علمت ''البلاد'' أن الشيخ أبو جرة سلطاني قد أقام أمس مأدبة إفطار جماعي ببيت نائبه عبد الرزاق مقري، حضرته قيادات إسلامية مرموقة من حزبي النهضة والإصلاح، إضافة إلى جماعة وحدة الصف وقيادات مستقلة يتقدمهم الشيخ أحمد بوساق والدكتور عمار جيدل· وفي اتصال معه، رفض محمد جمعة، الأمين الوطني للإعلام في حركة مجتمع السلم، التعليق على الخبر واكتفى بالقول إن اللقاء كان أخويا بين أبناء أسرة واحدة يجمعها أكثر مما يفرقها وأكد جمعة بأن اللقاء لا يحتمل أية قراءة سياسية· وعلى خلاف نفي محمد جمعة للمعنى السياسي لإفطار أمس، إلا أن هذا الأخير لا يخلو من معنى سياسي، فمن غير المستبعد أن يندرج هذا اللقاء في سلسلة لقاءات البحث عن الذات التي اعتاد التيار الإسلامي تنظيمها، غير أن ما يؤاخذ على التيار الإسلامي في الجزائر هو أن مساعيه كانت تبدأ من نقطة الانتهاء ومن المحصلة كما حدث مثلا مع رابطة الدعوة الإسلامية، التي حاول التيار الإسلامي بناء صرحها حتى قبل الشروع في تمهيد الأرضية لذلك· وما يفسر هذا الطرح هو أن جمهور التيار الإسلامي وبعض زعمائه كانوا رهائن عاطفة وحدة إسلامية جياشة غلبت على سلوكاتهم، جعلتهم لا يؤمنون إلا بمنطق الكل أو لا شيء·أما العقلية التعاقدية، فكانت في حكم العدم عند هذا التيار الذي لا يحسن التفريق بين الاختلاف مع ذاته أو مع الحزب حول نقطة معينة والتحالف معه حول نقطة أخرى، وإذا كانت العاطفة قد حكمت قبضتها على بعض شيوخ التيار الإسلامي، فالحيلة والأنانية والزعامة عند هؤلاء كانت تتحكم في مصير تيار إسلامي بكامله· وإذا كان منطق استنساخ التجارب الفاشلة، كما كان يقول شيخ رابطة الدعوة الإسلامية الراحل أحمد سحنون قد أضحى لبوسا لزعماء التيار الإسلامي في الجزائر، فإنه ليس عيبا أن يستلهم زعماء اليوم من تجربة التحالف الرئاسي الناجحة على الأقل في الإبقاء على هيكل بروح أو بدونها لم يتمكن الإسلاميون من الحفاظ على مثله، خاصة وأن زعماء الأمس قد أفضى بعضهم إلى ما قدم فيما أضحى البعض الآخر في حكم الراحل· كما أن التيار الإسلامي الذي كان يعرف بأنه أكثر التيارات انضباطا قد عرف تحولا كبيرا جراء الصراعات والنزاعات والأزمات التي نخرت جسده وهزت روحه، وكانت آخر الأزمات تلك التي عصفت بحمس بعدما استعصت على الانشطار في حياة الراحل محفوظ نحناح وعهدة كاملة من رئاسة سلطاني· وغير بعيد عن رحيل الزعامات و انتشار انفلوانزا الأزمات في كل الأحزاب الجزائرية، بما في ذلك الإسلامية منها، فإن الزعماء الجدد في حل من كل ما كان يثقل كاهل الزعماء الأوائل، ما يعني أن مبررات الانطلاقة الجديدة متوفرة وقائمة، خاصة وأن هذا التيار بفلسفة الانطلاقة الأولى وآلياتها وأهدافها، يكون قد دخل مرحلة انتقالية قبل الاستبدال وهي مرحلة سواء طالت أم قصرت، إلا أن الحاجة إلى تكرار اللقاءات التي تذيب جليد الأمد السياسي بين مختلف أطياف التيار الإسلامي على غرار الذي أقامه رئيس حمس، تبقى مطلوبة في انتظار أن يخطو هؤلاء الزعماء خطوة جديدة في مسار تجويد الأداء السياسي الإسلامي في الجزائر، سواء الفردي أو الجماعي منه بعد عشرين سنة من التواجد في الساحة السياسية والدعوية، إن صح قول ذلك·