون بالخروج عن بيت الطاعة، حتى إذا رحلوا عن الحياة الدنيا، أقيمت لهم الجنائز الرسمية وأعلن الحداد لفقدانهم، ثم تبارت الإذاعات والصحف وشهود "التاريخ" في الثناء عليهم واستحضار بطولاتهم وتضحياتهم وإخلاصهم للوطن، وتحولت الاتهامات الباطلة والسخافات الكاذبة التي نالت منهم في زمن الظلمة والظلم طيلة سنين وربّما عقود، إلى "فتوحات وطنية"، وصارت قراراتهم التاريخية وخياراتهم الحاسمة محل إشادة بالحكمة والتبصر والحنكة وحب الوطن!. لقد ظللنا نسمع في روايات الرسميين أن انتفاضة 5 أكتوبر هي "شغب أطفال" وبداية العدّ التنازلي نحو منحدر الفتنة والفوضى الأمنية، حتى هبت نسائم الحرية وعصفت رياح الثورات الشعبية، فأطل علينا حكام البلد، بشهادة براءة تاريخية، مفادها أن الجزائر عاشت ربيع الحرية في خريف 1988، وبمقتضى ذلك، انتقل الراحل الشاذلي بن جديد من وضع المتهم بالتواطؤ مع الأصولية وفتح الباب أمام جماعات التطرف والإرهاب وتصفية آثار البومدينية، إلى أبي الديمقراطية والتعددية والرفاهية الاجتماعية! قد يقول قائل بحسن نية، إن الاعتراف بالخطيئة والعدول عن الذنب خير من الإصرار عليهما، بيد أن الواقع ينبئنا أن "تكريم الموتى" تحول إلى مجرد موقف لتجديد عذرية السلطة وتحصين شرعيتها المهددة بالسقوط، حينما بدأ التاريخ يتكشف عن الحقائق الدامغة، ليُنصف الرجال وينطق بأحكامه النهائية في حق الحكام المتعاقبين على شؤون البلد. ورد ذكر الراحل الشاذلي بن جديد على سبيل المثال لا الحصر، فغيره يعدّون بالمئات من رجالات دولة وسياسيين ومثقفين وإعلاميين وفنانين وحتى رياضيين أحيانا، ممن قضوا بقية حياتهم محاصرين بين جدران العزلة القاتلة في سجن مادي ومعنوي رهيب. بوليفة.. الفنانون الجزائريون يموتون ب«القنطة" غيّب "المرض العضال" فنانا جزائريا آخر ذهب في غمرة من ذهبوا موجوعين ب«نضال طال دون أن ينتهي أو يجد مستقرا"، فكان محمد بوليفة الذي يصفه كثيرون بأنه "علامة بارزة في مسار الموسيقى الجزائرية"، فهو صاحب "بلادي أحبك" لوردة الجزائرية، و«أوبيرات" "قال الشهيد" و«حيزية". وتلقى الراحل بوليفة تعليمه الأول في مسقط رأسه، وانتقل إلى الوادي التي أنهى بها دراسته الثانوية، ثم انتقل إلى العاصمة حيث درس الفنون الجميلة ببرج الكيفان وتخرج منشطا ثقافيا وبعدها تحصل على منحه لدراسة الموسيقى ببغداد لتبدأ بعد ذلك رحلته مع الغناء والتلحين، إذ لحن العديد من الأغاني. واشتهر الراحل في بداياته بالأغنية التراثية "ماما لابسة الزرقاطي" التي أداها في السبعينيات حيث أعاد تأليفها مع الشاعر سليمان جوادي، وفي 1994 أصدر أول "ألبوم" له عن قصائد لنفس الشاعر. ولم يختلف "حظ" بوليفة عن غيره من الفنانين الذين رحلوا في "صمت" أمثال المسرحي توفيق ميميش وكمال كربوز وخليفي أحمد والعربي زكال وشريف خدام ورشيد فارس والهاشمي ڤروابي.. فالرجل "استفاد" من جنازة متواضعة وألقيت عليه "النظرة الأخيرة" في قصر الثقافة "مفدي زكريا" بالعاصمة، بحضور من بكوا وتأسفوا وأشادوا ب«مناقب الراحل" على شاكلة "كي مات علقولو عرجون" مثلما يقول المثل الشعبي الجزائري. وغادر الفنانون الراحلون وفي أنفسهم أحلام لحل مشاكل لطالما نادوا بضرورة إيجاد حل "عادل" لها كقانون الفنان والتغطية الاجتماعية وغيرها. وإن كانت وزيرة الثقافة خليدة تومي التي احتفظت بمنصبها في حكومة عبد المالك سلال، قالت إنه "لا وجود لشيء اسمه قانون الفنان"، إلا أن واقع الحال يقول إن "الموت البطيء" يتهدد قطاعا واسعا من الفنانين الذين يبدعون دون أن يطلبوا مقابلا من هذا أو ذاك سوى دعوتهم إلى الاعتراف ب«وجودهم كفنانين"، و«رد الاعتبار لهم" في وسط كثر فيه "الأدعياء" و«الدخلاء" الذين نالوا أكثر من حظوة في جزائر "خمسين سنة بعد استرجاع الاستقلال". أيمن السامرائي بمصابها الجلل في شخص رئيسها الأسبق المجاهد الشاذلي بن جديد تتكبد الجزائر التي نذر لها حياته رزءا فادحا في أحد أبنائها البررة المغاوير الذين وفوا بما عاهدوا الله عليه في الجهادين الأصغر والأكبر، إن هذا الرجل الذي بذل ما في وسعه بذله في خدمة وطنه وشعبه حقيق بأن تخلد له أعماله الجليلة التي ستظل معالم بارزة في سيرته الحافلة مجاهدا وقائدا عسكريا ورئيسا ذكرا جميلا على مر العصور في قلوب رفاقه وكافة أبناء الجزائر وأبناء الأمتين العربية والإسلامية وجميع الذين ناضلوا وما زالوا يناضلون عبر العالم في سبيل الحرية". عبد العزيز بوتفليقة «لقد كان الأستاذ البروفيسور بيار شولي حكيما وكان طوال حياته نعم القدوة في الالتزام والحزم والمثابرة في سبيل قضية استقلال الجزائر النبيلة ثم من أجل تشييدها، سواء تعلق الأمر بأعمال تبدو بسيطة كمرافقة قادة الثورة الجزائرية أو بأنشطة فكرية حساسة مثل تنشيط يومية المجاهد لسان حال جبهة التحرر الوطني خلال حرب التحرر الوطني، أو بالمساهمة غداة الاستقلال في الرقي الاجتماعي للسكان الجزائريين من خلال صياغة وتنفيذ إستراتيجية للقضاء على الأمراض المعدية، لا سيما السل، ما فتئ الفقيد شولي ينفرد بشجاعته وإيمانه وتواضعه".. عبد المالك سلال «لقد كان الرئيس الشاذلي بن جديد رجلا مخلصا وفيا صادقا، وقامة محترمة سامقة من قامات الجزائر وأحد أبنائها البررة، ورمز من رموز هذا الوطن وفقه الله كي يجمع بين الجهادين، قضى شبابه فارسا من فرسان ثورة التحرير المجيدة معززا قوافل المتطوعين في صفوفها، لم تنقطع صفحات حياته التي ظلت متواصلة بالنفس والتضحية من أجل الوطن، إنه رجل كبير ساس البلاد بقلب صبور وبصدر رحب وتفاؤل منقطع النظير، استطاع خلال أكثر من عقد من الزمن أن يستوعب مشاق التحولات".. محمد الشريف عباس «إن وتيرة إنجاز السكنات المدرجة في البرنامج الخماسي 2010 – 2014 لا تزال دون الآمال المرجوة، حيث إن عدد السكنات المنجزة سنويا لا يتعدى 80000 إلى 85000 وحدة، بينما يجب أن تبلغ 200000 وحدة سنويا، حتى نتمكن من بلوغ 2 مليون سكن بنهاية سنة 2014، الأولوية ستعطى لإنجاز الأحياء المدمجة التي تتوفر على كل الهياكل والخدمات العمومية الضرورية لحياة المواطن، وعندما يصبح توزيع السكن لا يؤدي إلى قطع الطرقات أو حرق عجلات السيارات، وعندما يتراجع الطلب بالوتيرة التي تتمناها السلطات العمومية، فإن ذلك يعني أننا في الطريق الصحيح". عبد المجيد تبون «هناك ترتيبات إضافية يتضمنها ميثاق المصالحة الوطنية، والتي قد يتخذها رئيس الجمهورية شخصيا، إن الأمر يهم فئات ضحايا الإرهاب الذين لم يستفيدوا إلى حد الساعة من تعويضات في إطار الميثاق الذي تم التصويت عليه عن طريق الاستفتاء سنة 2005، كما يتعلق الأمر بمبعدي الجنوب الذين تعرضوا لمعاناة نفسية والأطفال الذين ولدوا في الجبال والذين لم يتم تسوية وضعيتهم، إن الميثاق ينص على مادة تخول هذه السلطة لرئيس الدولة بصفة خاصة الذي يتخذ القرار متى شاء وهو الوحيد الذي يحدد الوقت المناسب". فاروق قسنطيني «علمنا بأسف شديد بإعلان مسؤول في الوزارة العراقية عن إعدام المواطن الجزائري عبد اللّه بلهادي بن أحمد، إننا ندين هذا الإعدام، ونعرب عن عدم فهمنا لغياب التعاون من طرف السلطات العراقية المعنية التي لم نتوقّف عن مطالبتها بمنحنا معلومات رسمية حول العدد الدقيق للسجناء الجزائريين، هوياتهم وأسباب التهم المنسوبة إليهم وخاصّة تفاصيل الإجراءات القضائية بغرض طمأنتنا في المعايير المطبّقة لضمان حقّهم في الحصول على دفاع عادل"