اختار الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، جامعة تلمسان، كمحطة أساسية خلال زيارته التي سيقوم بها إلى الجزائر يومي 19 و20 ديسمبر الجاري، تساؤلات كثيرة عن دوافع هذا الخيار، خاصة وأن الرئيس السابق نيكولا ساركوزي اختار قسنطينة، فيما اختار الرئيس الفرنسي الأسبق، جاك شيراك ولاية وهران، ويبقى أن رهان زيارة هولاند مرتبط في كل الأحوال بملفات الذاكرة التي سيكون مضطرا للحديث عنها أمام الجزائريين، والتي تبقى حجر الأساس في العلاقات الثنائية بين البلدين. وقد جرت عديد التحضيرات استعدادا لزيارة هولاند والتي كانت مسبوقة بزيارة وزيرة الفرنكوفونية إلى الجزائر، ويضاف إلى ذلك الزيارة الأخيرة لجان بيار رافاران، المكلف بمتابعة الاستثمارات الفرنسية في الجزائر، الذي أجرى محادثات مع وزير الصناعة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وترقية الاستثمار، شريف رحماني، لتسوية الملفات الاقتصادية العالقة وفي مقدمتها مشروع رونو للسيارات، وقد حمل الوزير الأول السابق، رافاران، في زيارة العمل التي تقوده إلى الجزائر تكليفا من الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بمواصلة المباحثات حول مشاريع شراكة اقتصادية بين البلدين قبل أقل من شهر من الزيارة المرتقبة للرئيس الفرنسي إلى الجزائر. وبغض النظر عن الملفات الاقتصادية التي ما تزال رهينة الإرادة السياسية وملفات الذاكرة العالقة بين البلدين، فإن زيارة هولاند إلى الجزائر المقررة يومي 19 و20 ديسمبر الجاري والتي يصفها البعض بالتاريخية، فبعد أن امتنع شيراك في زيارته عن الإدلاء بأي تصريح خاص بالذاكرة، واكتفى ساركوزي، بالحديث عن تصوره للتاريخ المشترك بين البلدين، فإن هولاند مطالب بمزيد من التوضيحات والصراحة في مواقف فرنسا. ولعل ما يبعث أملا في كون تصور هولاند مختلف عن سابقيه من الرؤساء الذين توالوا على الدولة الفرنسية، هو اعترافه بكل وضوح بالقمع الدموي الذي تعرضت له مظاهرة الجزائريين في باريس في ال17 أكتوبر 1961'،و في تصريح أكثر جرأة بالنسبة لرئيس فرنسي بخصوص المجازر التي ارتكبت في حق جزائريين، وقال هولاند: في ال17 أكتوبر 1961، جزائريون تظاهروا من أجل الحق في الاستقلال فقتلوا بسبب القمع الدموي. وتعود فرنسوا هولاند قبل وصوله الرئاسة الفرنسية، على التعاطي مع تلك الأحداث، وقد شارك العام الماضي لما كان مرشحا عن الحزب الاشتراكي الفرنسي لمنافسة نيكولا ساركوزي، في احتفالية أقيمت ب »جسر كليشي« في الضاحية الباريسية، وقام بإلقاء باقة ورود في مصب نهر السين، و قال 'أريد أن أكون وفيا لوعودي التي قطعتها. هي كلها مؤشرات تؤكد وجود نية للذهاب بعيدا فيما يخص ملف الاعتراف بالجرائم التي ارتكبتها فرنسا الاستعمارية بالجزائر، في انتظار ما ستسفر عنه هذه الزيارة.