عاش حزب جبهة التحرير الوطني، في اليومين الماضيين واحدة من أصعب فتراته في العشرية الماضية على الأقل، وذلك بسبب انقسام أعضاء المكتب السياسي إلى فريقين، وتمسك كل فريق بمطالبه رافضا الرضوخ لخصمه، قبل أن تحسم الأصوات الأربعة مسيرة 8 سنوات قضاها عبد العزيز بلخادم على رأس الأفلان. وقد أثبتت المؤشرات التي صاحبت عملية التصويت على سحب الثقة أو تجديدها للأمين العام للأفلان عبد العزيز بلخادم، يوم الخميس المنصرم بفندق الرياض سيدي فرج، أن دورة اللجنة المركزية السابعة ستكون حاسمة وربما أصعب من دورة اللجنة المركزية التي سحبت فيها الثقة من الأمين العام الأسبق الراحل عبد الحميد مهري، خاصة أن الدورة صاحبتها إجراءات تنظيمية صارمة لم يسبق لها مثيل، وحتى الصحفيين تم منع من لا يحمل منهم "الشارة" الاقتراب من الفندق، ومنذ حدود الساعة الثامنة صباحا شرع أعضاء اللجنة المركزية من التوافد على القاعة، وتشكيل مجموعات صغيرة وكل طرف أخذ يدافع عن رأيه، وبعد وصول الوزراء شرعوا في مشاورات مع أعضاء اللجنة المركزية الذين لم يحسموا أمرهم بعد، حيث بدأت عملية "كولسة" كبيرة مصحوبة بكثير من الإشاعات، وفي حدود الساعة التاسعة صباحا دخل بلخادم القاعة الشرفية للفندق، ومباشرة استقبل عضوين من اللجنة المركزية المعارضين له، حيث أعلمهم برفض شروطهم، غير أنه مكنهم من أن يكون لهم ملاحظون في عملية التصويت، ليتأخر انطلاق أشغال الدورة اللجنة المركزية إلى غاية منتصف النهار من يوم أول أمس، حيث دخل بلخادم القاعة تحت تصفيقات أنصاره وتصفيرات معارضيه، ليعلن بلخادم مباشرة بعدها عن انطلاق عملية التصويت بتشكيلة فيها عضوان من "التقويمية" بينهما أحمد شاكر وعضوان من أتباع بلخادم وهما أحمد حنوفة والطاهر خاوة وبإشراف المحضرة القضائية، هذه الأخيرة شرعت في شرح عملية التصويت التي كانت عبارة عن ورقة واحدة تحمل عبارتين "ضد سحب الثقة" و "مع سحب الثقة"، ليتم بعدها الشروع في منادات أعضاء اللجنة المركزية للتصويت، وكان أول عضو صوّت هو عبد العزيز بلخادم، قبل أن يعود للمنصة ويعتكف فيها لأكثر من 3 ساعات، صامتا ومتابعا لعملية التصويت. 4 أصوات .. صنعت الفارق وبعد انتهاء عملية التصويت قامت المحضرة القضائية بالإعلان عن عدد المصوتين وهم 223 عضوا من أصل 330 عضو مسجل، وبعدها تم الشروع في فرز الأصوات، التي تمت إعادتها بعد فرز حوالي 25 صوتا بسبب خلاف حول إحدى أوراق التصويت، وقد ظهرت علامات القلق والترقب على جميع أعضاء اللجنة المركزية، وبعد انتهاء عملية الفرز، أعلنت المحضرة القضائية عن سحب الثقة من بلخادم ب 160 صوتا مقابل 156 صوتا لصالحه، بفارق 4 أصوات كانت كافية لتصنع الفارق. بلخادم: "أنا فخور لأنني كرست الديمقراطية" مباشرة بعد إعلان نتائج الفرز، عبر عبد العزيز بلخادم عن افتخاره بالسير الحسن للعملية قائلا "مبروك على الجبهة، لقد كرست ممارسة الديمقراطية فمبروك علينا وهذه هي المنافسة الديمقراطية التي يجب أن نكرسها، وأتمنى أن يوفق من يخلفني"، ليغادر بعدها مباشرة القاعة، وعند خروجه من القاعة صرح للصحافة "انتصرت لأن الحزب انتصر وأخرج مرفوع الرأس وحققت نجاحات في عهدتي من التشريعيات إلى المحليات". وبعدها ركب سيارته وخرج من الفندق متجها لوجهة مجهولة. جدول أعمال الدورة أشعل الصراع بين الطرفين غادر بلخادم وترك وراءه صراعا قانونيا بين التقويمية وأتباعه، بسبب من يتولى تسيير أشغال الدورة، حيث دخل كل طرف في اجتماعات مغلقة، غير أن المفاجأة كانت عودة بلخادم إلى القاعة محاطا بعشارات من أتباعه، وجلس في المقدمة، مصرا على مواصلة أشغال الدورة المتمثل في تشكيل مكتب الترشيحات وانتخاب أمين عام جديد، وهو ما رفضه خصومه، الذين اعتبروا أن جدول الأعمال لم يتم عرضه للتصويت وبالتالي فهو باطل، غير أن جناح بلخادم تمسك من جانبه معتبرين أن المعارضين كما قبلوا بالصندوق الذي كان ضمن جدول أعمال الدورة فذلك يعتبر بمثابة المصادقة على جدول الأعمال، ومع ذلك لم تهدأ الأوضاع خاصة بعد أن هدد كل طرف باستعمال القوة واحتلال المنصة، ليدخل بعدها بلخادم وحجار في مناقشة، داعيا بلخادم، إلى التراجع عن موقفه، في جو مشحون كان ينذر بالانفجار في أي وقت، خاصة أن التقويمية كانت تصر على تشكيل مكتب مشترك بين الطرفين، ورفع الدورة وتأجيلها لمدة 15 يوما، وبعدها غادر بلخادم القاعة، وظل أنصاره يترقبون وفي حدود الساعة الحادية عشر ليلا، حاولت التقويمية تنصيب مكتب الدورة لتندلع بعدها اشتباكات بين الطرفين. وفي صباح يوم أمس، أعلنت المحضرة القضائية أن جلسة أول أمس، لم يتم رفعها ولم يشكل أمامها مكتب دورة، الأمر الذي سوف تدونه في المحضر، وأعلنت أنه يمكن لبلخادم أن يواصل مهامه مؤقتا، لتقوم بعدها جماعته بإرغامه على الصعود، ليعلن أنه يقترح تشكيل مكتب الترشيحات "مكون من 6 من عندهم و6 من عندنا، يقومون بجمع الترشيحات"، مضيفا أن المكتب السياسي لم يسحب الثقة منه وهو من سيواصل تسيير الحزب إلى غاية انتخاب أمين عام جديد، ليعلن بعدها عن مواصلة أشغال الدورة بعد صلاة الجمعة.