عرفت جنازة القيادي في حركة النهضة مصطفى بوفرة الذي وافته المنية يوم الخميس الماضي، حضورا تاريخيا لأبناء التيار الإسلامي السياسيين منهم أو أولئك الذين آثروا العمل الدعوي الإسلامي خارج السياسة. فقد شهدت جنازة المرحوم بوقرة، حضور معظم القياديين السياسيين الإسلاميين، في مقدمتهم فاتح الربيعي أمين عام حركة النهضة والشيخ جاب الله الذي تنقل مرفوقا بوفد كبير من أعضاء المكتب الوطني السابق للإصلاح. كما سجل زعيم حركة مجتمع السلم الشيخ أبو جرة سلطاني، حضورا لافتا، إذ كان من بين المتدخلين الأربعة الذين ألقوا كلمة تأبينية للفقيد. ومن بين الحضور نجد كذلك الدكتور جهيد يونسي أمين عام الإصلاح والدكتور أحمد بن محمد . كما لوحظ تواجد بارز لقدامى التيار الإسلامي بشقيه النهضة التاريخية أو حركة المجتمع الإسلامي أو ما كان يعرف برابطة الدعوة الإسلامية، إذ حضر كل من دكتور علم الاجتماع مراد زعيمي وهو أحد الوجوه الإسلامية البارزة والذي كان من المؤسسين الأوائل لحركة النهضة الإسلامية بمعية جاب الله والأستاذ مصباح أحد رموز جماعة الشرق الجزائري. كما شوهد القيادي السابق في حماس بوجمعة عياد والسعيد مرسي يسلمون ويتبادلون الحديث والسؤال مع الشيخ أبو جرة سلطاني زعيم حمس. كما كانت الفرصة مناسبة للعناق والبكاء والتصافح وربما التسامح خاصة وأن الحدث كان جنائزيا صرفا. الحضور الكبير والقياسي -أكثر من 5آلاف شخص حسب ما قدره بعض المشاركين -من أبناء التيار الإسلامي الذين حضروا تشييع جنازة مصطفى بوقرة، أسرهم وأغبطهم كثيرا صور هؤلاء الساسة الإسلاميين أو الإخوة الفرقاء جنبا لجنب. كما هو الحال مع صورة لتصافح وعناق بين أبو جرة والشيخ جاب الله مع ما تحمله هذه الصورة من دلالة كبيرة أو عندما يرى فاتح ربيعي وجهيد يونسي في عناق وتصافح مع زعيم النهضة والإصلاح سابقا الشيخ جاب الله، بعدما فرقتهم السياسة لسنوات عدة. هذه الأجواء الحميمية والأخوية تذكرنا بسنوات الانفتاح السياسي في الجزائر، حيث كانت تقام مثل هذه اللقاءات بصورة عادية في مشهد لرموز أبناء التيار الإسلامي وهم يتبادلون الحديث والسؤال عن حالهم وأحوالهم. وحسب الكثير من المتتبعين للشأن الإسلامي في الجزائر، فإن جنازة القيادي في النهضة، كانت فعلا فرصة مناسبة بعدما تمكن من خلالها أبناء التيار والفكر الواحد الالتقاء والحديث المباشر والأخوي، فنادرا ما تشهد الجزائر مثل هكذا مناسبة. وللتذكير فآخر مرة التقى فيها عدد كبير من الإسلاميين كانت جنازة الزعيم الراحل الشيخ محفوظ نحناح في جوان من سنة 2003 ليكون هذه المرة الموعد مع أحد وجوه الدعوى الإسلامية في الجزائر والذي جسد بصدق مقولة، إنه في بعض الأحيان يفعل الأموات ما يعجز عنه الأحياء.