حذر محند برقوق من مخاطر التدخل الأجنبي في شمال مالي على استقرار البلاد، ورجح تحول منطقة الساحل بشكل عام في حال وقوع التدخل العسكري إلى “حاضنة للإرهاب العالمي". فيما أشار المختص الأمني نور الدين عمراني إلى إمكانية استعانة الجماعات الإرهابية في المنطقة ب«المرتزقة". وحذر برقوق، في ندوة نظمها أمس بيومية “المجاهد"، من خطر التدخل الأجنبي في شمال مالي، متوقعا إمكانية حدوث أربعة سيناريوهات أولها انحسار الجماعات الإرهابية الى داخل الأراضي المالية، وهو ما يشكل حسبه خطرا على وحدة دولة مالي. كما تطرق الى سيناريو آخر يتمثل في امتداد هذه الظاهرة إلى دول الجوار مثل موريتانيا والتشاد دون أن يستبعد محاولة اختراق الإرهاب للحدود الجنوبية للجزائر. إلا أن محند برقوق اعتبر أن الأمر الأكثر خطورة هو امتداد الجماعات الإرهابية نحو دولة ليبيا، لعدة اعتبارات سردها اأناء تدخله في ندوة “المجاهد" منها “فشل دولة ليبيا الحديثة في كسب شرعية اجتماعية" بالإضافة للانتشار الواسع للأسلحة في ظل غياب “مؤسسات قوية للدولة الليبية". وفي هذا السياق، اعتبر الطيار المتقاعد والمختص الأمني، نور الدين عمران، أن الثلاثة آلاف جندي الذين طالبت المنظمة الإفريقية بتجنيدهم للتدخل في مالي بمثابة “جنود على الورق" لا يمكنهم القيام بأي عملية ضد الجماعات الإرهابية في شمال مالي، بالنظر إلى صعوبة المنطقة جغرافيا وعدم استعدادهم لحرب العصابات التي “تعودت عليها هذه الجماعات المسلحة". كما تساءل في صيغة تحذير عن إمكانية لجوء هذه الأخيرة الى الاستعانة بجنود آخرين، مما يرجح فرضية استعانتهم بمرتزقة من دول أخرى. ودعا الخبراء والمتابعون للوضع في شمال مالي ومنطقة الساحل، إلى ضرورة تبني المجتمع الدولي الموقف الجزائري بخصوص هذه القضية، والذي اعتبروه “مقاربة شاملة" للأزمة، رغم أن الجزائر حسب المتدخلين لم تستبعد التدخل العسكري، شرط حصره في محاربة الإرهاب والجريمة المنظمة. ومن هنا تأتي أهمية التنسيق الأمني المحلي، بين الدول المعنية فقط دون غيرها، وهو ما تحاول الجزائر القيام به لتجنب أي وجود أجنبي مهما كانت طبيعته في منطقة جد حساسة للجزائر، التي ترى أن التدخل الأجنبي سيوسع رقعة التهديدات الأمنية وسيضاعف من الأزمة، حيث تتخذه الجماعات الجهادية المتشددة غطاء لإضفاء الشرعية على أعمالها وجلب الجهاديين إلى المنطقة من كل أنحاء العالم، وبالتالي فإن خصوصية الجزائر تكمن في اضطلاعها بمهام مكافحة الإرهاب في الداخل، ويقينها أن التدخل الأجنبي إنما يغذي الأزمات ولا يجد لها حلا. لذلك فإن التحرك الجزائري يبدو محكوما باحترام سيادة الدول ووحدتها الترابية، وقد حرصت الجزائر منذ سنوات على أن تكون وساطتها الدبلوماسية محكومة بمبدأ احترام الوحدة الترابية للجوار والحل عن طريق الحوار المباشر مع جميع الأطراف، وهو الحل الذي تركز عليه دبلوماسيتها لوقف الخطر القادم من شمال مالي.