نظر المعري يوما إلى ديك يذبح.. بأمر من عراف.. فرثاه قائلا: (استضعفوك فوصفوك.. هلا وصفوا شبل الأسد).. وغرض المعري أن الناس يطيحون بالأضعف.. وينأون بأنفسهم عن الأقوى خوفا من ردة فعله. وما ينطبق على ديك المعري.. ينطبق أيضا على بعض الرؤوس الحزبية الكبيرة.. التي هوت هذه الأيام.. وتناثرت شظايا أدمغتها على الأرض. ولأن الجزائر بلد المعجزات.. كما وصفها مفدي زكريا.. فلا غرابة أن نشهد موسما لقطف الرؤوس اليانعة.. وقد حان لمسرور السياف أن يضيفها إلى مائدته.. التي لا تخلو من الرؤوس والأكارع والأحشاء والأذناب. *** رمى أويحيى المنشفة.. وقفز من الحلبة هاربا.. قبل أن يتلقى الضربة القاضية ويحتسب له الحكم.. في حين صعد بلخادم إلى الحلبة في تحد صارخ لمصارع “السومو”.. فصعقه هذا الأخير بتيار عالي التوتر.. بلغت شدته 160 فولت حارقة.. فانتفض مثل الديك المذبوح.. وسقط على الأرض مضرجا بدماء الهزيمة. مساكين هؤلاء الناس.. يولدون بمؤامرة.. ويموتون بمؤامرة… وفي كل موسم حصاد.. يتحسسون رؤوسهم إن كانت لا تزال في أماكنها.. وإن كانوا في قائمة الانتظار أم لا.. وبين الولادة والموت.. ينخرطون في وليمة الديكة الطازجة. *** عندما يشيخ السياف مسرور.. ولا تعود يداه المرتعشتان تقويان على تحريك السيف.. وتتراجع شهية الحجاج عن التهام مزيد من الرؤوس.. يتقدم الحجاج نفسه.. ليسلم رأسه لمسرور الجديد.. قربانا للعراف.. الذي نسمع عنه ولا نراه. بقي أن نسألكم يا هؤلاء: ألستم جميعا ديكة المعري.. غير أنه لا معري يرثيكم.. أليست قبيلتكم تنجب “المؤامرات العلمية”.. وليس الشعراء؟